الصادق المهدي الشريف [email protected] بالأمس تشرفت صحيفة التيار بمقالٍ رصينٍ للبروفيسور عبد الملك عبد الرحمن المدير الأسبق لجامعة الخرطوم.. يلتمسُ فيه حلولاً لائحية لإنتخابات إتحاد طلاب جامعة الخرطوم. والرجلُ من أميز الأساتذة الذين تتلمذت على أيديهم طوال دراستي للهندسة بالخرطوم.. رغم أنّي درستُ على يديه في العام الأول فقط بكلية العلوم.. إذ كان لزاماً على طلاب الهندسة أن يكملوا عاماً كاملاً بكلية العلوم.. إلا أنّ أثره مازال باقياً حتى لحظة كتابة هذا المقال.. وكشاهدٍ على هذا.. مازلتُ أذكر مسألة (طائر الشؤم) الذي يطير بسرعة ثابتة بين قطارين يسيران في إتجاه بعضهما.. وكان المطلوب هو معرفة عدد المرات التي يطيرها الطائر بين مقدمتي القطارين قبل أن يصطدما ببعضهما البعض.. تلك المسألة التي لا تحمل أرقاماً تعين على حلها. الرجل كتب تحت عنوان المقال.. بقلم عبد الملك محمد عبد الرحمن نصر.. في تواضعٍ أثيرٍ (وعِفة لسانٍ) عُرف بها.. بيد أنّي أرى غير ذلك.. فالدرجة العلمية للكاتب تجعل القراء ياخذون مقاله بجدية أكثر. د.عبد الملك لم يحصل على درجة الاستاذية فقط.. ولم يكن فقط مديراً لجامعة الخرطوم.. بل هو أحد السودانيين القلائل (جداً) الذين عملوا بوكالة (ناسا) الأمريكية لابحاث الفضاء.. أرايتم لماذا تشرفت صحيفة (التيار) بقلمه؟؟. ولنصوِّب إتجاه فكرته.. فالرجل يقترح أن يتم تغيير نظام إنتخابات الجامعة.. من الإقتراع الحُر المباشر.. الذي يأتي بالقوائم الحزبية.. التي يملأ عبرها أحد الأحزاب (أو التحالفات) مقاعد الإتحاد الأربعين.. الى نظام آخر. يقترح بأن تتمّ على اساس أحجام الكليات (أسماه البروف نظام جغرافي).. يضعُ في الإعتبار عدد طلاب الكلية بالنسبة لمجموع طلاب الجامعة.. فإذا كان عدد طلاب الجامعة عشرون ألف طالب.. وعدد طلاب كلية الهندسة ألفاً وخمسمائة.. فكلية الهندسة تستحق ثلاثة ممثلين في الإتحاد.. بإعتبار أنّ مجمل مقاعد الإتحاد الاربعين موزعة بالتساوي بين العشرين ألفاً (طالب واحد منتخب مقابل كل خمسائة طالب ناخب). تصويت طلاب الهندسة – مثلاً – سيكون مباشراً لطلاب يعرفونهم.. ويحسنون الإختيار بينهم.. بدلاً عن أسماء تحشدها التنظيمات.. قد يكونون معروفين في كلياتهم.. لكنّهم نكرات في الكليات الأخرى. كما أنّ مشكلة النصاب تكون ايسر حلاً.. بإعادة الإنتخابات في الكلية التي لم تصل للنصاب الإنتخابي.. بدلاً عن إعادتها في مجمل الجامعة. قد لا تضمن هذه الطريقة إبطال القنابل التنظيمية الموقوتة.. لكنّها سوف تقلل من اضرارها الى الحدِّ الأدني.. الذي تعبر عنه الجيوش في معاركها بعبارة (خسائر معقولة). لكنّها حتماً سوف تعيد الروح النقابية الى الإتحاد.. تلك الروح التي نزعتها منه التنظيمات السياسية.. فجعلته مسخاً مشوَّهاً.. وأزهدت فيه السواد الأعظم من الطلاب.. بعد أن أضحي غيرَ مُعَبِّرٍ عن قضاياهم.. بالقدر الذي يصبح فيه بوقاً لقضايا تنظيمات سياسية تقبع خارج اسوار الجامعة. وقبل الختام.. فإنّ ولوج البروف عبد الملك عبد الرحمن للكتابة الصحفية.. يضمن مشاركة فاعلة بالرأي.. لرجل ذو معرفة علمية عميقة.. وتجربة حياتية ثرّة.. هي اقل ما يمكن أن يقدمه لبلده.. في زمان المهددات والكوارث.. والرأي الأبتر. التيار