قولوا حسنا مع وزير المالية -2- محجوب عروة [email protected] وعدت أمس بالتعليق على الحديث الشامل الذى قدمه لنا وزير المالية السيد على محمود يوم السبت الماضى على مدى خمس ساعات.. انصب حديثه بطبيعة الحال على البرنامج الثلاثى لأستدامة الأستقرار الأقتصادى للأعوام 2012 – 2014 والذى أجازته الدولة مؤخرا بعد انفصال الجنوب وتداعياته. وبما أنه لا تسمح هذه المساحة لرصد كل حديثه لكنى أختصر الركائز الأساسية للبرنامج باعتباره المؤشر لسياسات الأقتصاد الكلى للدولة التى اعتمدته الدولة سيما وأن الميزانيات السنوية الثلاث قد بدأت منذ العام الحالى الذى هو بداية البرنامج، فالميزانة بأرقامها هى التى تعكس سياسة الدولة لتنفيذ البرنامج سنويا. وكما ذكرت أمس كان السيد الوزير متميزا فى طرحه ولكن ذلك لا يمنعنا من التعليق على البرنامج الذى بدأ بعبارة تقول ( تميز الأقتصاد السودانى بالأستقرار فى العشر سنوات الماضي بعد تنفيذ برنامج اصلاحى واسع كانت له نتائج ايجابية بارزة). ولعل أول ما يلفت النظر سؤال هام اذا كان حجم الصادرات الكلية قد زادت كثيرا خلال العشرة أعوام الماضية كما قال البرنامج والتى يشكل فيها البترول الحجم الغالب فأين ذهبت تلك الموارد الهائلة؟ يعترف السيد الوزير بالقول – وهو صادق – (لم تستخدم بالصورة المطلوبة). وأنا أعزو ذلك الى غياب التخطيط السليم الحكيم وعدم اتباع السياسات الأقتصادية الكلية الصحيحة وعدم الرقابة والمحاسبة من مؤسسات الدولة خاصة الجهاز المنوط به ذلك وهو البرلمان الذى كان خاضعا بالكلية للجهاز التنفيذى والسياسى، ولذلك نقول من الذى يضمن استمرار نفس المنهج ومن ثم فشل هذا البرنامج كما فشلت غيره من سياسات، فالشاهد كما يعلم الجميع أن وقوع الأقتصاد السودانى فى (المرض الهولندى) ولعنة الموارد اضافة للفساد المؤسسى والشخصى الذى ضرب الأقتصاد السودانى واستمرار الحروب الأهلية والصراعات التى تكلف كثيرا والتضحم فى جهاز الدولة مركزيا واتحاديا كانوا أكبر المعاول لتدهور الأقتصاد السودانى الذى ظل دائما متذبذبا وغير مستقر بعكس ما جاء فى مقدمة البرنامج ولعل ارتفاع نسبة التضخم والبطالة والأنخفاض المستمر فى قيمة الجنيه وازدياد حالة الفقر وتدهور احوال المعيشة مؤشرات واضحة لذلك.. أقول ان وزارة المالية لا تتحمل وحدها مسئولية التدهور فالأقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة. يركز البرنامج الثلاثى بشكل أساسى على استعادة التوازن الداخلى والخارجى وتحقيق استدامة الأستقرار الأقتصادى ومحاصرة عوامل تدنى مستوى المعيشة للقطاعات والشرائح الأجتماعية الضعيفة ومحاربة الفقر واعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة ومحاصرة العجز الكلى وزيادة الجهد المالى والضريبى للدولة اتحاديا وولائيا وترشيد وضبط الأنفاق الجارى خاصة على النقد الأجنبى فى الحكومة واضافة الى الأنفاق على مشروعات التنمية القومية وتحريك واستغلال طاقات القطاعات الأنتاجية لسد الفجوة فى السلع الرئيسية واعادة صياغة دور العنصر البشرى وبناء قدراته وخفض معدلات البطالة وزيادة معدل تدفق الأستثمارات الخارجية. ولنحقيق ذلك يقول البرنامج بوضع سياسات فى مجال القطاع الحقيقى نحو زيادة الأنتاج والأنتاجية بتفعيل سياسة الأكتفاء الذاتى خاصة من السلع الأساسية الثمانية ووضع برنامج لأعادة تشغيل المصانع المتوقفة وتوجيه الأستثمارات من التركيز على القطاع العقارى نحو التعدين خاصة الذهب لتغطية العجز فى النقد الأجنبى وزيادة الأنتاج الكهربائى. أضف الى ذلك يستهدف البرنامج الأهتمام بالقطاع الخارجى والقطاع المالى واهتمام خاص بالقطاع الأجتماعى كما ذكرنا آنفا ولا ينسى البرنامج القطاع الخاص وأهمية تفعيله ومن ثم انهاء منافسة الدولة له، كما يهتم بتنظيمات المنتجين من زراع ورعاة لتواكب الحداثة والتطور. ثم حدد البرنامج آلية مركزية مفوضة بالكامل لتنفيذه.. نواصل التعليق.