الخرطوم: يوسف الجلال [email protected] ربما لا نحتاج لكثير وقت حتى تنجلي حقيقة ميل عديد الاحزاب السودانية للتطبيع مع اسرائل, لجهة انه لم يعد بإمكان الاسرار التقوقع في حوصلة الكتمان طويلا, بعدما اصبح من اليسير فك شفرة لقاءات الغرف المغلقة, وهتك السُتر الوهمية من قبل موقع التسريبات الشهير (وكيكيليكس), لكن الى حين حدوث ذلك فان سيل الاحاديث المباغتة لن ينهمر, حال مارس كثيرون الجرأة او جلد الذات, معترفين او كاشفين عن ميلهم البائن والخفي للتطبيع مع اسرائيل, التي لم تدخر جهدا في إستمالة السودانيين افرادا ومنظومات, منذ ان اعتلى روبن شيلواخ اول رئيس لجهاز المخابرات الاسرائيلي, هرم القيادة, ومنذ ان قام بتقسيم الجهاز بتوجيه من ديفيد بن غوريون اول رئيس وزارء اسرائيلي الى اقسام: الموساد ويعني (معهد الاستخبارات والمهمات الخاصة – جهاز الامن الخارجي), والشاباك ويعني (جهاز الاستخبارات العسكرية, او وكالة الامن الاسرائيلية, التي يرمز اليها ب"الشين بيت" وهو يتعلق بالامن الداخلي, ويحمل شعار "Magen VeLo Yera'e" بالعبرية وتقابلها في العربية "الحامي الذي لا يُرى او الدرع الخفي". كرم الله.. الجهر بالمخبوء ولعل في حديث والي ولاية القضارف كرم الله عباس الشيخ المثير, عن كونه احد الفاعلين في تيار داخل المؤتمر الوطني, يتنادى للتطبيع مع اسرائل, مدخلا جيدا لتناول تقارب الاحزاب السودانية مع "شيطان العالم العربي", كما يسميه جهاز المخابرات البريطاني, وهي التسمية التي صدع بها رئيس الوزراء البريطاني انتوني ايدن, على مسامع وفد حزب الامة, الذي زار المملكة المتحدة في العام 1953م, بزعامة رئيسه السيد الصديق المهدي, ورئيس تحرير صحيفة "النيل" محمد احمد عمر, طلبا للدعم البريطاني ضد جمال عبد الناصر, عقب فشل الانتخابات السودانية التي اجريت في بحر ذات العام, حسبما مضى الى ذلك الكاتب عبادي يعقوب في مقال منشور بدورية دراسات الشرق الاوسط موسوم ب"اسرائيل والسودان.. قصة العلاقات الغامضة", منوها الى ان انتوني ايدن نصح يوم ذاك وفد حزب الامة بالذهاب الى السفارة الاسرائيلية, سيما ان اهتمام الاخيرة بالسودان أخذ في التصاعد عقب مجي الضباط الاحرار الى سدة الحكم في مصر, ومضى جاكوب الى ان الاتصال بين الطرفين تم عبر ضابط الاتصال بالسفارة الاسرائيلية في لندن موردخاي غازيت, وهو ضابط علاقات عامة وايضا صحفي بجريدة "ايفننج استاندر", وهي المعلومة التي ثبتها يوسي ميلمان في كتابه "الجواسيس غير الكاملين", لافتا الى ان جهاز المخابرات البريطاني وجّه حزب الامة بالتعامل مع شيطان العالم العربي, عانيا "اسرائيل", وفوق ذلك فقد اوردت الوثيقة البريطانية السرية بالرقم 10332/2/954، الصادرة عن مكتب المفوض التجاري للمملكة المتحدةبالخرطوم، والمؤرخة في 6 أغسطس 1954م, ان "لقاءات تمت في السفارة الإسرائيلية بلندن بين قطبين من حزب الأمة السوداني، هما: السيد محمد أحمد عمر والسيد الصديق المهدي والسكرتير الأول للسفارة الإسرائيلية بلندن موردخاي غازيت", وهي المعلومة التي صدع بها مؤخرا الدكتور محمود محمد محارب في بحثه ب"المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات". اذن الرغبة التي جهر بها والي ولاية القضارف, القيادي بالمؤتمر الوطني كرم عباس, والداعية الى التطبيع مع اسرائيل, لم تكن الاولى ولن تكون الاخيرة, على الرغم من ان امين الاعلام بالمؤتمر الوطني بدر الدين احمد ابراهيم, سارع الى نفي وجود ايما تيار داخل حزبه يطمح الى ردم الهوة بين دُعاة المشروع الحضاري واصحاب مشروع التهويد الاستيطاني الاقصائي. الشاهد ان الرواية القائلة بلجوء وفد حزب الامة الى بريطانيا, ولقائه بالدبلماسيين الاسرائليين في عاصمة الضباب, لاقت نفيا مغلظا من قبل حزب الامة بذات طريقة "بدر الدين", لكن المؤرخ الاسرائيلي جبرئيل ووربورج ذكر ان "وفد حزب الامة ابلغ ضابط الاتصال موردخاي غازيت بان حزبهم يعتبر اسرائيل حليفهم المرتقب, طالما ان مصر هي عدوهم المشترك", وحسب ووربورج فان اسرائيل اكدت انه يمكنها مساندة حزب الامة ضد عبد الناصر, مقابل ان يعلن الحزب علنا ان "اسرائيل تمثل عنصرا ايجابيا في الشرق الاوسط", منوها الى ان "لقاءات الطرفين امتدت بين العامين 1955- 1956م باسطنبول ويومها قاد الوفد الاسرائيلي ضابط المخابرات جوزيف بالمون". وهي اللقاءات التي توجت باجتماع نادر جمع بين وزير خارجية اسرائيل غولدا مائير برئيس حكومة السودان عبد الله خليل في فندق "اثنا" بالعاصمة الفرنسية باريس في صيف 1957م, حسبما اوردت الكاتبة انعام عامر في سفرها الموسوم "عمليات الموساد السرية في السودان", وقالت عامر ان "الطرفان يومها اتفقا على السماح لطائرات العال الاسرائيلية بالتزود بالوقود بمطار الخرطوم في طريقها الى جنوب افريقيا". وذكرت عامر ان صيف ذات العام تمخض عن إقامة ما يعرف لدى الاسرائيليين ب"المثلث الجنوبي", وكانوا يقصدون به مخابرات اسرائيل والسودان واثيوبيا, قبل ان ينسحب ممثل السودان في المثلث, عقب استلام الفريق ابراهيم عبود للسلطة في 17 نوفمبر 1958م, خاصة ان المهمة الاساسية لقيام المثلث تتمثل في "محاصرة نفوذ الحركة الاتحادية والانقلاب على حكومة اسماعيل الازهري". اللافت ان الروية التي مضت اليها انعام عامر سبقها اليها الباحث جمال الشريف حيث اورد في كتابه "الصراع السياسي على السودان" ان رجل الموساد واحد موظفي الخارجية الاسرائيلية حنان باراون والذي كان ممثل الموساد في اثيوبيا ألمح الى ان اتفاق عبد الله خليل وغولدا مائير نجم عنه انشاء محطة للموساد في السودان بعلم خليل او بدونه, لجهة ان باراون قال صبيحة تسلم الفريق عبود للسلطة انه "امضى يومه بجانب المذياع, وكان قلقا على رجال الموساد في محطة الخرطوم". سيانات الخرطوم في خدمة الموساد ببساطة لم يكن الوجود الاسرائيلي في السودان منعدما او غائبا, ولا هو معدوما او مغيبا, اذ ان كثير من البحوث قطعت بجلاء, ان اليهود الذين قطنوا في السودان كانوا يقدمون خدماتهم الى جهاز المخابارت الاسرائيلي المعروف اختصارا بالموساد, والمُكنى بالعين الثاقبة, بل ذهب ثقاة كثر الى ان يهود السودان كانوا ضمن ما يعرف ب"السيانات" وهم اليهود الذين يقدمون الخدمة الى الموساد دونما مقابل وبغير تجنيد, وهي الفرضية التي ثبتها احد اليهود الذين عاشوا في السودان, وهو إلياهو سلمون ملكا في كتابه "اطفال يعقوب في بقعة المهدي", ذاكرا ان يهود الخرطوم الذين عادوا للديان الموسوية بعد ان اجبروا على اعتناق الاسلام ابان الدولة المهدية, كان جلهم فاعلين في الحركة الصهيونية العالمية, وهذا يعني بوضوح علاقتهم بصورة او باخرى بالموساد او العين الثاقبة, لكن ما هو مثبت هنا ان جهاز المخابرات الاسرائيلي فشل في تجنيد عملاء فاعلين طوال المدة التي اعقبت تنسم الفريق عبود السلطة, حسبما رأت الباحثة إنعام عامر في سفرها المار ذكره, وقالت انه طوال خمسة وعشرين عاما اعقبت حكم عبود لم تنجح المخابارت الاسرائيلية في تكوين محطة في السودان الا في العام 1983م, بيد ان عامر عادت واشارت الى إمكانية وجود واجهات للموساد تحت مسميات رجال اعمال او سياح او غيرها, لكنها لم ترق الى مستوى محطة تخابرية, ونوّهت انعام عامر الى ان "العام 1983م شهد اكبر تعاون بين حكومة النميري وجهاز الموساد, بعدما انتوت اسرائيل ترحيل اليهود الفلاشا, وهم يهود السفارديم المتواجدين في اثيوبيا", غير ان الفرضية التي مضت اليها عامر لا تروق الى الكاتب جمال الشريف الذي تطرق في سفره الموسوم ب"الصراع السياسي على السودان" الى علاقة تاجر السلاح البريطاني المشهور تايني رولاند بنظام الرئيس جعفر نميري, وذكر ان رولاند عُرف كأحد خدام الموساد, ومضى الشريف الى ان الاخير اسهم بفاعلية في إفشال انقلاب يوليو 1917م, المسنود من الحزب الشيوعي ضد النميري, وقال ان رولاند ارسل طائرته الخاصة يقودها طياره الشخصي "ويلهلم ويلمنغ", لنقل اللواء خالد حسن عباس من يوغسلافيا الى القاهرة, وكلف في ذات الوقت احد رجاله ويدعي "نيكولاس اليوت" بالتنسيق مع المخابرات البريطانية لمنع المقدم بابكر النور والرائد فاروق حمدنا الله, رئيس وعضو الانقلاب من الوصول الى الخرطوم عندما كانا في طريقهما من لندن الى السودان عبر طرابلس", وهذه المعلومة تحديدا ربما تنسف قول انعام عامر بإنعدام التخابر لصالح الموساد في فترة آواخر الخمسينيات وحتى مطلع الثمانينيات, وغير ذلك فان الصحافي عبد الرحمن احمدون اورد في كتابه "سوداني في قلب الموساد", قصة الشاب اسماعيل عباس الذي سعى الموساد الى تجنيده بواسطة اليهودي ابراهيم منشأ, احد اشهر تجار الاقمشة في الخرطوم بشارع الجمهورية, وذهب احمدون الى ان القصة بدأت عندما قام منشأ باستئجار متجر من عائلة اسماعيل, وعلم بعد مدة ان والدة اسماعيل مصرية الاصل وان شقيقها ضابطا كبيرا في سلاح الطيران المصري, فكان ذلك حافزه لتجنيد الشاب اسماعيل, في مطلع ستينيات القرن الماضي, ويروي احمدون على لسان اسماعيل ان ابراهيم منشأ اقنعه بالذهاب معه الى اسمرا لانجاز بعض المهام التجارية, وهناك تفاجأ بان الرحلة لم تكن سوى محاولة لتجنيده, بعدما طلب منه اناس قابلهم في اسمرا معلومات عن سلاح الطيران المصري, وهذه الواقعة تحديدا انتهت بان ذهب اسماعيل الى السفارة المصرية وابلغهم بالحادثة, فكان ان تم تجنيده كعميل مزدوج لمدة اربعة سنوات, تمكن خلالها من تقديم خدمات مائزة الى جهاز المخابرات المصري بعدما اصبح موثوقا لدى الموساد. بروز الموساد وعلاقة فكرته بالسودان واذا كان والي القضارف كرم الله عباس الشيخ اظهر ميله الجارف الى التطبيع مع اسرائيل, ولفت الى تيار داخل حزبه ذو النزعة الاسلامية والايدلوجية المستمدة من الدين, قال انه يرنو الى التطبيع مع اسرائيل, فان ذلك يجعل المراقبين يعيدون قراءة رؤية كثير من نافذي المؤتمر الوطني تجاه العلاقة مع اسرائيل ي ظل الواقع السياسي السوداني, اللافت ان كرم الله عاد وتمترس في خندق المنافحة عن حديثه, برغم النفي المغلظ الصادر من الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني بدر الدين ابراهيم, وهذا كله يسوقنا الى استقراء الاهداف الاسرائيلية في المنطقة والتي توجت بانفصال جنوب السودان, كأحد اهم الاحلام الاسرائيلية, كما اخبر بذلك آفي دختر وزير الامن الداخلي الاسرائيلي السابق غير مرة واحدة, وقولنا ان الحزب الحاكم اسهم في فصل جنوب السودان, ليس من واقع انه منح الجنوبيين حقا غير مستحقا بادارجه بند تقرير المصير, إنما بعمله المعلن والخفي لجعل شريك اتفاقية نيفاشا متوجسا طوال الفترة الانتقالية التي اعقبت نيفاشا, بل ان كثير من المراقبين يذهبون الى منبر السلام العادل الذي يتزعمه الطيب مصطفى ما هو الى واجهة متشددة يكسوها الحماس من واجهات المؤتمر الوطني, والا فانه كان بمقدور الاخير اسكات الصوت الانفصالي الذي اسهم في تأجيج مشاعر الوطنيين الجنوبيين, وهذا يعني بجلاء ان المؤتمر الوطني قدّم خدمة على طبق من ذهب الى اسرائيل بتنسيق مسبق او بغيره, وبسوء النية او بحسنها, وتلك من المسلمات, غير ان اكبر رابط بين السودان والموساد يتمثل في احتضان ارض النيلين للميجر جنرال اوردى شارلس ونجت (1903- 1944م), وهو ابن عم السير ونجت باشا حاكم عام السودان, ويتعبر شارلس - وفقا لكتاب عمليات الموساد السرية في السودان- الموسس الرئيس لعصابات "الهاغاناة" التي تعد النواة الاولى للاجهزة الاستخباراتية الاسرائيلية, بل ان ديفيد بن غوريون اول رئيس وزراء اسرائيلي قال عن شارلس, "ان هذا الرجل كان سيكون اول رئيس لهيئة اركان قوات الدفاع الاسرائيلية لولا موته المبكر". خاشقجي والنميري وشارون لكن احتضان السودان للميجور جنرال اوردى شارلس ونجت, احد الذين اسهموا في تأسيس اجهزة المخابرات الاسرائيلية, بجانب لقاء وزيرة خارجية اسرائيل غولدا مائير بالرئيس عبد الله خليل, وقبله لقاء وفد حزب الامة بضابط الاتصال في السفارة الاسرائيلية في لندن موردخاي غازيت, كلها شكلت نواة للقاء الذي جمع ارئيل شارون بالرئيس جعفر نميري في قصر الملياردير السعودي عدنان خاشقجي في كينيا, حسبما مضى الى ذلك محمد مكاوي في سفره " عملية موسى.. سري للغاية", ويومها كان اللقاء من اجل إتمام ترحيل اليهود الفلاشا من اثيوبيا الى اسرائيل, بعدما سببت العلمية الاولى حرجا للرئيس "منقستو هايلي مريام" ووصفها ب"المهزلة الصغيرة", وبالفعل تمت العملية بعدما طالب الرئيس النميري بضمانات من بينها إشراف وكالة المخابرات الامريكية ((cia على العملية, بجانب توفير طائرات تقلع الى بلد اروبي ومن ثم تهبط في تل ابيب. هجرة جنوبية الى ارض الميعاد الغزل المعلن والمبطن الذي خامر افئدة الساسة الشماليين تجاه اسرائيل, لم يكن ليغيب عن عاطفة ابناء جنوب السودان, لا سيما الذين اعلنوا خروجهم على المركز, متجهين ناحية التمرد, معتصمين بالغابة, ولعل تعامل قادة التمرد في جنوب السودان مع الموساد لم يكن مخفيا, حتى ان غالبية المتنفذين في الحركات تربطهم مصالح مع الدولة الصهيونية, وهذا تبدّى بجلاء عندما ادار رئيس الحركة الشعبية الراحل الدكتور جون قرنق, مؤشر الايدلوجيا لدى حركته التي وُلدت ماركسية الهوى, ناحية محور الرأسمالية, حينما تهاوى المعسكر الشرقي, وهو الامر الذي جعله بصورة او باخرى في احضان اسرائيل, بيد ان قرنق سبق ان نفى صلته باسرائيل عقب توقيعه اتفاقية السلام الشامل "نيفاشا, وقال في مؤتمر صحفي بالقصر الجمهوري بالخرطوم انه لا يملك اي علاقات مع الدولة الصهيونية", , غير ان التعاطي العاطفي بين قادة التمرد الجنوبي واسرائيل تبلور بصورة لافتة عند جوزيف لاقو قائد قوات الانانيا, الذي اهتبل سانحة الحرب بين اسرائيل والعرب (مصر, الاردن وسوريا), حسبما ارود لاقو في مذكراته, منوها الى ان الاسقف الكاثوليكي في جوبا "سيستو مازولدي" نصحه بالاتصال بالسفارة الاسرائيلية في كمبالا, وهناك سلمهم لاقو رسالة الى رئيس وزراء اسرائيل ليفي اشكول, ومضى لاقو يقول: "قدرت ان عدو عدوك صديقك, وهنأت اشكول في رسالتي بانتصارهم على العرب, وابلغتهم اننا في جنوب السودان نقاتل العرب ايضا", منوها الى ان القنصل الاسرائيلي ويدعى "سفاتي" اخبره بان سفارتهم في كمبالا مراقبة من قبل العرب, ووجه بالذهاب الى نيروبي لان سفارتهم لا تصلها اعين العرب, ونصحه بالتخفي تحت اسم شارلس", ولفت شارلس الى ان مهمته كانت تنحصر في ابلاغ الاسرائليين بمشاركة السودان في حربهم ضد الدولة العبرية, وانه لكي تنشغل الخرطوم عن المشاركة, لابد من اشعال فتيل الحرب بضرواة في الجنوب". المهم ان تلك الاتصالات توجت بوصول جوزيف لاقو الى اسرائيل قادما من روما, لينال بعدها الدعم الاسرائيلي عتادا وسلاحا من خلال الاسقاط الجوي, ومن خلال تدريب قادة حركته. قصف السوناتا.. تخابر من نوع جديد لم ينقطع الوجود الاسرائيلي في السودان, طوال الفترة الماضية, بل ان التخابر والتعاون مع الموساد ظل قائما, سواء عبر ما يعرف بالسيانات او العملاء المجندين رسميا من خلال واجهات للتخفي, او من خلال شخصيات سودانية, وهذا التحليل ربما تسنده حادثة قصف العربة السوناتا في ابريل 2011م بالقرب من مطار بورتسودان, ويومها راجت احاديث بان ثمة طابور خامس ارشد الطائرة الاسرائيلية التي قصفت العربة, لا سيما انه رشحت معلومات حينها ان العربة تقل القيادي بحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) عبد اللطيف الأشقر مسؤول التسليح في الحركة, غير ان حماس نفت قطعيا ان تكون لها علاقة بالعربة وانها لا تقل ايا من قياديي الحركة. ومهما يكن من امر فان حديث والي ولاية القضارف عن وجود تيار داخل الحزب الحاكم ينادي بالتطبيع مع اسرائيل, يبقى وثيقة ان لم تدمغ الحزب الحاكم بالعمل الخفي للتقارب مع اسرائيل, فانها تؤكد بجلاء وجود نافذين في المؤتمر الوطني لا يمانعون في ردم الهوة بينهم والدولة العبرية, سيما ان كرم الله لم يتراجع عن حديثه برغم نفي الناطق الرسمي للحزب بدر الدين ابراهيم, وجود ايما تيار داخل حزبه يدعو للتطبيع مع اسرائيل علنا او في الخفاء. فهل يمكن ان نرى - استنادا الى مضمون قول كرم الله – نافذين في الوطني يمارسون الطواف حول الشمعدان رمز الدولة اليهودية, بذات طريقة رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت؟!. المصدر: صحيفة الأحداث