[email protected] ألف مبروك، للشعب السوداني وقواته المسلحة، بتحرير هجليج، وليس لطغمة الإنقاذ المجرمة نصيب من هذه التهنئة والمباركة، كونها إستغلت الخطأ الفادح الذي وقعت فيه حكومة الجنوب ممثلة في الحركة الشعبية، التي وقعت في فخ إستفزازات عصابة الإنقاذ، بأن ذهبت إلى إحتلال حقول هجليج، ومن ثم أطلقت تصريحات أستفزت الضمير الوطني، فكانت نتيجة هذا الفعل غير المبرر، قد صبت في خانة خدمة نظام الإنقاذ المترنح، فوجدها فرصة لممارسة الدعاية بكل فنونها، فشن، حرب دعائية في ظاهرها هي حرب ضد حكومة الجنوب ممثلة في الحركة الشعبية، لكنها في جوهرها هي حرب دعائية ضد المعارضة عموماً، والمواطن البسيط على وجه الخصوص، الذي سعى النظام لإرهاق عقله، كما أرهق قواتنا المسلحة لأكثر من ثلاثة وعشرين عاماً، في حروب داخلية خلفت ملايين الضحايا على أمتداد الوطن، وأدت الى فقدان جزء عزيز منه، ومع ذلك مازال العبث السياسي مستمراً. لذلك أستغل إحتلال دولة جنوب السودان، لحقول هجليج، ليحتل عقول وضمائر الشعب، عبر الدعاية، التي دك بها دفاعاتنا الذاتية، التي تحمي حدود ذواتنا من غزو الدعايات المهاجمة، من كل الجهات ممثلة في العقل، لكن العقل، أو دفاعاتنا هذه، ليست مستقلة ولا تعمل لحسابها، كونها محكومة في أغلب الأحيان من الخارج، أي بمحيطها وظروفه وشروطه، التي توهبها حماسها وذكاءها ونشاطها. وهنا لعبت عصابة الإنقاذ لعبتها الدعائية القذرة، مستغلة الشعور الوطني الذي شعر بالمهانة والذل، وهو يرى أرضه تحتل عينك يا تاجر، وفي وضح النهار وممن..؟ من دولة جنوب السودان، الوليدة التي لم تكمل بعد عامها الأول في فضاء الإستقلال..! وكما هو معروف أن الدعاية توجه هجومها الى التطلعات والحاجات والرغبات والآمال التي يعيشها دائماً كل مجتمع وإنسان، وهذه هي محطات الإستقبال العامة التي تتلقى من جميع محطات الإرسال مهما كانت مجهولة، أو مشكوكاً في صدقها أو قيمها وأهدافها، عبر قناة الأذن، كطريق سريع وقصير للوصول الى العقل، بدون ورقة أو قلم، وعبر هذا الطريق السهل، شقت دعاية النظام طريقها الى العاطفة وإثارتها، من خلال خطب رئيس الطغمة الحاكمة، الفارغة من الحكمة والمنطق، بل المليئة بالعنصرية، وثقافة الماضي البالية، ولغة الشوارع المظلمة، كظلام عقولهم، لغة لا يستخدمها إلا الطغاة متواضعي الموهبة والعبقرية، الذين فضحتهم سنوات حكمهم البائسة، فكل الطرق التي سلكوها قادت الى نهايات مسدودة، بل الضياع، وكل الحلول التي أدعوها قادت إلى مزيد من التعقيدات، والمشاكل والأخطاء، ولأنهم عديمي قيم وأخلاق، لا يعترفون بأخطائهم وحماقاتهم، بل يصرون على مضاعفتها بمضاعفة أسبابها، أنهم يعالجونها بذات الطريقة التي صنعوها بها، وحينما تستفحل في وجوههم الأمور، لا يلجؤون الى فضيلة الإعتراف، بالخطأ، ومن ثم معالجته، بل يلجؤون لسلاح الدعاية والهرب الى الأمام، حتى لو أدى ذلك إلى إنحدار الوطن وشعبه، نحو الهاوية ..! هذه الهاوية التي لا سبيل للوطن من الخروج منها، إلا بإستعادة الشعب لحريته، وممارسة سيادته على أرضه، وإختيار مستقبله، بحر إرادته، هذا هو المخرج الوحيد، الذي تعمل دعاية النظام على حرف أنظار الشعب عنه، ببثها لدعاية إعلامية مضللة، تحاول الزعم والإيحاء بأنه الحامي لأرض الوطن من الأعداء، لكن الذي فات على هذه الدعاية المفضوحة، إن هذه المزاعم ليس لها ما يسندها من الواقع، ووقائع تجربته، في الحكم، الذي جاء اليه، ليس عبر صناديق الإقتراع، وإنما عبر الخيانة والإنقلاب على إرادة الشعب، تقول بأنه، هو من فرط في أرض الوطن ، بغضه الطرف عن إحتلال حلايب، والفشقة، ليس هذا فحسب، فعل الأخطر وهو قطعه الطريق على الديمقراطية الوليدة، قبل ثلاثة وعشرين عاماً، لو تركها حية، لما إنفصل جنوب السودان، ولما أشتعلت قبل إنفصاله حرب جديدة في دارفور، ولا بعده حروب أخرى في جبال النوبة، أو النيل الأزرق، أو بيعت أراضي السودان للمستثمرين الأجانب، ولا خيم الفقر في حياة الشعب، كما هو عليه الحال الآن، ولا أنتشر الفساد، أو تدهورت الآخلاق والقيم، وتفشت العنصرية البغيضة، ولا سادت روح الخم والتكويش والظلم بلا رقيب أو حسيب..! نعم الديمقراطية ليست كلها عسلاً، لكنها تبقى الأقل سماً، إذا ما قورنت بتجارب الحكم الأخرى، والشاهد على عظمتها، التقدم الذي أحرزته الدول التي آمنت بها وإحترمت قواعدها، إذ من خلالها تقلصت مساحة الفساد والتعدي على المال العام، نتيجة للدور الذي تضطلع به وسائل الإعلام الحرة بجانب سيادة القانون وإستقلالية القضاء. ولعل أعظم دليل على عظمة الديمقراطية، هو تجربة الهند، إذ برغم تعددها وفقرها، إلا أنها تعد واحة جميلة أحتضنت التعدد والتنوع العرقي والثقافي فيها بلا حرب أو أرهاب، وأعطت نموذجاً رائعاً لمعنى الحرية، والديمقراطية في حياة الشعوب، التي تجعل البشر يعيشون بحرية وسلام مع بعضهم البعض بلا خصومات، أو بغض، أو حقد، أو كذب، أو تفاخر وسباب! لا كما رأينا وسمعنا، طغمة الإنقاذ ودعايتها المضللة، هذه الأيام وهي تنشد الأغاني الوطنية، كرشوة لتخدر مشاعر الشعب وتحرف أنظاره عن قضاياه الأساسية، ومنها إستعادة الحرية والديمقراطية، لوضع حد لماسأة الشعب السوداني، في دارفور، وجبال النوبة والنيل الأزرق، ورفع المعاناة عن كاهل الأغلبية من الشعب، بمحاسبة الذين صادروا حريته، وسرقوا ثرواته تحت رآيات الدين المنافقة، عبر سلاح الدعاية الكاذبة..!