كان يعني ما يقول ، أنه يقود البلاد نحو الحرب!! خالد عثمان [email protected] بينما كنت أستمع للسيد رئيس الجمهورية وهو يتحدث عن التوتر مع الدولة الجنوب وتهديده بالحرب، استحضرت مقاطعاً من قصة \" الموت أقوى من الحب\" للكاتب اللاتيني غابرييل غارسيا ماركيز ، والقصة القصيرة تتحدث عن السيناتور أونيسمو سانشيز الذي كان يقوم بحملة انتخابية قوامها الخداع والتدليس ، وللمقاربة يقص علينا ماركيز ما يلي : \"وبدأ يتكلم دون أن تبدو على وجهه أية تعابير محددة. وكانت عيناه مثبتتين على البحر الذي كان يئن تحت وطأة لهيب الحرارة. وكان صوته العميق الموزون يشبه المياه الراكدة، لكنه كان يعرف أنه لم يكن يقول الصدق في الخطاب الذي كان قد حفظه عن ظهر قلب، والذي كان قد ألقاه أمام الجموع مرات كثيرة\" \"وبعد أن ألقى كلمته، أخذ السيناتور كدأبه يجوب شوارع القرية وسط أنغام الموسيقى والأسهم النارية، وقد تحلّق حوله سكان القرية، الذين راحوا يبثون له شكاويهم ومشاكلهم. وكان السيناتور يصغي إليهم باهتمام وود شديدين ولم يكن يتورع عن مواساة كلّ فرد منهم، دون أن يقدم لأي منهم أي خدمات هامة. هكذا تحدث الرئيس واعداً الشعب السوداني برخاء من المفترض ان يكون قد تحقق، ووعد الناس بنفط تحت الاستكشاف راسماً لصورة وردية كالسيناتورالذي وعد ناخبية بحشد آلات تصنع المطر، وبأجهزة نقّالة لتربية حيوانات المائدة، وبزيوت السعادة التي تجعل الخضراوات تنمو في تربة نترات البوتاسيوم، وبشتلات من أزهار الثالوث المزروعة في أصص. وعندما رأى أنه استطاع أن يخلق عالمه الخيالي، أشار إليه بيده، وصاح بأعلى صوته: \"ذاك الدرب سيكون دربنا، أيها السيدات والسادة. انظروا! ذاك الدرب سيكون لنا\". ولكن البشير يعي جيداً ان المشاكل تحيط به من كل النواحي وأنه عاجز عن فعل أي شيء ،فالمشكلة ليست نفط الجنوب فقط ، انها المجاعة في الخرطوم والاقاليم ، التذمر في الحزب وفي الجيش ، الفساد ، الحركات المسلحة في النيل الازرق وجنوب كردفان ودارفور، والحلول بائسة ويائسة ، الاستثمار في مناخ الفساد، وتلقيط الذهب في ظرف بيئية وصحية سالبة ، وإدارة فاشلة وجاهلة، لذلك بدأ في تعبئة الامة للحرب، ليضع القوات المسلحة أمام الأمر، وليضع الشعب تحت الطؤاري وإقتصاد الازمة إلى حين.