البشير..وعبد الجليل والمفاجأة المحروقة ! محمد عبد الله برقاوي [email protected] بعد أن تأكد من أن بعبع القذافي قد زال رعبه عن خريطة الانسانية الى الأبد ، وقبل أن يهدأ غبار الثورة التي كنست نظامه الفريد والعجيب ، لم ينتظر رئيسنا البشير كثيرا حتي فجّر قنبلة مفاجئة ، بان حكومة الانقاذ الممغوصة خوفا من القائد المقتول كانت احدى دول ( الناتو ) التي ساهمت من خلف الستار بدور الكومبارس في عملية حماية المدنيين الليبيين ، وهو الاسم الحركي البديل لمسمى ازاحة نظام الجماهيرية وقائدها الاممي الذي كان يتلبسه وهم الديمومة في المشهد الدنيوى الزائل برمته لو يعلم بقية الواهمون ! فحتى جماعة الناتو الذين ملاء أزيز طائراتهم أجواء ليبيا ومنع صقور القذافي من التحليق، وعكرت سفنهم مياه البحر ، حتي حبست الهواء المذاب في الماء عن سمك النظام وحيتانه ، لم يستعجلوا اعلان منتهم على شعب ليبيا وثوارها ! بل كانوا يقولون في تواضع جم وبلغة دبلوماسية رصينة ، وهم قادة العالم الكبار ، حينما جاءوا للتهنئة عقب نجاح الثورة في مراميها ، انهم فعلوا ذلك تنفيذا لقرارات الارادة الدولية ،وبتوصية هي من عجائب الجامعة العربية ، التي اكتسبت الحكمة والجرأة معا وهي في خريف عمرها ، ولم تدفع الخفة حتي أي من أعضائها ليتندر بما أنجزه بمد يده ولو بالتصويت لنجدة الشعب الليبي، مثلما اندفع رئيسنا معلنا انه بات مساهما مسجلا في شركة الثوار ، وكأنه يطلب اعتماده في عائد الأرباح وقبل انعقاد الجمعية العمومية لتلك الشركة الوليدة ! وهو اعلان ، ربما أحرج الثوار وقيادتهم باعتباره من قبيل المجاهرة ( بالمن والأذى ) فاضطر رئيس المجلس الانتقالي الشيخ عبد الجليل ، الى تأكيده ، كارها من منبر المؤتمر الوطني بالأمس، وهو يحس أن رئيسنا قد سبقه بافساد وحرق المفاجأة ، فألهب حناجر المؤتمرين الجاهزين للتكبير والتهليل ، قبل أن يكتمل حديث الخطيب كالعادة ان كان مادحا أو ذاما ! فمهما تكن قيمة تلك المساعدات فهي ان كانت على حساب دول أخرى جعلت من اراضي السودان ممرا ( ترانزيت ) لعبورها الى الكفرة لتحرير الجنوب الليبي أو كانت من حر مال السودان الذي هو مال الشعب وليس من خاصة جيوب الكيزان ، فقد دفعنا قبلها ثمنا غاليا من دماء و عرق تشرد ابنائنا وبناتنا من مواطني السودان الذين فتن عليهم الكيزان باعتبارهم أعداء للوطن يحاربون لنصرة القذافي وهو ينافح من أجل الخلود ويساندونه وهو يترنح ويفقد توازنه قبل السقوط المدوي ، فضاع تحت أحذية عدم حكمة نظامنا الانتهازي الأبرياء ضمن المغترفين ان هم وجدوا حقيقة ! في ظاهرة حماقة غريبة ترتكبها حكومة في حق مواطنيها التي يفترض انها مسئؤلة عن حمايتهم وليس التحريض ضدهم ،حيثما كانوا وبكل الوسائل المتاحة التي تضمن عدم تعرضهم للهلاك في هيجة ، هي بالطبع لن تميز بين أصفر ليموننا وأخضره ! طالما توفر لها الضوء الأخضر من حكومة لاتهمها ابادة مواطنيها الجماعية وهم في عقر دارهم ، فكيف يهمها هلاك من فروا بجلدهم من ظلمها بحثا عن دفء العيش ولو في احضان ظالم آخر ، هربا من ظلم أهل القربي ، ان كان ذلك الوصف ينطبق على كيزان السودان ! والله المستعان .. وهو من وراء القصد..