العصب السابع حلّوها أولاً..!! شمائل النور في الوقت الذي يتلوى فيه الوطن في كل أجزائه من شدة ما أصابه من أزمات متتالية كلها كانت ولا زالت نتاج طبيعي للقبضة الحديدية للحزب الواحد الذي يُنزل فينا طيلة الفترة الطويلة الفائتة فكرة واحدة ورغم الإثباتات المتتالية لفشل هذه الفكرة إلا أن الإصرار لا زال على أن تُصبح هي الصحيح المطلق رغم كل ما هو ظاهر.. في هذه الأثناء يُعلن الحزب الحاكم أنه لا يُمانع في إجراء انتخابات مبكرة، ويعلن جاهزيته لخوضها، وسيعلن قطعاً اكتساحه لهذه الانتخابات.. أيصدق أن يكون الحزب القابض على الدولة في كل مفاصلها صغيرة وكبيرة سوف لن يكتسح هذه الانتخابات كما اكتسح التي قبلها.. توقع كثيرون قبل الانفصال أن يحدث تغيير كبير داخل الأنظمة التي أعلنت الانفصال، باعتبار أن الحدث ليس عادياً، فكانت من التوقعات التي تحتكم إلى الدستور أن تُعلن الحكومة استقالتها لتتشكل حكومة قومية جديدة، يتغير الوضع كلياً بعدها، وإن لم يحتكم هذا التوقع إلي الدستور كان ينبغي أن يكون، لأن وزر الانفصال لا يتحمله أحد غير الذين أعلنوه، وكان هذا مطلب أساسي لجميع الأحزاب –رغم علاتها- واندلاق بعضها في المشاركة في الحكومة المستعرضة. انتخابات لن تتم بعد تشكيل حكومة قومية إنتقالية لن تحل مشكلة السودان بل ستزيدها تعقيداً، هذا إن كانت الدعوة لقيام انتخابات مبكرة جاءت من القلب.. بالضبط نحن نحتاج في هذا الظرف الحرج من تاريخ البلاد نحتاج إلى بصيرة من ضمير حي تضع الوطن والشعب أعلى القائمة حتى لا يعلو عليه شيء.. بعيداً عن من يكتسح الانتخابات ومن له قاعدة جماهير عريضة،ومن يراهن على الفوز، هذا كله لا يمثل نقطة في بحر الخروج بالسودان من معضلاته المعقدة الزائدة يوماً بعد يوم.. أظن أن أكثر من عشرين عاما على العزف المنفرد كافية جداً لتقييم التجربة بكل شفافية، والقليل من مكاشفة النفس بالإخفاقات التي أدت إلي ما نحن فيه الآن مطلوب الآن عاجلاً وليس آجلاً، فالإقرار عين العقل، وأُس الهداية إلى الطريق الصحيح.. انفصال جنوب السودان حدث جنوني بكل المعايير والأجن منه ما يعيشه الوطن الآن بعد فقدانه جنوبه هذا الحدث الذي غيّر مسار التاريخ والجغرافيا والإنسانية، إلى أسوأ –حتى الآن- يتطلب على أقل درجة الاعتذار والاستقالة وليس خوض انتخابات على سدة الحكم. الحكومة الحالية بمعطياتها التي بين أيدينا واضح جداً أنها فشلت في إدارة أزمة انفصال الجنوب إضافة إلى أزمات أُخر، وإن لم تعترف بذلك، عندما أعلن حزب المؤتمر الوطني انطلاق قطار تشكيل حكومة عريضة، ودعا الأحزاب للحاق بقطار "عثمان الشفيع" كانت إصرار واضح على المضي في ذات القبضة الحديدية فهي فقط إيجاد وظائف شاغرة لمن يرغب من أحزاب المعارضة.. الآن الحكومة تطلق دعوة لانتخابات مبكرة وهي تدرك أن هذه الدعوة لا تساوي شيئاً في اتجاه الحل الجذري.. الحلّ هو الحكومة القومية بفكرة قومية تضع كل أزمات السودان في طاولة واحدة وتُعدل هذا المسار الشيطاني.. لقد آن أوان أن نبدأ سوداناً قومياً حقيقياً. التيار