.. [email protected] حرب البيانات بدأت تستعر من تحت رماد الوضع السياسي الملتهب في مصر فوق اثافي ما بعد الثورة الثلاثية بين ديمقراطية الكيزان..ورقابة المجلس العسكري وحركة الشارع الليبرالي أو قل الممثل للقوى العلمانية والمسيحية ! فبعد أن تذوق الأخوان وحلفاؤهم طعم السلطة التي لم تهضمها معدة تجاربهم الغضة على كراسي الأغلبية البرلمانية جيدا، تلمظوا بتلذذ لالتهام المزيد من كعكة السلطات ، وحاولوا التشويش على حكومة الفترة الانتقالية التي كلفت بقيادة السفينة الى مرافيء المرحلة الدستورية الكاملة بعد الانتخابات الرئاسية و صياغة الدستور! وهاهم ينقضون تعهداتهم التي أعلنوها على ما بيدو لمجرد احتواء وتجاوز أجواء التشكيك حول التزامهم بالعمل على قيام الدولة المدنية الديمقراطية التي يصاغ دستورها على الآساس التوافقي الوطني وليس عبر الأغلبيىة الميكانيكية داخل الهيئة التشريعية ، وذلك بما يشبه الهيمنة على اللجنة التأسيسية المنوط بها صياغة الدستور المصري ، وهو ما بدأ في نتائج انتخاب تلك الهيئة أمس ، الشيء الذي اعتبرته القوي الليبرالية خروجا عما اتفق عليه قبلا.. فانسحبت تلك القوي من تحت قبة البرلمان بغرفتيه النيابية والشورية لتنأى بنفسها عن مسئؤلية المشاركة في ميلاد دستور بدت ملامحه تطل برأسها ، ليكرس وفقا لما تعتقد تلك القوي لديكتاتورية الأخوان والاسلاميين ركوبا على سرج الديمقراطية واتخاذا له وسيلة وليس غاية في حد ذاته! ولم تقف طموحات الأخوان بعد فوزهم الأخير على ما ورد ذكره ، بل تعداه الى النكوص عن تظاهرهم بالزهد في منصب الرئاسة ، تحاشيا للتكويش على كافة السلطات أو كما قالوا ، فأعلنوا فجأة بالأمس أنهم يدرسون ويفكرون في تسمية مرشح يمثلهم في الانتخابات الرئاسية ! وهو بالطبع انقلاب في التوجهات المعلنة فيما قبل وبعد نجاح الثورة والذي يبدو أنه وكما ذكر الكثير من المراقبين كان مجرد دغدغة لمشاعر الناخب المصري والتفافا على التوافق المنادي بقيام دولة الثورة الديمقراطية المدنية التي تنأي بالبلاد عن اية صراعات طائفية محتملة أو اجتماعية واردة في حال تغول فئة على اليات الحكم تبعا لأحادية فكرها وتجييرها خلف صكها بقلم مصالحها وتوريده في حسابها عزلا للأخرين ، بدعوى التفويض الشعبي الذي لا ينكره عليها أحد ، ولكن حساسية وضع مصر التاريخي وتركيبتها المتسامحة تتطلب توافقا يحفظ تلك السمات ، باتباع صيغة تحالف أو ائتلاف من قبيل النموذج التونسي الذي وازن بين القوي الاسلامية صاحبة الاغلبية وبقية الفعاليات الليبرالية التي تلتها ، مما وفر قدرا من التعايش المعقول نظرا لذات الحساسية التي تكتنف المجتمع التونسي فيما بعد الثورة هناك ! فهل ينذر كل ذلك باحتمال أن ينقلب الجيش المصري غير المؤدلج على انقلاب الكيزان الديمقراطي ، ويعيد البلاد الى مرحلة ما قبل الملكية ، أو على غرار ما فعله الجيش الجزائرى استباقا لوصول الأخوان والاسلاميين هناك الى سدة السلطة رغم ما بدأ أنه اكتساح للانتخابات التي جرت في ذلك الوقت من آواخر القرن الماضي ! ذلك ما سيسفر عنه المشهد المصري في قادم الشهور أو الايام ، لاسيما وقد لاحت ملامحه في شد الخناقات المتبادل بين حكام المنصة الاسلاميين ،الممسكين بمطرقة الطاولة التشريعية وحكام الدروة العسكريين القابضين على الزناد ، في ظل حركة شارع الثورة الذي عاد الى الساحات رافعا لافتاته التي ابرزها واحدة كتب عليها بالخط العريض ( لا لحكم المرشد )! حفظ الله مصر العزيزة من شرور النوايا ، وصراعات الفتن لتظل كما كانت واسعة الصدر لكل ابنائها وبناتها و قبلة لكل الذين ينشدون الراحة من ابناء الأمة والعالمين في ربوعها المرحاب ، و بؤرة لاشعاع الحضارة ماضيا وحاضرا ومستقبلا. انه المستعان .. وهو من وراء القصد .