بلا انحناء "عوضية عجبنا" .. بأيُّ حالٍ عدت يا "8" مارس - (2) فاطمة غزالي [email protected] تظل المواقع إلكترونية هي منابر التعبير عن سياسات الإنقاذ السالبة حينما تُضّيق على الخناق الصحافة المطبوعة ،خاصة في القضايا التي تثير اهتمام الرأي العام وغضبه وهاهي قصة قتل"عوضية عجبنا" نموذج لعودة الرقابة القبلية عبر الهاتف التي منعت هذه الزواية من تناول قضية "عوضية" فكانت الصحف إلكترونية هي مهبط الكلمات والأقلام. قلنا لسنا مع الانهيار الأخلاقي والانحلال في المجتمع كما ورد بزواية الأمس حينما تحدثنا عن مأساة المرأة السودانية وهي تستقبل اليوم العالمي للمرأة، الموافق اليوم (8) مارس يوم نصرة المرأة، وتحررها من الظلم والقهر، لا شك في أن المجتمع أصيب بالفاجعة من المأساة التي تجسدت في مقتل (عوضية عجبنا) فتاة الديم التي راحت للظلم بدعوى محاربة الظواهر السالبة والممارسات غير الأخلاقية -لو فرضنا جدلاً أن هناك ظاهرة ما خطأ تتطلب المعالجة والمكافحة- وليس هناك حق يمنح رجل الشرطة إزهاق الأرواح بصرف النظر عن أن القتيلة بريئة أم مخطئة...ولو فرضنا أن الحكومة الآن تطبق الشريعية الإسلامية هل قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق هي عقوبة مشروعة في الإنقاذ، ولماذا دولة الشريع تنتهك حرمات الله !!.. حينما نتحدث عن الحلقات المفقودة في أسباب انهيار الأخلاق، وضرورة البحث عنها لا بد أن نتحدث عن فشل الإنقاذ في صياغة مجتمع معافى من الأزمات الاجتماعية والنفسية ،للأسف سعت الإنقاذ لتحقيق مشروعها الحضاري بالتي هي أسوا حيث كان نهج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مكتنز بالقسوة وبعضها مخالف حتى لشرع الله، وقد نهى الله عن التجسس فكان التجسس والتربص بالآخر وقتل النفس التي حرم الله ،والتعذيب جزءاً من الممارسة في محاولة التطبيق، فكانت التجربة المنسوبة للإسلام خصماً عليه وانفض بعض المهندسين للمشروع الإسلامي هرباً من وزر المسؤولية، وهذا الانفضاض من المواطن أو عرابي الإنقاذ يعكس العجز في صناعة دولة يتساوى الناس أمامها حيث أن المقربون وأهل الجاه والسلطان هم الذين نالوا رضوان ورحمة السلطان بينما يتحرق الآخرون بقسوة سياسات النظام، الذي فشل في أن يخلق منظومة سودانية متوافقة سياسياً واجتماعياً فعاش النظام نوعاً من الغربة ولم يتعظ بقوله تعالى حينما خاطب في كتابه الكريم سيدنا محمد (ص) (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ). لأنّه العليم القدير يدرك طبيعة النفس البشرية وفرارها من القهر حتى في تطبيق شرائعه لذا جاءت تعاليم الإسلام متدرجة في تحريم الخمر، وليس هذا فحسب بل رحمة الله ولطفه شملت حتى فرعون الذي قال (أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى) حينما قال عز وجل لسيدنا موسى عليه السلام (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى). علينا أن ننظر إلى الواقع الاقتصادي والسياسي من حولنا قبل أن نحمل آليات المحاربة ، فهل هنالك من يطرح التساؤلات حول "لماذا يزداد عدد الشباب المتعاطين للمخدرات؟.. ولماذا تقوم المرأة ببيع الخمر ،ولماذا كثرت أماكن الشيشة؟.. ولماذا يستقبل مركز "المايقوما" يومياً أعداداً ليست بالقليلة من الأطفال مجهولي الأبوين ناهيك عن الذين تأكلهم الكلاب في الطرقات وأماكن القمامة، هل المحاربة والمداهمة كافية للردع أم أن هناك خطوات اصلاح لا بد أن تتبع كيما نعيش في مجتمع معافى من الفساد الأخلاقي بشتى ضروبه؟؟، وهل يدرك المسؤولون أن الفقر والجوع والإحباط واليأس جمعيها معاول تهدم الأخلاق؟.. هل يدرون لماذا رفع عمربن الخطاب الحدود في سنة من السنوات عندما ضاق الأمرُ بالناس؟.. إلى متى سترتع التجربة الإنقاذية في ميادين منطق القوة ، وقهر المواطنيين ، ألم يئن لهذا الشعب أن يرى نور التغيير الذي يعيد الأمور إلى وضعها الطبيعي.