بالمنطق بعد إيه ..؟!!! صلاح الدين عووضة ٭ ونحاول أن نلخص المشهد بكلمات قليلة.. ٭ فخير الكلام ما قل ودل.. ٭ الديمقراطيون من حملة الأقلام يكتبون.. ٭ والشموليون من حملة المقصات يحجبون.. ٭ وما يفلت من مقص الرقيب من كلمات تدعو الى الإصلاح الديمقراطي يُستغل في دعاية تلميع وجه النظام أمام الرأي العام المحلي والعالمي .. ٭ يُستغل كشعارات يقال فيها: «شايفين؟ أهو عندنا حريات».. ٭ ثم تمزق الشعارات هذه وترمى في سلة (الزبالة!!).. ٭ وقد يحدث الشيء نفسه لأصحاب الكلمات «الفالتة» هذه.. ٭ ثم ليست كلمات المناصحة وحدها هي التي (تُحجب!!).. ٭ فقد تُحجب كذلك إذاعات وفضائيات ومواقع الكترونية يُبث عبرها ما يعكر صفو أمزجة الحاكمين «الرايقة».. ٭ أمزجة يطربها فقط أن يقال لها: «كلو تمام يا ريس».. ٭ ولكن أمزجة المحكومين «المتعكرة» قد «يركبها ألف عفريت» في لحظة يأس عقب تطاول في سنوات الصبر لأكثر من عقدين من الزمان.. ٭ وهذا بالضبط ما حدث ويحدث في بعض بلدان العالم العربي ذات التوجه «الاحادي!!».. ٭ وكانت البداية بتونس التي سارع نظامها الى حجب كل ما قدر على حجبه بخلاف ما ينشر في الصحف خشية أن يرى العالم سوءات طالما سعى بن علي إلى تغطيتها بأوراق توت الدعاية التلميعية.. ٭ ثم ينكشف المستور ... ٭ ويظهر النظام على الملأ كما هو؛ قبيحاً، قابضاً، متسلطاً، فاسداً، يعج بالذين يتسابقون لاظهار الولاء عبر مقولة: «كلو تمام يا ريس!!». ٭ وخلال انقشاع «الحُجُب!!» عما كان خافياً من حقائق بتونس رغم «الحَجب» كان النظام المصري يردد عبارة «إحنا حاجة تانية خالص».. ٭ ثم أثبتت الأحداث بعد أيام قليلة فقط انه لا «حاجة تانية» ولا «حاجة».. ٭ فهو نظام احادي، شمولي، قابض مثله مثل نظام بن علي.. ٭ ويتكرر سيناريو تونس بحذافيره في مصر بعد ذلك.. * ثم ليبيا واليمن وسوريا .. ٭ حجبُ لمواقع النت، وشبكات الهاتف، وقناتي "الجزيرة" و"العربية"، إضافة للحجب إياه بالطبع الخاص بما ينشر في الصحف.. ٭ ثم إفراط في استخدام القوة لدرع المتظاهرين.. ٭ ثم اعتراف ببعض مطالب الثائرين المشروعة.. ٭ ثم إقالات لهذا أو ذاك من الوزراء والمسؤولين.. ٭ ثم التفاف ل(حبل!!) مطالب التغيير حول (عنق!!) الرئيس نفسه.. ٭ والشيء العجيب في أمر التنازلات هذه استجابة لمطالب الشعب ليس تأخرها لعشرين أو ثلاثين عاماً، وإنما التلكؤ فيها حتى بعد ان ينفجر الشارع غضباً وسخطاً ويأساً.. ٭ فالتنازل الذي كان يمكن ان يقبل به الشعب اليوم مثلا يضحى مرفوضاً بعد أن يتأخر ليوم أو يومين.. ٭ فسقف مطالب الشعب يعلو كلما تلكأ النظام في اتخاذ خطوة من خطوات الاصلاح.. ٭ يعلو حتى يطال في نهاية الأمر الرئيس ( ذات نفسه!!) .. ٭ وعند اللحظة هذه من عمر زمان الأنظمة الشمولية لا يعود مقبولاً لدى الشعب أيُ «تنازل!!» إلا أن «ينزل!!» رأس النظام ذاته من قمة ظل يتربع عليها سنين عددا.. ٭ ولعل «الدرس!!» هذا هو ما وعاه آخرون في الوطن العربي فسارعوا من تلقاء أنفسهم الى اتخاذ بعض ما قد يُرضي شعوبهم من مطالب كانوا «يحجبون» كل كلمة تشير اليها .. ٭ ونبض الشارع هذا إنما يمكن تلمسه عبر الذين يكتبون تعبيراً عنه في الصحف.. ٭ فكثير من هؤلاء الذين يكتبون تعبيراً عن النبض هذا هم أصدق تعبيراً عن الواقع من الذين لا يحسنون سوى ترديد عبارة: «كلو تمام يا فندم».. ٭ فلو استمع الحاكمون بعقول مفتوحة لما يُكتب تحذيراً من مغبة الكبت والقهر والفساد وتطاول سنوات الحكم لأمكن لهم ربما تنفيس كثير من الاحتقان لدى شعوبهم.. ٭ فالكبت «المحجوب!!!» عن الحاكمين قد يولِّد انفجاراً يضحى «مرئياً!!!» تماماً.. ٭ وساعتذاك لن تُجدي محاولات «الحجب» بوسائل القمع.. ٭ ولا «الحجب» بوسائل قطع شبكات الهاتف والنت والفضائيات.. ٭ ولا «الحجب» بوسائل قص غير المرغوب فيه من المنشور.. * ذلكم كله لا يعود ذا نفعٍ ... * أو : (معدش ينفع !! ) ... * أو فلنقل : ( بعد إيه) ؟!!! . الجريدة