[email protected] ارتفعت بعض الأصوات - في غياب أي حل انتخابي استثنائي - مطالبة بسماع رأيها فيما يتعلق ببعض التعيينات في المناصب الولائية، وكان أعلاها صدى صوت مواطني نيالا ومواطني كوستي0 فحين تم تقسيم ولاية جنوب دارفور تم استحداث ولايتين جديدتين إحداهما ولاية شرق دارفور وعاصمتها الضعين، حيث تم في ضوء ذلك تكليف عبد الحميد كاشا ليكون والياً عليها بدلاً من ولايته السابقة جنوب دارفور التي عين لها وال جديد، إلا أن كاشا قد اعتذر عن قبول التكليف لأسباب خاصة لم يفصح عنها صراحة وأصر على رأيه رغم ترحيب ومباركة أهالي وأعيان قبائل الضعين وانتدابهم لوفد يؤمن على ذلك0 ورغم قبول الاعتذار والتفكير في تكليف وال آخر لشرق دارفور، فمن ناحية أخرى ظل مواطنو نيالا يصرون على بقاء واليهم كاشا لإنجازاته الملحوظة هناك رافعين شعار (لن نتماشى مع غير كاشا) مما أرجعه المؤتمر الوطني إلى وجود جهات لها أجندتها الخفية وراء هذا الهتاف0 وقد تفاقم هذا الإصرار حين وطأت أقدام الوالي الجديد حماد إسماعيل فتحول لقاء الاستقبال إلى تصعيد لموجة الاضطرابات التي تمخضت عن تدخل أمني لفض الاحتجاجات مما أفضى إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى إضافة إلى ارتفاع وتيرة التوتر والفوضى في منطقة تحتاج إلى الهدوء والسكينة0 في ذات الوقت تصاعدت الأصوات المنادية بالإبقاء على معتمد كوستي أبو عبيدة العراقي بإيقاع يقول (باقي باقي يا عراقي) و(عائد عائد يا أبو عبيدة) حين علم أهالي كوستي بأن العراقي ربما ينقل إلى ربك0 وحسب متابعتي حتى كتابة هذا المقال بالأمس لا زال الحال يراوح مكانه بانتظار وضوح رؤية التعيين0 إن الاستجابة الفورية لمطلب المواطنين سلاح ذو حدين حسبما تراه السلطة، فإن هي قبلت به سيكون إضعافاً لهيبتها وإن تمسكت برأيها لإنزاله على أرض الواقع سيكون وبالاً يحتاج إلى معالجات قد تأخذ وقتاً طويلا لتنال رضا الرافضين0 في مثل هذا الحال الشائك، لا أدري كيف يتسنى لمن تم تكليفهما لولاية نيالا ومعتمدية كوستي تسيير دفة العمل وهما على علم بأنهما غير مرحب بهما حتى وإن كانا يحملان من البرامج والخطط ما يبز جهود السابقين0 ربما تكون إعادة النظر عصية على قمة السلطة التي أصدرت قرارات الإعفاء والتعيين، ولكن الخروج من المأزق والحرج يكمن في تقديم الجدد لاستقالاتهما تسهيلاً للدفع ببدائل مرضية، علماً بأن ذلك لا يعني الاستجابة لمطالب المواطنين بقدر ما إنه مخرج يجيء من باب (الثورة تراجع ولا تتراجع) الذي كان يستخدمه نظام النميري إزاء بعض القرارات0 فهل يتم نفض الغبار عن هذا الشعار لامتصاص موجة الغضب وعدم الرضا لتفويت الفرصة على الرافضين حتى لا يتزيأ حراك المطالبة المحدودة، بلباس الربيع الذي هبت نسائمه في بعض البلدان؟ في المناطق النائية يقوم التعايش السلمي على التراضي والموازنات الحكيمة خاصة إذا تعددت القبائل والعشائر والولاءات السياسية0 وعند الحاجة لمن يتصدر لقضايا مجتمعاتها قد يعتقد البعض في صلاح وفاعلية شخص لا يراه المركز ذا شأن0 لكن إذا كنا قد ارتضينا منطق الاختيار القائم على رأي الأغلبية لابد لنا من التسليم بذلك حتى نرسي قواعد العمل الديمقراطي السليم لمستقبل بلادنا0 آمل أن تكون غيمة هذا المحك قد انجلت بما يحفظ ماء الوجه ورضا الجميع0