[email protected] قديماً قالوا ( التسوى بإيدك يغلّب أجاويدك ) ،وهذا المثل ينطبق تماماً على حزب المؤتمر الوطنى الذى فشل في إتفاقية السلام الشامل ، بل قد تحتاج عقابيل هذه الإتفاقية المشئومة التى خلّفتها في أبيى وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، الى ترتيبات أخرى لإطفاء لهيبها ، وهذا ليس ببعيد ولا يقع في خانة التنجيم أو الإرتزاق بحسب ما نراه على أرض الواقع السودانى والواقع الدولى . حزب المؤتمر الوطنى وطّن الفقر في البلاد بفشله فى الزراعة والصناعة ، وقديماً قالوا أيضاَ ( كثرة السلام من قلة المعرفة) فالكلام الكتير عن صناعة السكر لم يزد هذه السلعة إلاّ ندرة وغلاءاً ، والكلام الكثير عن المعادن وعلى رأسها الذهب لم يزدنا الاّ فقراَ علي فقر مع ارتفاع سعر الدولار والعملات الأجنبية الأخرى. والكلام الكثير عن الزراعة أصبح ممجوجاً لايسمن ولا يغنى من جوع . وقد أدهشنى حديث الدكتور رئيس جمعية حماية المستهلك الذى حلف بالثلاثة أن اجتهادهم في تخفيض سعر اللحوم لا يندرج تحت النشاط السياسى وإنما هو عمل انسانى بحت . ونحن نتساءل عن الفرق بين الإقتصاد والسياسة..أليس هما وجهان لعملة واحدة....وشنو الدخّل الإنسانية هنا... نحن في الصومال ولاّ شنو . وعموماً بدأ المسؤولون يتبارون في إطلاق التصريحات من واقع الإسقاطات النفسية والإحباطات التى يشعرون بها والتى خلّفها الإنحسار المفاجىء لأموال البترول مما قلب موازنة البلاد رأساَ عل عقب وهو ما لم يعملوا له حساباً رغم درايتهم بالسياسة والإقتصاد أو عدم درايتهم لا فرق . حزب المؤتمر الوطنى فشل في التعليم وذلك بالدفع بمخرجات لا هى بالمتعلمة ولاهى بالأمية إلاّ من رحم ربك . ومنذة فترة وجيزة تم طرد أحد الأساتذة من إحدى كليات الولايات الشمالية بناءاً على رغبة طلبته الذين رفضوا تعليقه الذى أدلى به لأحدى وسائل الإعلام يصف فيه ضعفهم وقلة حيلتهم. حزب المؤتمر الوطنى كرّس الواسطة والمحسوبية ومايسمى بالتزكية ، وقد نما الى علمنا ممن نثق فيه أن بعض المهندسات المتقدمات لوظائف هندسية ، تم قبول بعض خريجات الآداب على حسابهن. حزب المؤتمر الوطنى قنن الفساد حتى أضحى كل من لا يفك الخط مليونيراً يشار إليه بالبنان ، مع تفشى الشركات مجهولة الهوية متعددة الأغراض طفيلية الأهداف ، معروف أصحابها وإلى أية جهة ينتمون . حزب المؤتمر الوطنى كرَس القبلية والجهوية والعنصرية حتى ظن بعض الجهلة والدهماء أنه من دواعى الفخر والمنجهة أن يذكر لك انتماءه القبلى بمناسبة ودون مناسبة مع ظن بائس بئيس بأن ذلك سيضيف شيئاً إلى غبائه الموروث . حزب المؤتمر الوطنى خرَب الخدمة المدنية والخدمة العسكرية وأدلجها لمصلحة منسوبيه كما خرّب الحباة الإجتماعية فاندثرت على إثر ذلك القيم الروحية الحقيقية وحلت محلها الخرافة والنفاق والكهنتة والدجل وذلك من أجل تأمين لقمة العيش العزيزة التى يتحكم بها الحزب . حزب المؤتمر الوطنى أجرى انتخابات شمالية مخجوجة بأموال الشعب ، وانتخابات جنوبية مخجوجة أيضاَ لإرضاء الأمريكان....والإنتخابات في كلتا الحالتين لا ينفصلان عن بعضهما البعض حيث تمت هندستهما بصفقة تضمن انفصال الجنوب من جهة ، وتعززمن قبضة الجبهة الإسلامية على الشمال من جهة أخرى ....وهم بذلك لا أرضاً قطعوا ولا ظهراً أبقوا ، ذلك أن العدائيات كمنت تحت الرماد ، وبعد انقضاء المراحل المحددة لذلك اندلعت الحروب من جديد التى ربما تسفر عن ترتيبات جديدة. حزب المؤتمر الوطنى ما زال يعالج مشاكل دارفور التى اعتبرها في البداية نهباُ مسلحاً فحسب ، بينما هى في حقيقتها تمرداً على الضيم والجوع والفقر والتهميش ، وهى ستكون لها إفرازاتها الجيوسياسية شئنا أم أبينا . حزب المؤتمر الوطنى استخدم القوة المفرطة في تأديب خصومه خاصة في سنواته الأولى مما أحدث شرخاً غائراً لم يندمل رغم مر السنون . حزب المؤتمر الوطنى عزل السودان إقليمياً ودولياً وما زال قادته يحلمون بالتقارب مع أمريكا وهو تقارب بعيد بعيد. وبعد ، لماذا يرفض حزب المؤتمر الوطنى تقديم تنازلات حقيقية للأحزاب من أجل تكوين حكومة وطنية تتجاوز كل جراحات الماضى الأليم وتستشرف المستقبل المشرق لأجيال السودان المشرئبة للعيش الكريم ، ولماذا يبث عيونه وأزلامه ليتحدثوا عن الفوضى التى يمكن أن تحدث إن هو أجرى بعض التنازلات المهمة ، ولماذا يتحدث عن (عواجيز) الأحزاب الذين لم يقدموا للبلد شيئاَ؟؟ وعن مؤتمرات الأحزاب التى لم تنعقد، وعن الديكتاتوريات داخل الأحزاب وهلم جرا.... ألا يكفيه (فخراً ) أنه انقلب على الديموقراطية ....وهل بعد الكفر ذنب . ألا يكفيه ما فعله برفاق الأمس بدم بارد وقلب فظ غليظ ، ألا يكفيه ما فعله بالبلد عامة وبئر معطلة وقصر مشيد ، أيحق له بعد الذى جرى أن يتحدث عن الوطنية والنزاهة والعدالة وسيادة القانون وهو قد سخّرها لخدمة منسوبيه فقط دون عموم أهل السودان الذين أنتهكت حرياتهم وخصوصياتهم وأكلت حقوقهم تحت بصر القانون . إن حزب المؤتمر الوطنى اليوم ليس لديه خيارات كثيرة ، بل لم تعد لديه خيارات أصلاَ اذا قرأ الخارطة العربية بشكل سليم .فخيار التفاكر الجدى مع الأحزاب لإخراج البلاد مما هى فيه من جمود ، خير ألف مرة – على مرارته - من ثورة شباب السودان الذى يمر نصفه بأزمة منتصف العمر دون مستقبل ودون أمل ، وهو يرى الأحداث من شباب المؤتمر الوطنى وهم يرفلون في حلل السعادة والنعيم وينحتون من الرخام بيوتاً فارهين. إن أفكار الربيع العربى تعيش بين ظهرانينا ونكاد نلمسها بأيدينا ، وحتى الجامعة العربية التى كانت قد ماتت سريرياً منذ فترة طويلة ، هزتها صحوة إنسانية مفاجئة بعد سقوط الفرعون و ملك الملوك ، وغيرهم ممن ذهب أو ما زال يفرفر فرفرة المذبوح الذى لا أمل في نجاته. إننا ننادى وما زلنا بالحل الوطنى الذى يضع مصلحة السودان فوق كل اعتباروإن كان حلاَ جراحياً مؤلماً للكثيرين..أما الطرق البينية الملتوية فهى لم ولن توصلنا الى هدف حقيقى واحد مما يفتح الباب على مصراعيه لكافة الإحتمالات .