[email protected] تذكرت مقال قرأته للكاتب والسيناريست المصرى بلال فضل يحمل هذا العنوان عندما إطلعت على خبر بكاء إدريس "احد اعضاء وفد التفاوض الذى قرر الحريات الأربع" و رجل الدين الذى أعلن عبر صفحته فى الفيسبوك أنه يبدى ندمه على "فتوى" ترشيح البشير في الانتخابات الأخيرة!. ورغم تضارب الخبرين إلا أن لهما إرتباط وسأأتى إلى ذكره لاحقا كما سأقص عليكم قصة فتوى البوس التى رواها بلال. نبدأ من الأخير وهو السيد د. مهران ماهر عثمان. فالمعلقين الأفاضل لم يتركوا شاردة سؤوال ولا واردة إستفهام لم يطرحوها. فقد طفت على ورود و شوك تعليقاتهم لأقطف زهور وأمتص منها رحيق يقوينى لألسع به وأضعه كعسل فى مقالى وتضيفوا قشطة تعليقاتكم من جديد. يتساءل سوداني الذى لقب نفسه بجبان والذى لا أعتقد أنه يكون كذلك وهو يكتب مثل هذا الكلام: "نتساءل يادكتور لاحظ انك بتقول فتوى وليس رأي اذا كان الامر كذلك فيجب عليك الاستغفار والتوبة ثم محاولة رد كل ظلم وقع بسبب تلك الفتوى وأن تتعلم بعد ذلك ان رأيك كشيخ في امر من امور الدنيا هو رأي عادي وليس له قداسة فالحجة فيما تنقله من علم شرعي وليس فيما تراه خصوصا في امور دنيانا وهذا لجميع شيوخنا الافاضل". إنتهى تعليق السودانى المقدام. ويضيف "asabang".: "على أى أساس أصدرت الفتوى ؟. هل كانت على أسس دينية سليمة؟ (إن كان كذلك فليس هناك ما يدعو للندم) أم لهوى فى النفس، أم أن الفتاوى صارت مثل عرضحال المحاكم، كل من يجلس على طاولته يكتب ما يراه مناسبا!. أنت مسئول أمام ربك فى إصدارها وأمام كل من تعرض للظلم على يد السلطان؟...الآن ماهو الترياق لفتواك هذه؟؟ أهو إصدار فتوى مضادة للفتوى الأولى..!!أم الإعتذار للشعب السودانى..أم الإستغفار...؟؟". ونعرج على hglhsN : "وما جدوى الفتاوى اصلا؟. ولم تكن هناك افتاءات؟. ولماذا تلجأ الدولة الى الافتاءات بدلا عن القانون والسياسة والمصلحة؟. أليس الفتوى هى ابانة رأى الله فى شيئ ما ؟. حسنا،، فمن ينصب نفسه وكيلا لله فى ارضه؟، من يستحق ذلك؟. هل تفتى ان رأيك ما هو رأى الله !! ثم تعود وتقول ، لم يكن رأى الله ؟؟؟. اتقوا الله يا عباد الله ، ودعوا امر الله لله...". ونمص الزبدة من الشايل المنقة حيث قال: "يافضيلة الشيخ، كان أصدرت فتوى ولا عملت ليهو فتة، (يقصد البشير) ,,الزول ده قاعد.. قاعد ,, أها هسع حتعمل ايه,ورينا!!؟؟." إنتهى تعليق المعلقين الواعين وهى الخلاصة والعتبى حتى يرضوا للذين لم أورد تعليقاتهم. وأنا لن أضيف شيئا، وسأرقب مثلكم فقط فى إنتظار مهارة مهران ماهر وهل سيقدم تانى فتوى ممهورة!. وعلى شاكلته تقريبا قام احد الشيوخ بالطنطنة على اتفاق الحريات الاربع. فقد كفى ووفى الأستاذ القدير حيدر المكاشفى بتصويب سهام النقد الجادة على ذاك الإمام فى مقاله "طنين طنون". وكتب الأستاذ ضياء ايضا.. وأنتقد ولكن كانت لديه جملة لهذا الطنون بأن يحمل سلاحه ويذهب الى جبهة القتال!! فهل السيد بلال مقتنع بهذه الحرب العبثية!!. ليس موضوعنا وموضعنا هذا الشيخ الذى يحرض للفتنة. ولإستسهال الموضوع كما أن هنالك فول بالجبنة أصبحت هناك فتنة بالفتوى، والعياذ بالله. لماذا لم يحاول هذا الإمام إصلاح ذات البين. ألم يعلم أن الله أنزل فى القرآن أنه كتب على بنى إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا. أليس هناك أبرياء يموتون وأسر تتشرد. أليس من الأولى أن تتحدث عن الفساد!!. لم نقل لك فساد الحياة السياسية أو مؤسسات الدولة ولا الرؤوس الكبيرة إنما الفساد الذى استشرى فى المجتمع وبدأ ينخر فى تقاليده وعاداته الحميدة. ظاهرة الكذب والنفاق وعدم الاحترام للانسان واخيه الانسان، الرشوة، المحسوبية، الخيانة، الإتكالية، السلبية، .. إلخ. فكر قبل أن تتحدث كيف نساعد الفقراء والمساكين بمشاريع ونتغلب على العنصرية والجهوية التى تفشت فى المجتمع. فكر فى أبواب سلام تصنعها يمكن أن يطرق الناس عليها بشدة ليفتح لهم فيجدوا من خلفه المحبة والسعادة وراحة البال التى لا تأتى إلا من مساعدة الإنسان لأخيه الإنسان ومن بعدها يكون قد كسب الدنيا والآخرة. خذ مثال بيل غيتس الذى تبرع بنصف ثروته لمشاريع خيرية فى أفريقيا والشرق الأوسط من أجل إزالة الفقر والتعليم وتنمية الإنسان، وأضربه مثلا لعلهم يخجلون. خذ التجربة منهم وتأمل معى الحكمة من لسان الفيلسوف الألمانى ألبرت شفايتزر "لن يعثر المرء على السلام الا عندما يوسع المرء دائرة تعاطفه لتشمل جميع الكائنات". لم يقل إنسان فقط، بل جميع الكائنات، حتى الحيوانات والجمادات. لاحظ معى كلمة "تعاطفه!" أليست هى مشابهة لكلمة ((وليتلطف)) والتى يجب بعدها السكوت وهى الكلمة التى فى منتصف عدد كلمات القرآن الكريم تماما والتى حوالى 77439 فى سورة الكهف. "التلطف". ألا ترى ولا تأخذ العبرة من الغربيين جورج كلونى وهو يذهب لمناطق المهمشين والحرب محاولا معرفة المشاكل وتأثيرها وان كنتم تختلفون معه، فأذهب لتعرف المشاكل وتقارب وجهات النظر. فلا تكن كلونى الآخر الذى أكل يوم أكل الثور الأسود الذى ذبحه الطيب مصطفى سمبلا!. كل السهام صوبت نحو هاتين العينيتن من رجال الدين الذين ابتلينا بهم ونسأل الله لنا ولهم الهداية. وأريد أن أصوب سهم مخصوص على د. إدريس معه منديل يقتل بها دموع النفس الأمارة بالإحباط وعدم الثقة، و بعض السهام علينا نحن كمتلقين ومحبين ومتمسكين بديننا ومستمعين لأمثال هؤلاء الشيوخ. احترامنا موصول لكل انسان أولا. إننا لسنا بنفس درجة علمهم بامور الدين ولكن لدينا عقول تحكم وتزن بلدان، ولكن لا ثقة من أمثال هؤلاء، فهل هو أساسا صانع قرار!. فإذا لم يؤدى قرار إتخذته لإرتكاب الموبقات وكبائر الاثم والفواحش، فاذا اخطأنا ليكون لنا اجر واحد؛ واذا اصبنا يكون لنا اجران. أم هذا الحديث ينطبق عليهم ولا ينطبق علينا!. وهذا القرار خير فلماذا تبكى على فعله. والرسول الكريم صل الله عليه وآله وسلم قال: ((استفتى قلبك ولو افتوك)). انما يريد الرسول صل الله عليه وآله وسلم ان يجعل لدينا راى فى النهاية وثقة بما نتخذ، فمهما طنطن وتحدث وافتى وزبد أى شخص كان فالقرار هو عقلك. وأيضا شرعت لنا الإستخارة كذلك لكى لا نأسى ونزرف دموع الندم. فيجب أن ننهض وننفض عن عقولنا غبار الإتباع الأعمى، فما كل من إلتحى وانتقدنا يريد أن يبكينا هنا وهناك.. دنيا و أخري. فما فائدة البكاء إذا كان هو سيولول فى النهاية نتيجة فتواه. فلا للإنكسار وقبول الإستخفاف كما قال الرئيس الامريكى السادس عشر إبراهيم لنكلن: "إنهضوا أيها العبيد فانكم لا ترونهم كباراً إلا لأنكم ساجدون". ونرجع لما رواه الأستاذ بلال فضل. فيقول أنى تعودت على ذهاب الحلاق لتخفيف ذقنى حينما ينادينى من لا يعرفنى :"يا شيخ". ففى إحدى المرات استوقفت تاكسى وكان للتو خرج منه زبون سابق. سائق التاكسى قام ببوس المبلغ. وإتلفت على فقال: يا شيخ، هل بوس الفلوس حلال ام حرام!. فصعب علي ان أكسفه متقمصا دور شيخ يقطر ماء الوضوء من لحيته متمسكا بقناع الجدية. فظن سائق التاكسى انى لم افهم سؤاله. فقال مجددا: معليش يا شيخ؛ بس مرتين حصلت معى مع شيوخ مثلك ركبوا معاى وقالو لى بوس الفلوس حرام. وحينها قلت: هل قال لك سوف تخرج من الملة مروق السهم من الرمية!. استبشر وجه السائق خيرا لانه اعتقد بالكلمتين انى شيخ بصحيح وهو لا يعلم شحنة الضلال والاستهبال التى عندى. واضاف: لمن قالى حكاية السهم دى اتخضيت رغم ما قلتله له نحن موحدين. وكان الاول دقنو اصغر من بتاعتك حبتين لكن التانى دقنه اطول من دقنك شوية وزبيبة الصلاة واكلة نص وشه..!. وبعدها كدت ان انفجر فيه بكلام يسم البدن عن هذه المهزلة الماساوية التى سادت والناس يطلبون الفتوى فى سفاسف الأمور مثلا عن لمس المراة خضروات على شكل ذكر الرجل! بينما لا يسئلون عن فتوى للظلم الواقع والفساد المستشرى والتعليم المنتهى والصحة المفقودة ... فتمالكت نفسى لهذا الرجل الشقيان. فقلت له: شوف يا سيدى الحكاية مش مستاهلة. انما الاعمال بالنيات. انت لما بتبوس الفلوس بنية التقديس ام بنية شكر الله عز وجل لانه رزقك بيها؛ زى مابتبوس رغيف العيش او اللقمة اللى بتقع. قاطعنى اسطى التاكسى: ولكن انا قلت للشيخ نفس الكلام والشيخ قال لى حرام برضو بوس الاكل!!. حينها نظرت الى السائق بحزن شديد فقلت له :"انت عمال تسأل الناس! رايك انت ايه؟ استفتى قلبك!". بعد هذا قال الاسطى :ليه حتحيرنى ليه يا شيخ دا أنا اللى بسألك؟. صمت وتبينت قروب مكان نزولى وجيت للأسطة من شباكه. وقلت له: شوف يا أسطى، فلوسك دى حلال ولا حرام؟. فرد مندفعا: حلال طبعا يا شيخ. قلت له: "لو حلال مش بس تبوسها..نام معاها لو عايز". وجريت. فأستفتوا قلوبكم يا ناس وفروا بها أنتم أيضا إلى الله.