[email protected] بينما كنت أداعب لوحة المفاتيح توطئة لكتابة مادة هذه الزاوية وشرعت في تلمس بعض القضايا الاجتماعية بعيداً عن متاهات السياسة، ساقني الفضول إلى متابعة الأخبار عبر مواقع الانترنت فلفت نظري خبر منسوب لوزير النفط بالإنابة يتحدث عن قرار بإيقاف الحكومة لصادرات دولة جنوب السودان النفطية بسبب نزاع حول تسديد رسوم تصدير النفط عبر أراضينا0 فإذا صحت هذه الأخبار القائلة بأن السودان أوقف تصدير نفط دولة جنوب السودان الوليدة والتي لا زالت (تقوم وتقع) في محاولة تعلم الوقوف على قدميها ناهيك عن المشي وهي كما يعلم الجميع بحاجة إلى أي دولار ليعينها على القوت قبل التنمية، ففي ذلك خسارة كبيرة لها قبل أن تكون خسارة لنا باعتبار أن جنوب السودان هو المستفيد الأكبر من التصدير والمعتمد عليه كلياً0 أما نحن فصحيح أن عائد التصدير عبر الأنابيب يعيننا على تزويد ميزانيتنا المفتقرة للكثير بعد انفصال الجنوب ببتروله ولكن ليس بذات القدر0 وما من شك أن آثار الإيقاف ستطال الصين الشريك الاستراتيجي الذي يحق له أيضاً الحرص على الاستمرارية ولكن لم نسمع أي رد فعل من جانبها ولا ندري عما إذا كان في مقدورها أن تلعب دوراً وسطيا0ً وإذا كان السبب حسب ما ورد في الأخبار هو تقاعس دولة الجنوب في سداد متأخرات رسوم التصدير التي قيل أنها بلغت 727 مليون دولاراً عن أربعة شهور فإن المنطق يقول بضرورة استمرار التصدير مع الملاحقة للسداد عملاً بالقول المعروف (الدين في الكتوف والأصل معروف) إلى أن تتوصل الدولتان إلى اتفاق عادل0 ولعل من الأسباب التي تجعل الميل إلى استمرار التصدير ملحاً مهما تعالت وتيرة الخلاف، هو الخوف من الضرر الذي سيصيب الأنابيب التي تخصنا لأن المختصين أشاروا إلى وجود مادة شمعية تؤدي إلى حتمية تجمد النفط في جوفها حال تعطل الجريان لبضعة أيام كما أن إصلاح ذلك يتكلف الكثير فضلاً عن فقدان العائد خلال فترة الإصلاح0 لذا فإن هذا الأمر يتطلب التروي وعدم إصدار القرارات الانفعالية مع ضرورة الحسم الفوري وإيجاد الحلول العاجلة0 أما إذا تعنتت دولة جنوب السودان وتمسكت بعدم السداد متقبلة لقرار إيقاف التصدير لمجرد الاختلاف حول نصيب السودان نظير ذلك فإن الكارثة ستقع على الدولتين وعندها سيتفرج علينا المجتمع العالمي لأننا أعملنا أداة العناد دون مراعاة للعواقب الوخيمة0 أليس هنالك من يدرك أثار هذه الأضرار التي لا جدال حولها بحيث يتحاور الطرفان (صاحب الأنبوب وصاحب بترول الجنوب) ويتوصلا إلى حل يرضي الطرفين حتى لو أدى ذلك إلى تنازل أي طرف من عليائه إلى كلمة سواء طالما أن ذلك خير من الضرر الأكبر؟ وفي تقديري أنه طالما جاءت البداية بهذا التصلب والعناد، سيجيء اليوم الذي تجد فيه دولة جنوب السودان البديل لتصدير بترولها عبر مخارج أخرى ولكن بعد وقت طويل نكون بعده قد عرفنا كيفية المعالجة بلا خسران أو الاستفادة من تشغيل أنابيبنا بما يتيسر لنا من فائض0 آمل أن يكون هذا الخبر عارياً من الصحة فهذه ليست المرة الأولى التي نسمع فيها عن إيقاف التصدير لذات الأسباب الخلافية ولكن سرعان ما كان يعود الحال إلى وضعه السابق على أمل الوصول إلى حل يحفظ للطرفين حقوقهما بالتراضي وتبادل المنفعة إذ لا يمكن أن يستغني أحد عن الآخر في هذا الوقت الحساس0