زمان مثل هذا الحالة 146 الصادق الشريف في خبر غريبٍ نشرته الزميلة صحيفة السوداني الغراء في نسختها الإلكترونية ولم أجد له أثراً في نسختها الورقية.. ذهبت إمرأة الى المحكمة واعترفت بمغارفتها للزنا مع رجل أجنبي.. وحبلت منه ثمّ أنكرّ إبوّة المولود ورفض الإنفاق عليه وعليها. الجزء الأخير من القصة أمر معتاد ف(الشينة منكورة) لا سيّما إذا وصلت إلى القضاء.. لا يجد الزاني بُداً من الإنكار.. وفي أحايين كثيرة ينصح المحامون موكليهم ب(الإنكار) تفادياً للعقوبة ومترتباتها. الإنكار في مثل هذه الحالات (الإنجاب أو الإجهاض) يمكن مداواته بفحص الحمض النووي والذي أصبح دليلاً قاطعاً على نسب الابن إلى أبيه وتأخذ به المحاكم بلا وجل. قديماً كان الفحص يعبر الحدود إلى الأردنّ أو مصر لتصل النتيجة بعد حين.. ولكن بعد إدخال المباحث الجنائية لفحص الحمض النووي أصبح الأمر أقصر وأحكم. غرائبية القصة في (الاعتراف) الذي أدلت به المرأة.. فليس من المعتاد أن يذهب أحدهم من تلقاء نفسه الى المحكمة ويدلي باعتراف جنائي فيقدِّم نفسه ل(حدّ الزنا) طوعاً. بل من المعتاد أن تتم (الكشة) على ماخورٍ ما ويتم ضبط الجناة متلبسين بالحالة 146 فينكرون أشدّ الإنكار وفي كثيرٍ من الأحيان ينجيهم إنكارهم. الاعتراف هو أحد ثلاثة طرق يقوم عليها حدّ الزنا بجانب رؤية الشهود الأربعة العدول وظهور الحمل على فتاة غير متزوجة. هذا عن الشرع.. أمّا القانون الجنائي فتقول المادة 146 عن عقوبة الزنا (من يرتكب جريمة الزنا يعاقب ب: الإعدام رجماً إذا كان محصناً، أو الجلد مائة جلدة إذا كان غير محصن، ويجوز أن يعاقب غير المحصن الذكر بالإضافة إلى الجلد بالتغريب لمدة سنة). وعن الإحصان تقول ذات المادة: (يقصد بالإحصان قيام الزوجية الصحيحة وقت ارتكاب الزنا، على أن يكون قد تم فيها الدخول).. وبالطبع تحتاج عبارة الزوجية الصحيحة إلى تفصيل. لكن الاعتراف في القانون الجنائي ليس كافياً لإقامة الحدّ.. ففي قصة تابعتُ تفاصيلها– بدافع الفضول- ندم أحد الزناة بمدينة وسطية ندماً شديداً على أفعاله وتقدّم إلى المحكمة باعتراف قضائي بارتكابه لجريمة الزنا. لكنّ القاضي أجابه بأنّه يحكم وفق القانون الجنائي والذي يفترض سلفاً أنّ جريمة الزنا لا تقوم إلا بوجود طرفين.. ولا يمكن وفق القانون محاكمة طرف واحد، ونصحه: (الموضوع فيهو تحريات وأسئلة وأجوبة لكن أمشي جيب لينا البنت عشان تعترف معاك، ولو ما اعترفت ح نجلدك تمانين جلدة حدّ القذف ولو رفضت تجي معاك أمشي واستغفر ما عندنا حاجة نعملها ليك). هذه القصة جرت تفاصيلها قبل عقدٍ من الزمان ولا زال القانون الجنائي هو قانون 1990م.. ولم يتغير أو يتبدّل بالحذف أو الإضافة. في قصة المرأة نجح الاعتراف لوجود نتيجة محسوسة لعملية الزنا وهو المولود وكان لا بدّ من قضية لإثبات نسب المولود. أمّا الذين لا يتركون أثراً وراءهم فلا أعتقد أنّ القانون الجنائي سيطالهم ما استعصموا بالإنكار أو اعتراف طرف دون آخر. التيار