منذ قرون وقرون ظل البشر يسألون ويسألون والإجابات تتعدد ولا تنتهي . ومن ضمن الأسئلة الأبدية ( لماذا تستأثر القلة بالثروة وتفقر الأغلبية ؟ ) واعتبر الكهنة في سالف العصر والأوان هذه الأسئلة نوعاً من الكفر وجرّموا السائلين وقتلوهم أو صلبوهم وقال (علماء ! ) من بعدهم أن الرزق أقسام وأن علي كل شخص أن يرضي بالمقسوم . وإلي وقت قريب كان بعض ( الكيزان ) يرون أن هذه الأقسام ( المالية ) لا تأتي إلا عن طريق القروض الحسنة من البنوك الإسلامية والمرابحات التي تؤخذ ولا ترد ومن التجارة ( الدنيئة ) التي شعارها " اشتري وخزّن " . ولكن عرف هؤلاء طرقاً أخري أقصر للثراء ، واكتناز الثروة . فمنهم من " جنّب " الأموال ووضعها علي جنبة وأكل منها وشرب ، ولما حضر المراجع العام قال ليهو " لما تشوف حلمة ودانك " . ومنهم من عاش علي الحوافز والإكراميات التي تهطل عليه من مجالس الإدارات ، ولسان حاله يقول " ملك الملوك إذا وهب لا تسأل عن السبب " . وآخرون تخصصوا في القروض ، كان 10 مليون جات بي " كرعيها " يكتبوها في الدفاتر تمانية ، وكان جات فوائد بنكية من بلاد ( الكفار ) يسموها مال خبيث وياكلوهو زي السلام عليكم . وناس تانين بتاعين عطاءات وخصخصة طالعين نازلين بيع في المشاريع الزراعية والمحالج والمصانع ، ومن ( السفسفة ) ركبوا عربات وبنوا عمارات . ودارت دورة الأموال في بلادنا وسط 5% من الناس ، وظل 95% تحت خط الفقر . ولو قال الفقراء عايزين وظائف ، قال لهم السدنة " أدقشوا الخلاء وفتشوا عن الدهب في براري نهر النيل ولما تلقوهو جيبوهو بنك السودان وادفعوا الزكاة والضرائب والرشاوي " . ولو زادت " النقّة " شوية ، ابتكر السدنة حكاية التمويل الأصغر من أجل رسملة الخريجين لعمل ( صاج طعمية ) أو ما شابه . حكاية تقسيم الثروة بعدالة ، تبدأ من حيث تنتهي الرأسمالية والوكلاء الذين يتحدثون باسمها ، ومن حيث تعود الفوائض الاقتصادية للجميع . ولا ينتهي الفقر إلا إذا كانت ( قفة الملاح ) مسؤولية الحكومة وكذا العلاج والتعليم . ولا تنتهي الضائقة المعيشية إلا إذا وقف الفساد ، ولا يتوقف الفساد بلجنة في كاب الجداد ، أسألوا الوزير ما هيتك كم ؟ وبيتك الفي المنشية بي كم ؟ وسرقوا منّك كم ؟ وحسابك ( الأوفر سيز ) فيهو كم ثم قولوا للصحف " إياك والفساد ، فنحن غُبش منذ عهد عاد " ثم تمسّحوا واركبوا الهمر مع ناس لبني وسعاد . الميدان