[email protected] يقولون ان دائرة الفقر تتسع فى بلادى وان هناك من يوظف الدين لجعل الناس اكثر تقبلا للفقر وعلى انه ايسر الطرق الى جنات النعيم وان مجرد الخروج من اتون الفقر يعنى الولوج فى عوالم الفسق وان الصبر الطويل على الفقر والتمرغ فيه حتى الثماله خير للمؤمن من الخروج منه . فهؤلاء يعملون جادين على اقناع الفقراء ان الفقر قدر سابق وسنة من سنن الله فى حين قال سيدنا على رضى الله عنه وارضاه : لو كان الفقر رجلا لقتلته ويقول جبران خليل جبران يا ايها الذين حاروا فى سبيل الاديان المتشعبة وهاموا فى اودية الاعتقادات المتباينة - فرأوا حرية الجحود اوفى من قيود التسليم ومسارح النكران اسلم من معاقل الاتباع اتخذوا الجمال دينا واتقوه ربا فهو الطاهر فى كمال المخلوقات انبذوا الذين مثلوا التدين لهوا والفوا بين طمعهم بالمال وشغفهم بحسن المآل وياايها الذين ضاعوا فى ليل التقولات وغرقوا فى لجج الاوهام ان فى الجمال حقيقة نافية الريب مانعة الشك ونورا باهرا يقيكم ظلمة البطل تأملوا يقظة الربيع ومجئ الصبح ان الجمال نصيب المتأملين . كنت فى السودان وهالنى فقر اهلى المدقع وازدياد معاناتهم اليوميه – كما هالنى حال الناس وهم يبدأون يومهم مبكرا ليختموه فى السادسة مساء كما هالنى حال شوارعنا وتطاول الناس فى البنيان وقصص كافورى الاسطوريه و التى يتبادلها الناس فى كل مكان وان هذه عمارة فلان وان هذه الارض سروقها وان هذا المطعم الفاخر لوزير الدفاع وان عشرات محطات البنزين تعود لفلان وان شارع النيل قد يتم بيعه قريبا لتماسيح السلطه وان الاختلاسات للمال العام قد كثرت وأن وزير الصحه وهو صاحب مستشفيات معروفه لا شغل له سوى اغلاق مستشفى الخرطوم دعما لمستشفيات القطاع الخاص وفضائح مصانع السكر ومشروع سندس وفلوس المستثمرين وكبرى الدباسين وشركة الاقطان وسودانير ووووو ورغم كل ذلك يظل اعلامنا مبالغا وهو يظهر بلادنا كمدينة فاضله اشبه بمدينة (أفلاطون) الفاضلة فمهما حاولنا أن نُظهر مجتمعنا - بصورةٍ ملائكيّة أمام الآخرين.الا ان الصوره تظل مشوهة ولاتعبر عن واقع حالنا .. لقد اعجبنى كثيرا خبير الاقتصاد الغاني جورج أيياتي حين أطلق عنان وغضبه تجاه مفسديي أفريقيا – حيث تحدث الرجل عن اوجاع افريقيا وعن حكوماتها المريضه وكيف انها تطلب الكثير من المساعدات الخارجيه بحجة ان هناك مؤامرات تحاك ضد شعوبها – و ان افريقيا قارة غنيه جدا وتذخر بمختلف الثروات ألا انها لا تستثمرها محليا فى وقت تنشد كل النخب الحاكمه المساعدات ليصب فى وعائها – وتحدث الخبير ان الفساد يكلف افريقيا 148 مليار دولار سنويا وان رأس المال الذى يهرب من افريقيا يقدر ب 80 بليون دولار سنويا وان افريقيا تنفق 20 مليار دولار على استيراد المواد الغذائيه . فى حين ان افريقيا كانت تصدر فى حقبة الستينات الكثير من فائض موادها الغذائيه . وان من بين 204 رئيسا افريقيا لا يمكن استخراج عشرون رئيسا جيدا حيث ان غالبيتهم مفسدون قد افقروا شعوبهم وان انسب وصف لحكومات افريقيا هى حكومات الخفافيش حيث يمتص الخفاش دم فريسته ولعلها بلادى اخوتى وهى تتأرجح دوما بين ادمانات عدة لا تبارحها طويلا وهى : ادمان الحروب ادمان احتكار السلطه والثروه ادمان فشل التخطيط ادمان تهميش الاقاليم ادمان اهمال الزراعه وهم يقولون ان مهاتير محمد صديق حميم لحكام بلادنا فلم لا نجتر تجربة الصديق فى النهوض بفقراء بلادى ؟ فلقد وصلت ماليزيا في عهده هذا الرجل ذرى لم تصل إليها دولة إسلامية أخرى حتى اقترب نصيب الفرد الماليزي من الدخل القومي إلى 10 آلاف دولار سنويا لقد حقق د. مهاتير السلام الداخلي في ماليزيا من خلال سياسات إنتاجية وتنموية، ونجح في عقد صفقة تاريخية بين أرجاء النخب الماليزية وفي المقابل أعطى فرصة متميزة للطائفة المالاوية في مجالات الصحة والتعليم الرؤى والأفكار.. مهاتير رجل لا يرى الإسلام مجرد ممارسة مجموعة من الشعائر الدينية بل منظومة متكاملة تصلح لجميع شؤون الحياة وبفضل هذه العقلية الجبارة والروح المتشبعة بتعاليم الشرع نهض عالم الشرق الآسيوي المنازع لقوة الغرب المادية والمفارق له ثقافيا في الوقت نفسه، وفي قلب الصورة المضيئة لمع اسم مهاتير، فلم يكن الرجل مجرد أداة لتطور تاريخي يتداعى بالعدوى من محيط الجوار الناهض، بل كان يدرك ما يفعل بالضبط، فهو رجل الفكر والإنجاز في آن، هو الطبيب الذي تحول إلي أفضل خبراء الاقتصاد، وهو الحاكم الذي تحول إلي أعظم مفكر وصاحب نظرية للطفرة الآسيوية. شجاعته مما زاد مهاتير ألقا وجاذبية كونه الرمز الأول للتجربة الإسلامية في (صحوة الأمم من عدم)، ضاربا بالوصفة الأمريكية التي توصي بالتخفف من أعباء وعباءات الإسلام كشرط للتقدم عرض الحائط، والمحضر الأخير لمهاتير ناطق شجاع وبيان أسمع الجميع تحدي الصلف الأمريكي ومما يزيده شرفا وعزا أنه الزعيم المسلم الوحيد الذي أسمع أمريكا ما لا تريد سماعه فلله دره! وحين اكمل الرجل دوره فى خدمة وطنه قال : (وقتي انتهي.. لن أتولى أي مسؤوليات رسمية بعد 31 أكتوبر 2003م لأنه من المهم أن يتولى قيادة ماليزيا جيل جديد بفكر جديد). هذا آخر ما تحدث به هذا العبقري.. إبداع في البدايات وروعة في النهايات لحقا هو إحدى المعجزات! فلم يطمع الرجل فى سلطة بل تركها لاجيال جديده ولم يتشبث بسلطه كما يفعل حكامنا او وزرائنا فما بالنا اخوتى وقد حول البعض حياتنا الى جحيم من الفقر والمرض والذعر والخوف والبغض والحسد فى حين امتلات خزائنهم بالاموال وقد تطاولوا فى البنيان شأنهم شأن قارون الذى خسف الله به الارض اخوتى مابالنا ونحن جوعى وبلادنا كما قيل هى سلة غذاء العالم ؟ ومابالنا اخوتى ونحن عطشى بجوار أطول نيل فى العالم كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ*** والماء فوق ظهورها محمول