[email protected] يا حمّيد أقيف شوف الخلوق محنانهْ عسلك سال بحر فوقو النحل ونّانه يات مَن ضاق غرف.. جازاك دبابير دانهْ (المُنادي/صِنوه: قدّال) وها أنت، يا شاعري، على عجلةٍ، وقفتْ لا كما أراد لك صنوك القدّال أن تقف، أن ترى، تنظر وتشوف.. ما فعلت بنا! ولولا معرفتي الحقّةَ بك، لظننتك قد فعلت ذلك عمداً. أن تقف هكذا فجأة لنرتطم بقفاك. ليرتطم الوطن بقفاك. لتتمطّى حوائطُ مظلاّته وعمائده، وصوّانُ تماثيله، وصخور برْكلِهِ، وحصاة كَبدنا.. أنا/ الضو بَكَى بكى، ما بكى بكّاهو حسّ الطائرات بكّاهو قدرتو تنتهي بكّاهو يرجى المعجزات تلفنت أمّي لأختي حفيّة، ولكنّ حفيّة قالت لها، قبل أن تبادلها التحيّة دونما حفاوة: حمّيد مات.. كلّمي عادل! فما الذي يعنيه الناس حين يقولون أنّ فلانا قد مات..؟! لأنّ الناس لا يفعلون الموت إلا وهم هازئين، فيدّعونه.. بأن ينقلبوا على قفاهم ملوّحين بأياديهم، عاقفين سيقانهم في الهواء/راقدين حتى الصباح! حسناً سأنتظر، كلّ ليلة، حتى صباح غدها، لأرى إن كنت جادّاً، بفعل ذلك.. أم هازئا بنا. تعرف..؟! حين تلفنت أمّي هذا الصباح مساءً عندكم (دون عمْد أو قصد أن تأذيني) كنت بعمل في قرّاصة. فتلَجْلجتْ يدي بين العجين وقلبي. وتلجلج صُلبي بين المقعد والصاج. زوجة أخي/حسين (المصريّة من أصل سوداني) فاجأتنا بالسؤال: (حمّيد مين؟!) فإلتقطته أمّي: (حمّيد الشاعر..! صاحب عادل) كنّا، يا صاحبي، نعبر، أنا وحفيّة، أو محمد عبد الرحمن شقل أو مدني، رقيّة، أو مَن كنت معهم ذلك الشارع المُترب الفاصل بين بوّابة "جامهة القاهرة" وبوّابة شِعرك/ مكان عملك.. وذات مرّة أتيْناكْ: كان صباح اليوم السبتمبري الذي أعلن فيه "النميري" جنونه السياسيّ/شريعته الإسلاماويّة. سألناك ذاهلين عن/ ما العمل؟!! فأجبتنا بأن رميت بكرّاسة شعرٍ لك إلى سلّة المهملات، قائلا بتهكّم وظيفيّ: من الليلة دي، ده دربي من الشعر الجِنِسْ ده! ولمّا أن خرجنا من عندك، باحثين عن درب للخروج من ورطتنا، قلنا لبعضنا: الشاعر الشايقي الشيوعي ده بقصد شنو؟!! إمكن يكون خاف بالجد جد.. وكت الجد..؟! (وكانت كلّ أيامنا جد في جد) أنا خايف ال (ش ش ش) ده يسوّيها فينا: يبطّل سيرة الشُرطة ويسب "المُطوّعين" الجايينَّنا.. ويورطنا! وكان بها، إذ خرجتَ علينا ذات قصيدة ب (دين الدقن الشيْطانيّة) فجفلنا.. وقبل قليل شاهدت تصويراً للناس اليُحبّونك، ذاهلين في موكب جنازتك، متعثّرين بذرّات الثرى، وهم ينشدون شعرك في باحة الموت، رافعين بكلماتك حزنهم نحو الذُرى، يشدّون بقصائدك من إزرهم، يتماسكون بها.. فتداعيتْ بمناداتك ناديْت، في “سوق عكاظ" الحزن والأسى، رفعت عقيرتي: {الشعر، الشعر.. يللا علينا جااايْ وبوصاياكَ غنّيْتْ: {ما بقولْلَكْ ما تساهر.. ساهر السهر البَفيدْ ما بقوللك ما تظاهر.. وانته هسّع كم شهيد ما بوصّيك وانته شاعر.. تبقى عشره على القصيد أبقى عشره على القصيد.. أبقى عشرة}! بقصائدك شددت عزم إعتقادي بأنّ البكاء لا يليق بوداع شاعر/ مثلك، وبرغمٍ بكيْتْ ولذا أمسكت عن مهاتفة قدّال، أو رقيّة، أو مدني، أو شَقَلْ. لن أناجي منعم رحمة في غيْهبهِ. لن أقوى على خدش رهافة حزنهم بصوتي الأجش حزنهم الجالسُ في أماكنك الشواغر بجواراتهم يجلونه بالشعر، يشُكّون فروته بالقصائد. قلتُ سوف لن أهاتف رقيّة ورّاق، والبذات هي؛ سوف لن أهاتفها. سوف لن أهاتف محمد مدني، لن أستخدّم “الكونفرنس كوول" كيْ لا يستبدّ بنا النوى نفشي سرّكَ/ مدى حُبّكَ لها من وراءِ ظهرها. وكيْ لا نحكي لها عن “هَمَلتْ بنات الشوايْقة" التي كنتَ تُعيّرنا بها: آتينَ بأبنوسةٍ شايقيّة “بَعيدةَ مَهْوى القرط" تتهادى بين “أرتري" و “دنقلاوي"! تكساس/ أمريكا 22 مارس 2012