رفض شبابه المشاركة في الحكومة.. وتعهدوا بفصل كلٍّ من يشارك. تقرير:رشان أوشي [email protected] إنتفاضة: يبدو أن تسونامي الربيع العربي قد حط على البلاد بصورة مختلفة قليلاً.. فقد بدأت أولى مراحله داخل أروقة الحزب الإتحادي الديمقراطي (الأصل) عندما إنتفضت قطاعات الطلاب والشباب ضد إتجاه الزعيم الروحي والسياسي للحزب السيد محمد عثمان الميرغني القاضي بالمشاركة في التشكيلة الوزارية المقبلة، بحيث قطع إئتلاف شباب الحزب بفصل كل من تسول له نفسه تقلد منصب وزاري مشاركا المؤتمر الوطني في حكومته التي يجري الإعداد لأعلانها قريبا، وهي مواقف أكثر صلابة مما عُرف عن الحزب.. الذي ظل الحزب يفتقر لها لأكثر من نصف قرن من الزمان منذ تاريخ نشوئه إبان الجبهة الوطنية ضد الإستعمار بداية القرن المنصرم. لم يكتف شباب الحزب بالتعبير عن موقفهم داخل أروقة الحزب بل تطور الأمر ووصل حد التظاهر أمام مقره بمدينة بحري وفي ذات الوقت الذي تجتمع فيه هيئة قيادة الحزب داخل المقر، وظلت الجماهير تهتف ضد المشاركة لوقتٍ طويل حتى طوقتها قوات مكافحة الشغب، وأفادت مصادر خاصة (التيار) بأن قوات الشرطة جاءت تلبية لطلب رئيس الحزب لإسكات أفواه شباب حزبه الذين دفعهم الحس الثوري إلى معارضته للمرة الأولى في تاريخ توليه رئاسة الحزب، وأفاد شهود عيان بأن أحد زعماء الحزب وصف المتجمهرين (بالشيوعيين) قائلاً (ديل ما إتحاديين البعارضو مولانا.. ديل شيوعيين). الهدّام: إعتبر المراقبون للشأن الإتحادي أن ما يجري داخل دهاليز الحركة الإتحادية طوال الفترة الماضية وهذه الأيام لا يعدو كونه نشاطاً هداماً يحطُّ من قدر الحزب ويفتُّ من عضده، فقد خرج عن الحزب الإتحادي (الاصل) قبل أشهر عدد مقدر من قياداته على رأسهم أحمد علي أبوبكر والباقر أحمد عبدالله وإتجهوا صوب حزب الدقير الذي يوالي الحكومة منذ فترة طويلة، ويرجع سبب مغادرة هؤلاء لكنف الميرغني إلى أن مشاركة الإتحادي في الحكومة مرت بعدة مراحل من الشد والجذب، فتارةً تتجه بوصلة الحزب صوب المشاركة بشكل واضح.. وأحيانا تتراجع إلى مادون ذلك في حالة من الضبابية التنظيمية التي تشوب موقف الحزب تجاه السلطة.. جعلت الراغبيين بشكل قطعي في الحقائب الوزارية يسلكون طريقاً قصيراً (Shortcut) يؤدي بشكل مباشر صوب ما يطمحون إليه. أما شباب الحزب فقد بات موقفهم واضحا، وأكدوا على لسان أمينهم في ولاية الخرطوم الأستاذ أمجد عوض ل(التيار): رفضهم القاطع لإتجاه الحزب صوب المشاركة اما وصفه ب(النظام المتهالك)، وقال أمجد أن قرار الشباب خرج بفصل كل من يظهر إسمه في التشكيلة الوزارية الجديدة، وأضاف نحن مع موقف علي محمود حسنين والتوم هجو ونناصر بقية القوى السياسية في موقفها القاضي بإسقاط النظام، وقال: سنتجه صوب أشقائنا في بقية الفصائل الإتحادية لنعمل من أجل توحيد الصف الإتحادي الذي أرهقته ورهلته الطائفية، وفي السياق فقد إنضم إلى ثورة الشباب نائب رئيس الحزب علي محمود حسنين الذي قطع بانّ كل من يشارك باسم الحزب ويصبح في خدمة المؤتمر الوطني وبرنامجه فإنّه يكونُ قد فعل ذلك تحقيقا لمكاسب ذاتية وبالتالي فإنه لا علاقة له بالحزب ولا يمثله على حد قوله. القشة القاصمة: أثناء الشد والجذب بين الوطني والإتحادي حول نسبة مشاركة الأخير في السلطة حصلت وسائل الإعلام على تسريبات توضح جملة الشروط التي طرحها الوطني للإتحادي لقاء مشاركة الأخير في السلطة، ومن أهمها مطالبة المؤتمر الوطني للسيد الميرغني بتحديد موقفه من نائب رئيس الحزب علي محمود حسنين والقيادي التوم هجو المقيمان في لندن، مما يؤكد أن مسألة مشاركة الإتحادي في السلطة لم تكن لأجندة وطنية بل رغبة في تقلد مناصب وقسمة الكيكة، وهو الأمر الذي لم يستبعده المراقبون خاصة وأن موقف الحزب صوب الحكومة والمعارضة قد بات ضبابياً في الفترة الماضية.. فهو الحزب الوحيد الذي يدَّعي معارضته للنظام الحاكم بينما لم يكن جزء من هيئة تحالف قوى المعارضة التي ضمت كل القوى السياسية ووقعت على ميثاق موحد في جوبا. إستبق القيادي الإتحادي علي محمود حسنين موقف حزبه يشير الى إنعدام الثقة تجاه السيد الميرغني، فقد أعلن حسنين براءة حزبه م-ن أي مشاركة باسمه في سلطة المؤتمر الوطني التي وصفها في بيانه الذي تناقلته وكالات الأنباء من لندن ب(الشمولية المنهارة)، وقطع بأن كل من يشارك انما يمثل شخصه تحقيقا لمصالحه الخاصة ولا علاقة البته للحزب بهذه المشاركة، وبرر حسنين لذلك مستندا على دستور الحزب ونظامه الأساسي الذي من المفترض أن يكون مرجعية لأي قرار تنظيمي وقال:( أن دستور الحزب الذي اجيز في مؤتمر المرجعية في مايو 2004م حدد رسالة الحزب في التي تحمل التصدي لكل أشكال الحكم الديكتاتوري والعمل المتفاني لتحقيق الوحدة والديمقراطية والسلام في البلاد والتعهد بالنضال ضد النظام بل والمقاومة)، وأضاف حسنين بقوله: (إنّ المشاركة في نظام شمولي ليس تقاعسا عن أهداف الحزب فحسب بل خروجاً عليه وخيانة لأهدافه، وبما ان كل مؤسسات الحزب وقياداته تستمد وجودها وشرعيتها من الدستور فانه لا يجوز لأي جهة كانت ان تخرج علي احكام الدستور، وكل من يخرج علي احكام الدستور يعتبر خارجا عن الحزب نفسه، إن مفاوضة النظام ناهيك عن المشاركة فيه خروج علي دستور الحزب). مواقف سابقة: وجدد حسنين التأكيد على أن المواقف التي ظل يتخذها الحزب مؤخرا لا تشبه تاريخه، وانما تؤكد أن قيادة الحزب سئمت النضال وباتت تتجه صوب السلطة التي إفتقدتها لزمن طويل، وإنتقد حسنين موقف عدد من قيادات الحزب ظلت تدفع رئيسه صوب المؤتمر الوطني لفترة طويلة وهي من الأسباب التي جعلته يبتعد، مشيرا إلى أن مواقف الإتحاديين ظلت منذ الإستعمار واضحة وقال:(لعله من المميزات الفارقة ان مؤسس الحزب ورئيسه الزعيم الازهري أستشهد وهو سجين في سجون النظام المايوي حيث حرره الموت من السجن، كما ان زعيم الحزب المناضل الشريف حسين الهندي ظل يقاتل النظام المايوي بكافة الاساليب والوسائل المتاحة، والسيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب ظل يُقاتل تحت راية التجمع الوطني الديمقراطي وأسس قوات الفتح المسلحة باسم الحزب والتي قاتلت نظام الانقاذ وقدمت اكثر من ثمانين شهيداً في شرق السودان وهو صاحب المقولة الشهيرة مخاطبا نظام الانقاذ سلم تسلم ، وصادر النظام امواله قبل ان يعيدها اليه لاحقا)، ومضى حسنين للإستنتاج (فاذا كانت هذه مسيرة الحزب ضد الانظمة الشمولية فكيف يجوز لقيادته الان أن تقع في سوء الخاتمة؟)، وتحدث عن الإنتخابات السابقة وقال: (اجمعت كل القوي السياسية علي انها مزورة)، وأشار حسنين إلى ماوصفه بالتناقض في موقف رئيس الحزب السيد محمد عثمان الميرغني الذي أصدر بياناً الي جماهير الشعب السوداني وجماهير الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بتاريخ الاثنين 19/4/2010 عقب البدء في اعلان نتائج الانتخابات وقال فيه:(ان هذه الانتخابات وبالطريقة التي تمت بها هي ابعد ما تكون عن انتخابات حرة او نزيهة او عادلة ولهذا امتنع رئيس الحزب مولانا محمد عثمان الميرغني عن الادلاء بصوته، ان النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات ليست تعبيرا حقيقيا عن ارادة الشعب السوداني كما انها لا تعكس التمثيل النيابي الحقيقي لاهل السودان وبناء عليه فان الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) يعلن رفضه التام للإنتخابات وعدم الاعتراف بنتائجها جملة وتفصيلا ويطالب باعادة كاملة لها علي كافة مستويات الحكم للبلاد)، وقطع حسنين بان رفض نتائج الانتخابات يعني رفض أي حكومة تاتي من رحمها، ونبه الى أنّ المؤتمر الوطني لا يحتاج الي من يشاركه الحكم ولكنه يحرص علي مشاركة الاحزاب ذات الثقل الجماهيري الحقيقي حتي تتحمل معه وزر خطاياه. تنفيذيون: تساءل حسنين عن ماهية البرنامج الذي سيشارك الحزب وفقا له، مشيرا إلى انه لا يوجد برنامج أو أجندة وطنية واضحة بل ستكون المشاركة وفقا لبرنامج المؤتمر الوطني وعليه فإن الحكومة بكل مكوناتها ستعمل لتنفيذ برنامج المؤتمر الوطني. ومعني ذلك ان كل المشاركين من خارج المؤتمر الوطني عليهم ان يخلعوا جلباب احزابهم ليعلو برنامج الوطني وعليهم التنفيذ والطاعة، وهذا يعني عمليا خروجهم من احزابهم ليكونوا جزءا من الحزب الحاكم. قواعد الحزب: وقطع حسنين بأن موقف القاعدة الاتحادية العريضة واضح تماما، فقد اعلنت قواعد الحزب في كل مناسبة رفضها الحازم والحاسم لكل محاولة يلج اليها من وصفهم بالمهرولون صوب السلطة، وتساءل عما إذا كانت قيادة الحزب لا تعبأ برأي وموقف القواعد (فمن تقود هي اذن؟)، وأكد على أنه إلتقى برئيس الحزب في القاهرة في يوليو 2011 بحضور عدد من قيادات الذي قطع له بأن الحزب لن يشارك في الحكومة مع المؤتمر الوطني مهما كان العرض، وأضاف (رئيس الحزب ليس سياسيا فحسب بل هو ايضا مرشد صوفي لطريقة الختمية والتي تتبع القول بالفعل، وليس ثمة ما يبرر تبديل المواقف). التيار