زمان مثل هذا قصة قرار الصادق الشريف لم يكن مدهشاً أن تصدر الحكومة قراراً بإيقاف تصدير النفط نتيجة عدم توصلها لتفاهمات مع دولة الجنوب حول أسعار النقل.. واستخدام منشآت الشمال.. والتصدير عبر مينائه.. أن تصدر ذلك القرار في الخرطوم ثمّ تتراجع عنه في أديس أبابا.. لا بل تُنكرُ تماماً أنّها أصدرت مثل ذلك القرار.. وتقول للعالم إنّها لم يكن في نيتها أن توقف تصدير النفط. وبالطبع لا يعرف العالم نوايا الحكومة – أيِّ حكومة – مالم تعلن هي موقفها لتظهر عبره (نيتها).. كيف لأهل الدنيا أن يعرفوا أنّه لم يكن في (نيَّة) الخرطوم وقف تصدير النفط.. وهي تصدر قراراً بذلك؟؟؟؟؟؟. وحسب بعض المصادر أن القرار كان قد تمّ اتخاذه قبل بضعة أيامٍ من إعلانه.. وحينما جاء أمبيكي من أقصى الدُنيا يسعى.. أبلغته الخرطوم بقرارها.. وطلب مهلة للتفاهم مع الجنوب.. وانتهت المهلة ولم يتوصل الى حل.. فكان القرار. لم يكن سهلاً التراجع السريع عن القرار.. بعد أن تّم إعلانه.. لكنّ المصالح التي تربط السودان بالصين كانت هي النفط.. النفط ولا شيء غير النفط. وكانت المصالح مهددة بالتوقف مع توقف النفط.. في وقتٍ تحتاجُ فيه الخرطوم لرضاء بكين عنها.. قبل أن يُقدّم أوكامبو تقريره الأخير لمجلس الأمن.. التقرير الختامي الذي قد (لا) يُجدَّد عقده بعده مع المحكمة الدولية. الصين عبر سفيرها.. لم تنتظر دقيقةً واحدة.. قال الرجل بالحرف الواحد (هذه خطوة خطيرة للغاية.. وغير مبررة.. ولا يوجد سببٌ واحدٌ لإتخاذها طالما هنالك مفاوضات جارية بين الطرفين). في زمان غير هذا الزمان.. كان من المتوقع أن تمهل الخرطوم سفير الصين ثلاثة ايام.. وعدٌ غير مكذوب لمغادرة السودان.. بعد إتهامه بالتدخل في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة.. لكن: تصريح السفير الصيني كان دبلوماسياً للدرجة البعيدة.. لا يحمل سوى رفض القرار.. لكنّه يحمل تهديداً مبطناً بأنّ (العهد الذي بيننا وبينكم.. النفط.. فمن أوقفه فقد كفر.. بالعهد طبعاً). نيروبي مثلاً.. ليس لدينا معها نفطٌ ولا يحزنون.. وسفيرها غادر الى بلاده مطروداً.. دون أن يتجرأ على قول كلمة واحدة.. فقط محكمة ابتدائية أصدرت قراراً.. فوجد السفير الكيني أنّ مقعداً قد حُجِز له في الدرجة الأولى في أول طائرة مغادرة الى نيروبي. نسرد هذا السرد.. بهذا الألم.. لنبرهن على مأساوية النهج المتعجل في إدارة دفة الدولة.. عبر قرارات ليس لديها ايّ أبعاد استراتيجية.. قرارات يتم التراجع عنها قبل أن تنشرها جميع الصحف. ما الضير لو انّ متخذي القرار أمهلوا أنفسهم يوماً.. يوماً واحداً فقط.. ليعلموا خلاله وجهة نظر شريكهم النفطي والسياسي؟؟. اتصال بالتلفون فقط مع السفير الصيني.. الذي سيتصل بدوره ببكين.. سيجعل الصورة كاملة وواضحة أمام متخذي القرار.. حتى لا يضطروا للتراجع عن قرارهم.. ويعرجوا على مسألة (النوايا) لتبييض وجههم أمام الإعلام. التيار