حديث المدينة الخلط بين العام.. والخاص..!! عثمان ميرغني أمس قابلت بالصدفة الأستاذ أحمد آدم سالم.. الرجل الذي كتبت عنه هنا يوم الخميس الماضي. بعد أن اختاره مجلس الإدارة (المحلول) مديراً لشركة الأقطان.. بتوصية من الدكتور عبد الحليم المتعافي وزير الزراعة.. أحمد آدم سالم لم يتمالك.. بعد أن عرفني بنفسه.. قال لي: (أنا أحمد آدم سالم.. الذي نجحت في إبعاده من شركة الأقطان).. بعدها بقليل راح يكيل عبارات الغضب الكاسح.. قائلاً: (الناس يقولون جزاك الله خيراً .. وأنا أقول لك جزاك الله شراً..) وقال: إنه يدعو عليَّ في كل سجدة في كل صلاة.. وسيظل يفعل ذلك ما دام على قيد الحياة.. ويأمر أبناءه من بعده أن يفعلوا ذلك أيضاً.. قلت للأستاذ أحمد آدم سالم.. الأمر كله في حيز العام.. ومهمتنا في الصحافة الدفاع عن مصالح الشعب، ما دامت القضية في حيز (العام) وليس الخاص.. وكل الذي فعلته أنني قلت رأيي في تعيينه مديراً لشركة الأقطان في هذا التوقيت.. وأن يأتي الترشيح من وزير الزراعة د. عبد الحليم المتعافي يبرهن أن الاختيار ليس له علاقة بالتخصص أو الخبرة في المجال.. ولحساسية الوضع الذي تتعرض له شركة الأقطان الآن فإن مثل هذا الإجراء يهدر كثيراً من صدقية مجابهة الفساد القائم في هذه المؤسسة العريقة التي أهدرت مصالح المزارعين بل والشعب السوداني قاطبة.. وللحقيقة. فإن أمثال أحمد آدم سالم كثر.. الذين يفترضون أن النقد الموجه في حيز العمل (العام) يهتك جدر الحياة الخاصة الشخصية والأسرية.. وهذا افتراض خاطئ.. فالذي يتولى المنصب العام أيّاً كان.. فإنه وفي حدود هذا المنصب العام متاح للنقد والجرح والتعديل.. والطريقة الوحيدة التي تمنع ذلك وتحصن المرء ضد النقد.. ألاّ يقترب من المنصب العام. وفي قضية أحمد آدم سالم هذه بالتحديد.. وفي صباح يوم الخميس الذي نشر فيه (حديث المدينة) اتّصل بي د. عبد الحليم المتعافي.. وكان ثائراً وهائجاً وفي خضم انفعاله وغضبه سمح لنفسه باستخدام كلمات شاتمة لا حاجة لاسترجاعها هنا.. ولا أعلم كيف علمت بها صحيفة الانتباهة التي نشرت خبر هذه المحادثة الهاتفية في اليوم التالي مباشرة. والذي حدث بعد ذلك أن السيد رئيس الجمهورية المشير عمر البشير أصدر قراره بعد يومين فقط بحلّ مجلس إدارة مشروع الجزيرة.. وإلغاء قرار تعيين أحمد آدم سالم. واستبداله بالأستاذ عثمان سلمان.. المدير السابق للجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي.. إذن رئيس الجمهورية نفسه، الذي تتوفر له المعلومات والحيثيات، وافق تقديره ما جاء بالعمود.. فما المشكلة إذن؟؟ أين القضية الشخصية هنا؟ على كل حال.. ملف قضية الأقطان أخطر . وأكبر كثيراً ممما يتصور الكثيرون.. ولا سبيل إلا متابعته بكل جدية.. بلا مجاملة.. فالذي ارتكبه هؤلاء في حق المزارعين وشعب السودان أكبر كثيراً من أن يترك بلا محاسبة.. رضي من رضي.. وغضب من غضب..!! التيار