[email protected] الحمد لله ان نيران الحرب قد توقفت ولو الى حين .و نرجو ان يكون هذا ال"حين" كافيا لأن يزيل عن بعض النفوس ما ران عليها و ان يفتح بابا للامل بان حين إعمال العقول قد حان توا . و هذا الحين نسأل الله ان يجعله فارقا بين ما كان و نأمل ان يكون من الركون الى إدراج الوطن على رأس قائمة الهموم المشتركة بين كل الوطنيين دون التعجل فى اصدار احكام التخوين . لقد كانت تجربة هجليج كافية للصادقين و الكاذبين فى اعلان توجاتهم الشخصية و الحزبية . لكل الخائفين على مشاريعهم الشخصية او توجهاتهم الحضارية و غير الحضارية . الشعب السودانىى كله شمالا و جنوبا على قلب رجل واحد ضد الحرب على اية لافتة جاءت , اذن من يرفع الويتها غير نظامى الحكم القابضين ؟ و من هى تلك الجهة الغامضة التى دفعت دفعا نحو الانفصال و فشلت فى صيانة السلام الذى جاء بشق الانفس ؟ عادت هجليج او لم تعد فان اصحاب الاجندة غير الوطنية لن يهدأ لهم بال . و اصحاب الاجندة هؤلاء ليسو الدول الغربية و الكيان الصهيونى فقط بل توابعهم من بعض القيادات النافذة فى البلدين اولئك الذين يمشون على مقدرات و امكانات و موارد البلاد بالفساد و سؤ الادارة . و سؤ الادارة و الانفعالات العطفية هى التى تزيد نيران الحرب تأجيجا . و لن تنطفى هذه النيران بالعقول التى اججتها . اذن الوقت ليس لإجترار ما حدث و لكن معالجة تداعياته و منتوجاته . و نعتقد ان كل الكتاب و الصحفيين و السياسيين قد ادوا ما يظنون انه واجبهم من مساندة او معارضة . و اخلصوا فى تقسيم الناس الى وطنيين و خونة و فاقدى الاهلية فى الشأن العام . و لقد كانت هجليج فى حقيقتها لا تعدو كونها منتوج مستحق لسياسات خاطئة و لانسياقات احتلالها و تحريرها معا .تماما كما اثبتت الحقائق و اكدها الواقع ان نيفاشا ذاتها لم تكل كاملة الوطنية ، بل كانت استراحة متحاربين سرعان ما ادت للحرب ثلاثية الابعاد التى اهدرت دم الوحدة الوطنية . بل و ارسلت الوطن كله الى هلام يمطه كل جانب معتقدا انه اصبح صافيا و سائغا له و لكنه سرعان ما يرتد اليه داميا . و لكن المحزن فى كل هذا هو تطاول الصحفيين الكتبة على بعض مكونات الشعب السودانى . و لو انهم وقفوا على قلب رجل واحد و اثبتوا للقراء انه ليسو ملونيين حرباويين مع مواقفهم من القضايا الوطنية تبعا للرياح التى تهب على اشرعة الحزب الحاكم و سياساته لما التبست عليهم الوطنية ذاتها و لما رفعت راية الآنى على الصارخ على السابق المسكوت عنه . و لما جعلت سيادة الوطن على اراضية مجزأة تبعا لهوى الحاكم . فإن كانت اليوم مشكلة هجليج وطنية كاملة فهذا لا يجب ما قبله من عدوان على هذه السيادة . و لان فقر الوطنية و الميل مع هوى النظام الحاكم هى التى تشحن افئدة هؤلاء الصحفيين الكتبة فانهم يركنون الى تدوير الاتهامات العرجاء لاصحاب الرأى الآخر .. فالمعارضة التى تجمع بين الآنى و السابق فى المطالبة بتحرير كامل الارض السودانية من اى جهة معتدية تصبح عندهم وطنية فقط لانها وقفت مع تحرير هجليج وفى مدح يشبه الذم يقول احدهم "لم يكن سلفا كير يتوقع دعم زعماء المعارضة لقواتهم المسلحة بمواساة الجرحى في السلاح الطبي رغم خلافهم الراسخ مع الحزب الحاكم..سودانيتهم التي تجلت في قضية هجليج ....أي قوى المعارضة الوطنية لم تعد حصان طروادة الذي ظلت تمطيه الحركة الشعبية - عندما كانت سودانية - لتنفيذ أجندتها..!!" اعترف لهم بسودانيهم فقط لانهم وقفوا مع تحرير هجليج رغم انهم كانوا دواب تركبها الحركة الشعبية سابقا . و لكن ذات المعارضة تصبح غير وطنية اذا رفعت صوتها مطالبة باستعادة الفشقة الكبرى و الصغرى من اثيوبيا و مثلث حلايب و شلاتين من مصر . و مصر المحتلة هذه تصبح اكثر وطنية اذا هى حاولت مجرد محاولة جمع المتعاركين على طاولة التفاوض . فاى اهلية لها فى هذا المقام ؟ على ان اكثر ما " يفقع المرارة " ان آخرون من الصحفيين الكتبة لا يرون هذا الرأآ فى المعارضة و موقفها من هجليج و قضايا الوطن الاخرى حين يكتبون " وبالتأكيد عودة "هجليج" ترمي بسؤال كبير على طاولة النقاش في الساحة السياسية السودانية.. سؤال عن المعارضة السودانية التي تركب فوق ظهر جيش جنوب السودان.. وتناصره في حربه لاحتلال الأراضي السودانية." متى فعلت ذلك المعارضة و اين و كيف و متى ؟ تظل مثل هذه الاسئلة لا تخدش اى جزء من ضمير الصحفيين الكتبة حتى يكلفون انفسهم بالاجابة عليها . فهذه هى الرياح غير الوطنية التى تقودهم طمعا و خوفا نحو " الشجب و الادانة و التخويف لكل معارضة للنظام الذى يرضعونه . يبقى اليوم السؤال الوطنى بعد ان انتهت هجليج بدغمستها . هل تصحى قضايا الوطن الاخرى فى نفوس القيادات – الوطنية – كلها حاكمة و معارضة ؟ و هل يبقى الصحفيون الكتبة على ذات النهج و المنهج الاستهلاكى ؟ أم ان الدين النصيحة ؟ و النصيحة تقول انصرفوا عن طريق التهاتر و التلاوم و التخوين . و احزموا امركم على مراجعة الذى كان لا تضمدوا الجروح على صديدها . ما حدث فى هجليج لا ينبغى ان يطمس بالتخويف و الترهيب . ما حدث فى هجليج و حلايب و الفشقة يتساوى فى الكم و الكيف و الدرجة . و المسئولية واحدة فمن المسئول عن فتح هذه الثغرات ؟ و هل المتسببين فى هذه المأساة اعلى درجة من الوطن و اكثر قيمة من كل القيم الوطنية ؟ العلة ليست خافية فهى تتمخطر ليل نهار بين الناس و دواوين الدولة و الكيانات الاخرى " المقدّسة" لقد اقرت الحكومة مرارا و تكرارا بانها فى سبيل توسيع المشاركة . و اعترفت فى اكثر من ساحة بان هنالك فساد ضارب و كونت مفوضية لمحاربته و هنالك اختلالات اقتصادية و حروب دائرة فى عدد من ولايات البلاد . هل يستطيع صحفى كاتب و بكل "قوة عين" ان يقفز فوق هذه الحقائق رغما عن انه كتب المطولات فى هذا الفساد ليرمى المعارضة بعدم الوطنية لانها طالبت بتحرير حلايب ؟ ألآن هجليج تحررت . فهل يسمح لنا سيادته بالمطالبة بتحرير الفشقتين و مثلث حلايب و شلاتين و فى ذات الاوان لا يسلبنا وطنيتنا؟ و كذلك يسمح لنا بان نطالب الحكومة بعدم التبرع للاخرين باراضينا و انعامنا سنبلة ؟ وإلا فليلبسنا نظارة الوطنية التى يرى بها . [email protected]