بيان إلي جماهير الشعب السوداني حول مشاركة الحزبين التقليديين في ما سُمي بالحكومة العريضة. تابعت جماهير الشعب السوداني في الأيام القليلة الماضية بقلق بالغ موقف بعض قيادات النخب السياسية المركزية الضبابي والملتبس، حول المشاركة أو عدم المشاركة فيما ُسمي بالحكومة العريضة التي دعي لها الحزب الحاكم في استجداء مهين لا يتناسب وادعاءه الأجوف بأنه صاحب أغلبية مطلقة في آخر مهزلة انتخابية جرت في البلاد. وفي غياب تام لحس المسؤولية السياسية، والأخلاقية، والتاريخية قبلت قيادات تلك الأحزاب \"المهرولة سياسيا\" المشاركة في هذه الحكومة مضحية بكل شروط ومعايير العمل المعارض الذي يتطلب وحدة المعارضة، وما تتطلبه طبيعة اللحظة السياسية الراهنة بكل تعقيداتها وحساسيتها من وحدة في الوسائل والأهداف لإسقاط هذه الطغمة الحاكمة المستبدة وبناء دولة الحرية والمواطنة. تعلم قيادات هذه الأحزاب جيدا السجل المخزي لهذه الطغمة الحاكمة في النقض المتعمد للمواثيق، والتنصل المتكرر عن العهود، والتكرار الماكر للمناورات والمراوغات الدائرية منذ استيلائها علي السلطة في الثلاثين من يونيو 1989م، بقوة السلاح، ووأدها للديمقراطية الوليدة لإقامة إمبراطورية التمكين، والقهر، والطغيان، والاستبداد، والفساد، والإفساد، والتضحية بكل ما هو سياسي، وسيادي، حتى صار السودان سودانان. وتغيرت الخريطة الجيوسياسية فلم تعد \"حلايب\" سودانية قربانا لمغامراته الإجرامية الطائشة وأصبحت \"الفشقة\" أثيوبية ثمنا لمقايضة سياسية مكشوفة. شاركت قيادات هذه الأحزاب هذه الطغمة الحاكمة الفاسدة حكومتها العريضة وهي تعلم بأن ضحاياها في دارفور، وجبال النوبة، وجنوب النيل الأزرق، ومواطني كجبار، وضحايا سد مروي وبورتسودان هم قواعدها وسندها التاريخيين. جماهير هذه الأحزاب التي تريد مشاركة هذه الطغمة المثقلة بموبقات تاريخها الأسود ظلت ومازالت مسرحا لحروب مستمرة لهذه الطغمة الفاسدة والمجرمة، حتى أصبح رئيسها طريدا للعدالة الدولية، ووزير دفاعها مجرما دوليا متهما بإبادة شعب يحكم باسمه. إن قيادات هذه الأحزاب تتكلم من منبر واحد بلغتين مختلفتين فهي مع العدالة الدولية واحترام القانون الدولي وفي ذات الوقت تريد مشاركة الذين خرقوا القانون الدولي واتهمتهم العدالة الدولية. إن هذا القرار الصادم لتطلعات وآمال جماهير الشعب السوداني بقبول الأحزاب المركزية المشاركة في هذه الحكومة التي سُميت عريضة رغم رفض قواعدها وجماهيرها بعدم تجميل قبح هذه الطغمة الحاكمة وتحمل أوزارها وتاريخها الإجرامي الأسود. وبالرغم من مطلب قواعد هذه الأحزاب المحق بعدم المغامرة بتاريخها الوطني الوضيء وتضحياتها الوطنية المشهودة، إلا أن كفة الحسابات الحزبية والمصالح الذاتية الضيقة كانت راجحة علي كفة مصالح وآمال وطموحات جماهيرها ومواطنيها العراض. في ظل موازنة عامة فاق عجزها ال 10% جاء الإعلان عن تشكيل حكومة تجاوزت ال 60 وزيرا بكامل مخصصاتهم الأمر الذي يفاقم الضائقة المعيشية المتردية أصلا، ومع تزايد الصرف علي الأجهزة الأمنية والعسكرية خصما علي الخدمات الاجتماعية علي علاتها فإن هذه الحكومة لن تستطيع فعل شيء سوي تكريس الظلم الاجتماعي، والفساد، والاستبداد، والطغيان وإعادة انتاج أزمات الدولة في ثوب أكثر ثقوبا. إن هذه الخطوة التخذيلية المحبطة في المشاركة السياسية لهذه الطغمة الفاسدة ومد طوق النجاة لها بعد أن غرقت أو كادت لم تكن نتيجة لخطأ في التقدير السياسي لقادة تلك الأحزاب، بل المقصود منها العبث المتعمد في تفتيت وحدة المعارضة بشقيها المدني والمسلح بعد أن زاد حضورها في المشهد السياسي السوداني الذي تمثل في أكثر من مؤتمر، وندوات سياسية، ولقاءات جماهيرية، وأكدت بأنها الأكثر قبولا بين جماهير الشعب السوداني، والأجدر في ملء الفراغ السياسي بعد عقدين من الشلل السياسي التام. إن مشاركة هذه الطغمة الفاسدة لن تحل أزمة الحكم العميقة والمستعصية والمتمثلة في قضايا التحول الديمقراطي، وبسط الحريات الخاصة والعامة، والأزمة الاقتصادية المتصاعدة الوتائر نحو الإنهيار المالي والاقتصادي الشاملين، والضائقة المعيشية التي وصلت حد المجاعة في معظم أرجاء البلاد، وانهيار الخدمة المدنية في مختلف مستوياتها،وتصعيد الحروب الأهلية المدمرة، والأزمة المصطنعة مع دولة الجنوب الوليدة. إن الغرض من المشاركة يعني فعليا محاولة قطع الطريق علي هبات شعوبنا المقهورة، والانتفاضات الشعبية التي اكتملت شروطها حتى لا تصل إلي مراميها وأهدافها النهائية في تصفية حكم هذه الطغمة الفاسدة واستئصال جذورها الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية ومن ثم استعادة الديمقراطية وتعضيدها. نحن في الجبهة السودانية للتغيير نحي جماهير وشباب هذين الحزبين علي وقفتهم الوطنية الصادقة ضد المشاركة فيما سمي بالحكومة العريضة، ونبارك في نفس الوقت خطواتها وحراكها في اتخاذ موقف مبدئي واضح وثابت ضد مشاركة هذه الطغمة الفاسدة التي نالت شرف \"طغمة فاسدة\" عن جدارة بعد أن فقدت السلطة والسيادة علي تراب هذا الوطن. ونجدد الدعوة إلي وحدة المعارضة بكل أطيافها لإسقاط هذه الطغمة المجرمة بكل الوسائل والسبل المتاحة.... وعلي كل من شارك أو ساعد أو ساهم في مد عمر هذه الطغمة الفاسدة أن يفهم أن التاريخ لم يكن يوما في صالح الطغاة وأن الشعوب دائما هي المنتصرة في النهاية وما نتائج ثورات الحرية الراهنة ببعيدة عن الذاكرة. وعاش نضال الشعب السوداني. مجدي الجزولي الأمين العام للجبهة السودانية للتغيير السادس من ديسمبر2011م.