بسم الله الرحمن الرحيم القناة الهضمية قبل الفضائية ..يا حمدنا الله عباس فوراوى hotmail.com @ Forawe كتب مولانا سيف الدولة حمدنا الله قبلئذٍ ، مبشراً الناس باقتراب ساعة انطلاق قناةٍ للمعارضة السودانية ، ثم أردف المسألة بمقال آخر فى الثالث من مارس الجارى تحت عنوان ، القناة الفضائية ..دبوس فى عين الانقاذ !!. تساءل الكاتب مستنكراً كل هذا التأخير ، ومستغرباً هذا التعطيل غير المبرر ، بل لائماً لؤم الحركات المسلحة فى عدم تنازلها عن ثمن شحنةٍ واحدةٍ ، سالبةٍ من سيارات "التاتشر "- حمَّالة الطلقات الرصاصية الزاهقة لأرواح الأبرياء و المُضَلَّلين من لدن الحكومة – لصالح انشاء هذه القناة ذات الفاعلية الناجعة . عاب الكاتب أيضاً على القوى السياسية المعارضة للنظام سلبيتها المتمثلة، فى عدم دعمها المادى لهذا المسعى الاعلامى النافع ، ولم ينس أن "يجلُط " ب- طرف مُحَّارته- شيئاً من العار والشنار على ثيابها اللامعة. حقيقة كنت أتابع المقال بكل انسيابيته الابتدائية الجاذبة ، بل تساءلت لماذا لا يكون العنوان " القناة الفضائية ..دبوس متساوى الساقين فى عينى الانقاذ " بدلاً عن عينٍ واحدةٍ ، والكل يعلم أن للانقاذ عينين ولسانٍ وشفتين . لقد كان الرجل بارعاً ،وهو يعزف على أوتار القومية لبعث روحها المحروقة ، بين أبناء الوطن الواحد عبر هذه القناة الفضائية المُتَخيَّلة حتى الآن ، ولكنه "حَرَنَ " بكل أسف كما حَرَنَ الذين قبله من المثقفاتية الرماة ، محترفى الذرائعية والتبريرية . كتب الرجل مادحاً جهل الشعب السودانى بالقبائل، التى ينحدر منها أساطين الحقبة المايوية الشمولية ،ورجالها الأقوياء أمثال زين العابدين وبهاءالدين . أضاف كاتباً " الشعب السوداني يعلم كل شيئ عن (شوقنة) عوض الجاز لوظائف وزارة المالية والبترول، و (دنقلة) جلال محمد عثمان للقضاء، و)جعلنة) وظائف الأمن والشرطة على يد الرئيس، وقبل الانقاذ كان الموظف الحكومي في أسفل السلم يشمله كشف التنقلات وهو من أهالي العيلفون للعمل في كادوقلي من الدامر وبعدها ينقل الى كسلا." بالطبع أنا لا أدافع عن أبناء قبائل الشايقية، والجعليين، والدناقلة الذين يدافع عنهم تاريخهم، وبذلهم ،وعطاؤهم، وابداعهم اللامحدود، وليس ركونهم لمساوئ الدونية، ومهاوى التهميش التى أدمنها الآخرون، ورموا بأدرانها هذه القبائل الرائدة والقائدة . ما ذنب الشوايقة اذا كانوا نابهين ونابغين ، وما ذنب الجعليين اذا كانوا جادين ومجدِّين، وما ذنب الدناقلة اذا كانوا ورعين وحاذقين . من ذا الذى يستطيع أن يحاسب ذا الجلالة ، الذى خلق الآخرين من طين، وأطلق سراحهم لاعبين فقط . ان كل انسان يسر لما خلق له ، والله يخلق البشر، والبشر يطبِّعون بعضهم البعض بالتعلم والتجريب والتأسى ، فما ذنب هذا الثالوث العظيم الذى أرهقه تثاؤب العاجزين ، وأنهكته ملامات غير القادرين على التمام . ان كثيراً جداً من ضحايا هذا النظام الحاكم ،ومن أشد المعارضين له ينحدرون من صلب هذه القبائل المستهدفة ، ودونكم شهداء رمضان الذين قالوا لا مبكراً، فأعدموهم ذات ليل . كما أن حزب المؤتمر الوطنى الحاكم يعج بأبناء القبائل الأخرى ، ولكنهم عاجزون عن التعبير الحقيقى عن أنفسهم ، للوثاتٍ تعتريهم ، ومطامع دنيوية تستهويهم ، وتسيطر على اللب منهم . أطالوا عمر النظام ،بمواقفهم السلبية القاتلة . لعل السبب يرجع أيضاً لمنقصاتٍ تاريخية وجغرافية ونفسية وأخرى يعلمونها هم . انَّ الأمر ليس راجعاً لسطوة ونفوذ هذه القبائل ذات القوة الثلاثية ، وانما يرجع الى ضعف وهشاشة أبناء القبائل الأخرى . نحن لن نبكى خيبة الآخرين، الذين اكتفوا بالاطِّلاع أو التدبيج للمقالات المحرضة ، واختلاق الملفات المزورة، ورفد الجهات المعادية بمثل هذه المعلومات الكاذبة، التى لا يقصد من ورائها الا استعداء الآخرين على هذه القبائل، التى هى جزء لا يتجزأ من النسيج الكلى المكون لمجموع سكان السودان . لعل هذا الكاتب الذى نتأسف ، لعدم معرفتنا به، وبقبيلته لم يأت بجديد، ولكنه جدد جرحاً قديماً اجترحه مستجدو نعمةٍ آخرون ، يدعون أهل الكتاب الأسود .. لم تكن وحدك أيضاً أيها السيف ، فقد سبقك أهل خيبةٍ آخرون، ادعوا أنهم منحدرون من أرض الشمال النيلى ، وجرفتهم رياح الهجرة الى ديار الصعيد، فانتقص قدرهم، ونام حظهم بسبب المكان والزمان ، فطفقوا يأكلون لحم بعضهم غير آبهين لحرمة . يا ليت الأجداد كانوا يقظين يومها ، فألزموا أجدادهم جُدُرَ المحبسين شمالاً كما المعرِّى عليه وعليهم الرحمة . يا ليتهم عاشوا على ماضى الذكريات وصمتوا . لكنهم احتفلوا بما ظنوا أنه اختراعٌ تاريخى ، وهو ابتداع مصطلح " التضامن النيلى " الذى يشمل قبائل الشايقية ، والجعليين ، والدناقلة . قالوا أنَّ الترابى والصادق المهدى أو الشيخين ، قد اصطدما بصخرة " التضامن النيلى" فتحطما ، ولذا فان أمرهما يستوجب التعاطف والمواساة كجرحى العمليات . الشعب السودانى كله يعرف ، أن جعفر النميرى "الدنقلاوى" المنحدر من قرية ودنميرى بالشمال، والعائش بين الجزيرة وودنوباوى ، هو الذى صدمت "صخرته" الصادق المهدى "الدنقلاوى " المنحدر من جزيرة لبب بالشمالية المجاورة لقرية ودنميرى، والعائش فى ودنوباوى والملازمين . السودانيون يعرفون أيضاً أنَّ الصادق المهدى قد أصيب بصدمة مزدوجة من صهره الترابى " راجل المنشية " المنحدر من الجزيرة ، وعمر البشير "راجل القصر " المنحدر من حوش بانقا والمقيم بين كوبر ، وصراصر بالجزبرة . أما الصدمة الأخيرة التى حطمت الترابى فقد كان الرجلان "البشير والترابى " يتصارعان للسيطرة على الصخرة ، فأوقعها القدر على رأس الترابى فحطمته ، وقد كان من الممكن أن تهوى على رأس البشير فتفعل فيه الأفاعيل . اذن أين التضامن النيلى المفترى عليه ، وضد من استُخدمت آلياته والصادم والمصدوم من خارج الشريط النيلى والصخرة فى قلب الخرطوم ؟؟ مالكم كيف تحكمون ؟!. انَّ الأخ سيف الدولة حمدنا الله ، ومن يسيرون خلفه أو أمامه، من أمثال الاخوة عبداللطيف سعيد، وأحمد المصطفى، وعليو الرزيقى ،وحسن محمد صالح الكباشى ، وغيرهم ،محتاجون أولاً لاطلاق قناةٍ هضميةٍ قومية قادرةٍ على ازالة الحوامض القبلية ، وعلاج سوء هضم الآخر، بجمع كل أهل السودان عند صعيد واحد، كما الغذاء الصالح للتناول ، والمضغ ، فالبلع ، ثم الهضم السلس ، الذى يحيل الطعام الى غذاء نافع ينتج دماً مؤكسداً يغذى شرايين الوطن العطشى ، ويدفع قلبه الى النبض المعافى ، ويرفد جهازه التنفسى بالهواء النقى ، وأجهزته الأخرى بالمعافاة الدائمة . ليس من المعقولية أو المنطق، اطلاق قناة فضائية لخلق الفتنة بين القبائل، والتحريض ضد بعض المجموعات السكانية ،وبث أسباب الكراهية بين الطوائف . أنا متأكد من أن الحكومة نفسها تنتظر - مبتسمةً - لقناتكم هذى ، بفارغ أو فارق الصبر ، لتتفرج على كيدكم لبعضكم ، فأنتم وبهذا الطرح الفطير تحملون بذور فناء قناتكم فى رؤوس أقلامكم . وأخيراً : سيروا للأمام وعين الله ترعاكم بدون "دبوس " ، وأوصيكم بأن تولُّوا شأن القناة لشايقى ، ومذيعة دنقلاوية ، بتمويل جعلى ، وبمستمعين من القبائل الأخرى...والا فلننتظر قناةً شبيهةً باذاعة تشاد فى أواخر الثمانينات وهى تخصص نشرةً كاملةً بحثاً عن البهائم الضائعة والجمال النافقة .