العصب السابع ما تبقى من وطن..!! شمائل النور كل ساعة تمر يتكشف للناس أن انفصال الجنوب كان فكرة معتوهة بكل المعايير، في هذا الزمان القاتم من تاريخ السودان يُدرك الجميع أن التاريخ يسطر في ذاكرته هذه الأيام أكبر جريمة ارتكبت في حق هذا الوطن، ليكشف حالها للأجيال القادمة وكأنها نكتة بلهاء تدعو إلى الشفقة على فكرة مُشرعها أكثر مما تدعو إلى الضحك.. إذ ليس من العقل أن تُفصل الغابة من الصحراء بكل هذا الجنون.. فقدنا ثلث الوطن وثلث موارده الاقتصادية، بل هناك من احتفل لكن سندفع الثمن جميعاً، كاملاً دون انتقاص. الآن فقط يجب أن نتعلم من هذا الدرس المُعقد التركيب البسيط الاستيعاب ضاع الجنوب، ومن الواجب ألا يضيع أي جزء آخر مما تبقى من هذا الوطن.. تابعنا جميعاً وبأسف السجال الدائر هذه الأيام حول اتفاق الحريات الأربع الذي تم تحويره بقدرة قادر إلى خيانة وطنية استحق بها وفد التفاوض الرجم أمام العالمين، وكأن وفد التفاوض لم تبتعثه هذه الحكومة.. من أنعم الله عليه بمثقال بصيرة لا أظنه يرفض هذا الاتفاق، ما دام سيوقف شبح الحرب على أقل تقدير، لكن الواقع يحكي الآن أن هناك من يسير عكس اتجاه الجميع، حتى لو كان هؤلاء قلة، إلا ان من بينهم من يملك طرائق عديدة لبث روح الحرب بدلاً عن السلام، ليسير كل هذا البلد في اتجاهه، اتجاه الدمار الشامل.. لا أعتقد أن هناك أهم من أن يتوجه الجميع في هذا الظرف كباراً وشيباً وشباباً بالنظر إلى كيف نحافظ على ما تبقى من وطن، والدور في هذه المرحلة هو دور النخب الواعية وعلى رأسهم الذين يملكون حق التعبير بأية وسيلة، أولئك الذين أدركوا تمام الإدراك ألا أحد متآمر علينا إلا برضانا، فليس هناك ثمة مؤامرة تُحاك ضدنا نحن دون كل العالم، فالمتآمرون يهتفون فوق رؤوسنا ولا نشعر بهم. الواجب الوطني الذي ينتظر هذه النخبة من الشباب الواعي هو بث الروح فيما تبقى من قلوب ماتت من كثرة غُبنها، الواجب الوطني الآن هو إيجاد علاج جماعي ناجع للحفاظ على ما تبقى من هذا الوطن، مهما كلفنا الثمن، نعم مهما كلفنا الثمن، فلتكن معركة وطنية خالصة نتقاتل فيها جميعاً. الوطن الآن مواجه بشبح التشظي أنحافظ على ما تبقى منه أم نُشارك في تقطيعه.. تشظي الوطن وتقطيعه ليس أمراً بعيداً عن الواقع، وقد بدأت أول فصوله في الجنوب وذات الأسباب ستؤدي إلى ذات النتائج، وليت شبح التشظي انتهى على قيام دولة في الجنوب والسلام، فلا زلنا نحترب بالرغم من هذه الفاتورة الثمينة التي دفعناها، وغداً إن لم نسع إلى حل جاد وحاسم وإن لم يتشاف كبارنا من هذا العته فسوف نفقد ما تبقى.. الوطن بحاجة إلى حل أخلاقي أكثر من كونه سياسياً وإلا سنهوي جميعاً إلى مكان سحيق. التيار