! محمد عبد الله برقاوي.. [email protected] مع تطور وسائل الاعلام والاتصالات ، فان الأخبار تطير عبرها بالصورة والصوت سواء من خلال المواقع الالكترونية أو الفضائيات أو الهاتف النقال ، فتنتشر في دقائق معدودات ، لتملاء كل ارجاء المعمورة! فكثيرا ما كنا نتلقي أخبار الاحداث طازجة من قريتنا في الحلاوين ونحن خارج السودان ، ان كانت فرحا فنهني العروسين اثناء الحفلة وعلى الهواء مياشرةأو نعزي في حالات الوفاة قبل أن يغطى وجه الفقيد عقب صعود روحه الى بارئها ! وان تأخرنا كثيرا فاننا نلحق باهل الميت وهم في المقابر . بل وأحيانا تصلنا الأخبار من هناك قبل أن يتلقاها من هم داخل السودان ! بيد ان ذات الوسائل كثيرا ما تنقل بعض الأخبار الخاطئة التي يكون رد فعلها على أصحابها المستهدفين وأهلهم منها مزعجا ومربكا ، وربما كارثيا في حالة اطلاق اشاعة تتعلق بوفاتهم أو المساس بشرفهم ، لاسيما المشاهير ، حيث درج بعض اصحاب الغرض اطلاق مثل تلك الاشاعات ، واحيانا يقومون بجراة شديدة بتوصيل الخبر هاتفيا الى ذوي الشخص المقصود خاصة اذا كان بعيدا عن أسرته ! وهو مسلك يتبعه اناس باتت ثقافة الاشاعة تسيطر عليهم وأحيانا تدخلهم في مأزق يصعب الخروج منه ، ويعرضهم لمساءلات قانونية ، لاسيما اذا كانوا من النوع الذي يتسرع في التقاط الاشاعة وترويجها دون التأكد حتي من مصدرها الاساسي ومعرفة غرضه ، فيصبح هو المسئؤل الآول! أذكر ونحن في جريدة الأيام في سبعينيات القرن الماضي ، وبينما كان الرئيس الراحل / جعفر نميري في زيارة الى عطبرة أن وردت اشاعة بتعرضه للاغتيال . فتوترت الأعصاب في ردهات الدار ، واستعدت الادارة لاصدار عدد خاص وسط تهامس المحررين والعاملين بوجوب احراز قصب السبق في الانفراد بالخبر ،وظلت الأعصاب مشدودة لساعات انتظارا لصدور بيان رسمي من الجهات المسئؤلة لتأكيد الخبر أو نفيه وحينما ثبت عدم صحة الخبر من اساسه ، تملص كل الذين تداولوه، عن مسئؤلية اطلاقه ، وتملكهم الخوف من عاقبة تلك الاشاعة ، ونفضها الجميع بعيدا عن حجرة مثل كرة النار ! والصقوها في نهاية الأمر بصبي مسكين يعمل فراشا بالجريدة ، باعتباره قاصرا وغير مسئؤل ولن يتعرض لاية محاسبة ، وبالفعل انتهي الأمر عند هذا الحد! منذ صباح اليوم سرت أشاعة بوفاة الدكتور حسن الترابي ! بل وزاد الذين تناقلوا الاشاعة عبر الأسفير ، انه مات في المعتقل الذي اشيع مع الخبر انه أدُخل اليه بالامس . وقد نفي لي صديق مقرب من الأحداث الخبر من اساسه ، وقال حينما سألنا الترابي مداعبين عقب اداء صلاة جمعة اليوم معه ، ان كان قد سمع باشاعة وفاته؟ اكتفي بضحكته المشهورة ، وكأنه يقول لمن ارادوا موته في قرارة نفسه ساخرا، موتوا بغيظكم فعمر الشقي بقي! وما لبثت الجزيرة أن عرضت خطابه امام مؤتمر حزبه ، وهو يقول ان اسقاط النظام اصبح فريضة ! ومن هنا يتضح جليا سر توقيت اشاعة وفاة الشيخ التي نشرها من أطلقها ربما للتغطية على أية اصداء لدعوته تلك وامتصاص رد فعلها قبل ان ينتشر مع نسمات الربيع الحائم في المنطقة أو ربما قصد منها آخرون ارباك المشهد السياسي المضطرب اساسا على خلفية الشراكات الأخيرة وتعثر ولادة الحكومة الجديدة ! و كل نفس ذائقة الموت الحق وان طال بقاؤها كعمر نوح ، وما الدائم الا وجه الله العزيز الكريم . انه المستعان .. وهو من وراء القصد.