الطريق الثالث – هالة الحالة! بكري المدني [email protected] لا ادري حقيقة من هو القائل بأن المهدي والترابي رجلان بينهما (وصال) وهي عبارة لقت رواجا في وقتها ومعروف ان وصال (المقوصة) هي السيدة الفاضلة وصال المهدي شقيقة الصادق المهدي من جهة وزوجة حسن الترابي من جهة اخرى ولعل القائل اراد بذلك التوصيف القول بأن ما بين الرجلين عرى لن تنفصم ابدا وان اختلفت بينهما الرؤى فهما على وصال دائم بحكم النسب والأبناء المشتركين ولكن ومع كل ذلك فإن السيدة وصال لم تنجح يوما في تجسير الهوة السياسية بين الإمام والشيخ واللذين رغم ال(وصال)لطالما بانا مختلفين وان جمعت بينهما الأهداف فإن الوسائل تفرقهما ولكن مالم تنجح فيه وصال نحجت فيه وللمفارقة الأستاذة هالة عبدالحليم رئيسة حركة حق والتي لا يجمعها مع الإمام او الشيخ سوى العمل العام وهذا ان دل على شئ انما يدل على صدق المقولة القديمة (ليس في السياسة صداقات دائمة ولكن مصالح دائمة )ويبدو ان المصالح هى التي جمعت الفرقاء المهدي والترابي في حضرة الأستاذة هالة وهي مفارقة غربية ولكنها تبقى انجازا لهالة لا يبخسها اياه الا حاسد ! لقد تكونت لدى قناعة منذ اول مرة ارى واسمع فيها الأستاذة هالة عبدالحليم وبأنها سوف تقوم بدور ما ملموس في العمل العام وبعد ان ورثت حركة حق بكل اجنحتها الحية من الراحل الأستاذ الخاتم عدلان والأستاذ الحاج وراق – امد الله في ايامه- وجمعت اليها من الشباب والشابات النشطين في حق اذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر الراحل عمر كانديك – رحمه الله والأستاذ قرشى عوض والأستاذة شذى بله وآخرون ولا ادري حقيقة الآن ان كانوا لا يزالون في رفقتها ام ان الخطى تباعدت فلقد ولدت حركة حق وهي تحمل في جيناتها جرثومة الإنشطار الأميبي ! المهم في المرة الأولى التي رأيت واستمعت فيها لهالةعبدالحليم كانت جلسة اخيرة لمؤتمر عام لحركة حق تم فيها اختيارها كرئيس للحركة وكانت مفاجأة من العيار الثقيل اذ غدت هالة بذلك الإختيار تمثل اول حالة لإمرأة سودانية تصل لموقع رئيس حزب سياسي ولقد القت يومها كلمة نافذة امام الحضور دونت بعض كلماتها وسجلت لها العنوان (حركة حق تحرز الهدف الذهبي في مرمى القوى السياسية بإختيار هالة رئيسا!) وحملت اوراقي على عجل حيث مكتب استاذنا الشهيد محمد طه – رحمه الله – لأفاجأ به وقد تلقى الخبر عبر الهاتف وجعل له عنوانا مماثلا للعنوان الذي اخترته فضحكنا وانا اقول للشهيد(دى مشكلتك علمتنا الشغل!) ورأى طه ان يخرج بمقالى على حساب مقاله وهو يردد (ليس من رأى كمن سمع) وبعدها بأيام كان الصديق الفاتح وديدي يرتب لى موعدا لحوار مع الأستاذة هالة عبدالحليم ولقد دهشت ان المكان كان حدائق النجيلة المفتوحة امام فندق هيلتون والمعروفة لدى الشباب والطلاب ب(النجيلتون)وفي ذلك المساء تحدث هالة عن خطتها ورؤيتها لقيادة الحق بثقة كبيرة فأستعرت لمقدمة ذلك الحوار ابيات من القصيدة الرمزية للأستاذ امين حسن عمر: اريد حبيبتي بيضاء مثل الفجر دافئة ربيعية يطل الفجر من اعماق عينيها يخبرنا بمولدها وبالشمس الصباحية ! وهي المقدمة التى جعلت استاذي محمد طه يثور وهو يقول لي (كلامك ده اكتبوا ليها في جواب ما تكتبوا لينا هنا!) وانا اجتهد في القول ان الأبيات من قصيدة رمزية للأستاذ امين حسن عمر ومن عجب انني فوجئت بكامل الحوار وفي صدره ذات المقدمة منشور في اليوم التالي دون حذف او اضافة وكانت تلك عظمة محمد طه رحمه الله – بعدها لم ار او اسمع عملا ذا بال لهالة عبدالحليم يوازي ذلك التوقع حتى نجاحها امس الأول في الجمع بين الترابي والمهدي وهو الخبر الذى طارت به القنوات الفضائية وسودت به الصحف عناونيها الرئيسة وهو انجاز لهالة ربما ماكان سينجح فيه غيرها خاصة بعد ان جنح الإمام والشيخ ولأول مرة في تاريخهما للمواجهة السافرة قذفا بالكلمات فالمهدي يحرض السلطة صراحة على الترابي والأخير يصفه وعلى روؤس الأشهاد بالكذاب ثلاثا وهي الحالة التى تطلبت تدخل هالة وقد كان ولعل استجابة الرجلين في آن واحد لها يدل على ما تتميز به من مرونة على الجمع بين الاضداد ويدل على مكانتها ومكانة المرأة عموما عندهما فلم يستكبرا استكبارا كما خرجت بعض الأراء كتابة وشفاهة وهى تستنكر ان تجمع امرأة بين الترابي والمهدي وان كانت هالة محمد عبدالحليم! على الطريق الثالث السيد والي نهر النيل – قرأت بيانك الأخير وبقى ان تعرف سعادة الفريق ان الإثارة الحقيقية لم تبدأ بعد!