الطريق الثالث – غيرة المهدي من الترابي! بكري المدني [email protected] كثيرون يعتقدون ان السيد الصادق المهدي قد شل العمل المعارض لحكومة الإنقاذ لما خرج في عملية تهتدون الشهيرة حيث بات يعمل منذ ان وطئت قدماه ارض المنفى لرئاسة التجمع الوطني المعارض بديلا لمولانا محمد عثمان الميرغني والذي سبق الإمام على العمل السياسي المعارض بالخارج وكثيرون يعيدون عودة الإمام السيد الصادق للداخل في عملية تفلحون بعد يأسه من ازاحة مولانا الذي كان يستند على دعم كبير من الدكتور جون قرنق مفضلا زعامة العمل المعارض بالداخل ولكن قدر المهدي غير الجيد كان في خروج الدكتور الترابي من الحكومة معارضا وحجزه لموقع الزعامة للمعارضة الداخلية منذ اليوم الأول للخلاف مع مجموعة القصر! ان السيد الصادق المهدي تعود منذ القديم ان يتمدد على مساحات الغير وان ادى ذلك لشق الأحزاب والتحالفات السياسية وعلى قاعدة (قائد في باطل ولا تابع في حق ) ولعل دخوله الأول للعمل السياسي جاء على حساب حزب الأمة والأنصار لما انقلب على عمه الإمام الهادي وعلى السيد محمد احمد المحجوب وكان ان قصم السيد الصادق المهدي ايضا ظهر الجبهة الوطنية التي كان يتزعمها فعليا السيد الشريف حسين الهندي وذلك لما عى المهدي من زعامة حقيقية للجبهة الوطنية في وجود الشريف فعقد اتفاقه الشهير مع النميري في بورتسودان بل نجد ان السيد الصادق المهدي وعندما فشل في الوصول لإتفاق مع الإنقاذ بعد تفلحون يتم بموجبه تعديل النظام الأساس للحكم بحيث يأتي في موقع رئيس الوزراء كما كان قبل الإنقلاب عليه عشية الثلاثين من يونيو العام 1989م ويصبح البشير رئيس بلا صلاحيات مد السيد الصادق يديه ليختطف امامة الإنصار من عمه الإمام احمد المهدي ومقوضا النظام القديم والذي درج الإنصار على اختيار امامهم بموجبه! ان السيد الصادق المهدي والذي ارسل ابنائه شركاء في الحكم واحتفظ بكريماته معه في خانة المعارضة يعارض اليوم زعامة الترابي لهذه المعارضة من باب الغيرة ليس الا وبدلا من ان ينادي الرجل بتوحيد المعارضة وجهودها وان اختلفت الرؤى نجده يترك الحكومة ويتجه لمعارضة المعارضة مركزا على الدكتور حسن الترابي فمرة يسخر من مقدرة حزب الترابي على تغيير النظام ومرة يغالط الحقائق بالحديث عن زعم الترابي قلب الحكم بالقوة وثالثة يتهم الشيخ بعدم مراعاة النسب وعلاقات المصاهرة وكل محاولات الإمام المهدي تهدف لمن يقرأ المواقف جيدا لزعامة المعارضة وليس للعمل المعارض نفسه وبث الحيوية فيه وربما يكون بعض مما يذكر الإمام صحيح خاصة في مقدرات حزب المؤتمر الشعبي في قلب نظام الحكم او حتى في مقبولية الترابي في الشارع السوداني ولكن السؤال هل يصب ايراد تلك الحقائق في مصلحة المعارضة بشكل عام ام مصلحة النظام الذي يعارضه الترابي ويدعي المهدي معارضته؟! ان من التصريحات الغريبة التي صدرت عن السيد الصادق مؤخرا دعواه للحكومة بعدم الإستجابة للترابي في استجدائه – حسب المهدي – للإعتقال !والذي يكشف وبما لايدع مجالا للشك ان المهدي يغير من معارضة الترابي للحكومة ومن حيوية تلك المعارضة والتي تؤهل الترابي زعيما لها وان لم يكن له حزب يتبنى مواقف الزعيم بالشكل الذى يستطيع من خلاله تحريك الشارع في عمل معارض وهو الشئ الذي ربما امتلكه المهدي وان لم يمتلك الجرأة له! ان الترابي لا يمتلك حزبا كما المهدي وعليه ليس بمقدوره قلب نظام الحكم بالشارع او بالقوة اذا اراد ولكن السؤال ما هو الذي يمتلكه الترابي ولا يمتلكه زعيم الإنصار والذي ترك كل شئ هذى الأيام وقابل الترابي ؟! في حلقة تلفزيونية مطولة للإمام الصادق المهدي تحدث الأخير للأستاذ الطاهر حسن التوم عن الحسد في السياسة السودانية فهل يا ترى يحسد المهدي الترابي حتى في المعارضة (الما جايبة حقها؟!) على الطريق الثالث قال استاذ الجمهوريين محمود محمد طه في سبعينيات القرن الماضي لما سئل عن الترابي (الترابي في شخصه موضع حبنا وفي فكره موضع حربنا وسيموت على شأن عظيم ) ولقد فسر الجمهوريون اللاحقون مقولة محمود بتوبة الترابي عن الإنقلابات العسكرية والترابي يقول امس ان انقلب اسلاميون على السلطة لن اقف معهم ولكن المهدي يمضي الي ان الترابي عرض عليهم مؤخرا الإنقلاب على الحكم ورفضوا!