ماذا بعد..؟؟ شمائل النور إنه ليس حلم، لقد انفض السامر.. وتجاوزنا التاسع من يوليو الذي انتظرناه منذ عام 2005، وظللنا نُسميه اليوم الموعود، الآن وقد أصبح السودان، شماله دولة وجنوبه دولة جديدة، وبات الأمر واقعاً مُسلماً به وليس من مجال للتباكي وذرف الدموع لأنّها لن تُجدي نفعاً، لكن طالما أنّ هناك كُتباً تُسطر وتوثق تاريخ الأمم وتحفظه للأجيال القادمة، فلسوف يُفضح أمرنا ويوثق فشلنا لكل الأمم القادمة، وسوف تسخر منّا الأجيال القادمة إذ ارتكبنا جرماً في حق الجغرافيا والتاريخ بسبب حماقاتنا ولا شيء غير حماقاتنا، ولسوف ترى هذه الأجيال الجديدة الصور التلفزيونية التي وثقت حضور كل العالم لهذه الجريمة.. مستقبلاً، سوف يكون الأمر مضحكا ومدعاةً للسخرية. طالما أننا كنّا نُمهد لانفصال الجنوب عن الشمال، إذاً لماذا كنا نحارب طيلة تلك السنين العجاف، هذا السؤال فقط الإجابة عنه في الوقت الراهن تبدو مُخجلة، الآن ونحن نطوي صفحة جنوب السودان، توجب أن نطوي صفحات السنين العجاف، هذا إن اعترفنا بفشلنا في الاستمرار في العيش تحت سقف واحد وفشلنا الذريع في شرخ جغرافيا وتاريخ السودان. الآن ونحن في شمال السودان نلج جمهورية ثانية جديدة بكل حيثياتها ولم تبن ملامحها بعد، باستثناء بعض الإشارات الخطابية التي لم تُترجم واقعاً بعد، لكن الأمر برمته لا يبدو أنّه مُبشر بالحجم المطلوب للتخفيف على هذا الوطن المنشطر، فلا زالت أجزاءه الأخرى تحترب، جنوب كردفان أمرها باقٍ في مكانه وقد ضاعت بين اتفاق أديس وخطبة مسجد النور وها هي مُعلقة المصير، والنيل الأزرق تنظر من منصة المشاهدة، أمّا دارفور لم تهدنا الحكومة سلامها قبل الانفصال حتى ينزل الانفصال برداً وسلاماً، فالانفصال وقع ودارفور لم تشهد سلامها حتى الآن، وها نحن ننتظر الخميس بالدوحة إمّا سلام نهائي أو نفس مصير الجنوب سوف نعايشه في دارفور. انظروا كم من السنين وشمال السودان يحترب مع جنوبه، والناتج بعد هذه السنين أن الشمال دفع ثلث الوطن قرباناً لأجل السلام، أو هكذا يدعون، وبالمقابل لا سلام ولا أمان على أرض الواقع، بل المؤشرات تذهب إلى أنفاق مظلمة وما لم نُحكم قيادة ما تبقى من أزمات عالقة بين الوطنيْن ولا نقول بعد الآن بين الشريكين، إذا ما لم تُحسم جنوب كردفان بشكل نهائي، وتُنهى قضية أبيي بشكل سلمي يحفظ للطرفين حقهما بعيداً عن نظرية(المكاوشة) على الأرض، وإن استمر الشمال واضعاً الجنوب في رأسه والعكس، فنحن على موعد مع حرب جديدة تفوق تلك الحرب التي انقسم الوطن احتراماً لها، وكالعادة سوف تدفع الشعوب ثمن سياسات حُكامها الهوجاء، إذاً السلام الحقيقي لا المزيف بالمناصب اللامعة، السلام الحقيقي هو أول مطلب في الجمهورية الثانية، فلا تلخمونا بهيكلة الدولة ورشاقتها، وقف الحرب في جنوب كردفان وجب تقريره اليوم قبل الغد، دارفور وجب أن يتوقف نزيفها تماماً، وقف الحرب هو المطلب الأول قبل كل شيء، إفعلوها مرة واحدة، اهدوا هذا الشعب سلاماً حقيقياً غير مزيف. التيار