[email protected] لقد حاولت رؤية المؤتمر الوطني عندما عجزت عن استيعاب الواقع كما هو إلى دفع بعضه ببعض حتى توضح لذاتها ان القصور يكمن في الواقع الذي لا يريد ان يمتثل إلى ارادة الإله كما رمزته تلك الرؤية، وبعد ان كان ذلك الواقع في الاطراف أصبح يوجه لكل فرد لا يحمل صفة الإسلام وصفة التحزب الوطني أو يمتثل لتلك الرؤية الفرعونية "لا اريكم إلا ما اري". وبعد ضرب المجتمعات بقوات الشرطة التي تتبع قوانين المؤتمر الوطني جاء الدور على القوات المسلحة حتى تبعد الشقة بين تلك المجتمعات والقوات المسلحة وتستمر تلك الرؤية حتى لو ادت إلى موت كل افرادها. ويتمثل قصور رؤية المؤتمر الوطني أو بالاصح الرؤية العربية المهيمنة على مجتمع التحولات (مجتمع الوسط) التي يمثلها الآن المؤتمر الوطني يتمثل ذلك القصور في الوعي بالإنسانية فصك الإنسانية الذي يمنح مقدما لمجتمع التحولات أو انسان الوسط بغض النظر عن سلوكه ذلك الصك لا يستوعب المجتمعات الطرفية التي عليها ان تثبت إنسانيتها دائما وابدا بتشبهها بانسان الوسط وقيمه وعاداته (وما مقتل عوضية بغريب عن تلك الرؤية) فتوحيد الترميز السلوكي للإنسانية هو الذي يبعدنا عن العنصرية أو الردة القبلية التي جاءت نتاج لكل ذلك القصور. كانت هذه المقدمة ضرورية لتوضيح ان الازمة السودانية معقدة ومتداخلة ولكنها ليست مستحيلة عندما يعمل كل منا في مجاله لإنتاج الرؤية السودانية فقصور الرؤية العربية التي تحورت إلى ان وصلت للمؤتمر الوطني تلك الرؤية هي التي ادت إلى ان يكون الجيش السوداني هو الجيش الوحيد الذي لم يوجه الته الحربية منذ قيامه إلا إلى صدور افراد من الشعب السوداني في مفارقة واضحة لمفهوم القوات المسلحة في حماية الوطن والمجتمعات من الاخر غير السوداني. فنحن سنواصل في تفكيك الخطاب العربي حتى تستوعب المجتمعات الفرق بين الرسالة الإسلامية الإرشادية والرسالة الإسلامية الثقافية، ولكن قبل ذلك فالنقف مع القوات المسلحة قليلا. اذن على افراد القوات المسلحة ان تعي ان معركتها الحقيقية ليست مع الحركات المسلحة أو غيرها ولكن مع ترميز لا يري الاخر إلا في القبائل السودانية التي لا تنتمي إلى الوسط ولا تنطق بالعربية ولا تدين بالإسلام الحق كما تدعي تلك الرؤية! فالحرب في هجليج قامت وفق تداعيات محددة وللمؤتمر الوطني سهم في ذلك، فاتفاقية السلام الموقعة بين الحركة الشعبية وحكومة السودان (المؤتمر الوطني) كانت تفرض التزامات محددة فهل سال افراد القوات المسلحة انفسهم هل اوفت حكومة السودان بكل التزاماتها بتلك الاتفاقية حتى تقودهم إلى الحرب؟ فعدم الالتزام ببند المشورة الشعبية في وقته هو الذي قاد في الاخر إلى قيام الحرب في جنوب كردفان والنيل الازرق؟ والى الآن لم ينسحب الجيش السوداني من منطقة ابيي رغم اتفاقه على ذلك، رغم قراءة رغم قراءة المشرعين للقوات المسلحة (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34))، و(وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8))، ولكن لان الترميز للإنسانية هو الذي يحمل مضامين الوفاء للعهد والعدل في وعي الرؤية العربية فالإنسانية أولا ثم يأتي الوفاء والعدل ولا إنسانية في تلك الرؤية إلا للإنسان العربي أو انسان الوسط في السودان ماعدا ذلك فهم ليس باناس في وعي تلك الرؤية. فهل اوفي المؤتمر الوطني بالعهود؟ وهل عدل؟ كل تلك الأسئلة للذين يواجهون الموت بناء على أوامر المؤتمر الوطني. بل الاسواء من ذلك هل سال افراد القوات المسلحة انفسهم عن اخوانهم الذين قاتلوا معهم الحركة الشعبية من ابناء الجنوب وقد باعتهم تلك الرؤية بارخص الاثمان عندما انهت خدمتهم وسلمتهم للذين كانوا يقاتلونهم بعيدا عن الشرف وقسم القوات المسلحة فكل ذلك لم يشفع لهم ولا حتى اسلام من كان مسلم منهم فالإسلام في عرف هؤلاء هو الذي ينتمي اليهم جينيا. فهم لا يشبهوننا كما قالوا، وغدا يكون الدور على ابناء الغرب والشرق والشمال فكلهم رطانة في عرف الرؤية العربية. ولذلك فبداهة الترميز الذي جعل من هجليج قلب الوطن كان يجب ان يكون هو نفسه الذي يجعل من حلايب كذلك، فلماذا لم توجه الإله الحربية نحو تلك الجبهات وهي أجنبية حقيقية تتمثل في مصر، فإذا كانت الفشقة احتلال للارض من جانب مزارعين وقطاع طرق، فحلايب احتلال كامل من جانب الدولة بل وتمصير للسودانيين القاطنين فيها ورغم ذلك لم يخرج لنا وزير الدفاع أو القائد العام للقوات المسلحة ولو بتصريح عن ذلك. فعلي أفراد القوات المسلحة الذين يواجهون النيران ان يدفعوا المشرعين لهم لتوحيد الترميز السلوكي حتى نخرج من ترميز الأشخاص والثقافات الذي يري في كل ما هو عربي قمة الإنسانية حتى لو كان احتلال جزء من تراب الوطن!، فإذا وحدنا الترميز فان كل اعتداء على تراب الوطن إذا كان من الثقافة العربية المتمثلة في مصر أو حكومة جنوب السودان يجب المعاملة بالمثل. فلا معني ان تحتل مصر مثلث حلايب ويسعي المؤتمر الوطني إلى عرض بضاعة الحريات الاربعة عليها رغم ذلك الاحتلال إلا لقصور الرؤية العربية التي فرضت علينا وتوارثتها النخب السودانية. فقبل ان يتهم أفراد الجيش السوداني أو من ينوب عنهم بان من ليس معنا فهو ضدنا عليهم ان يوحدوا مقاييس رؤيتهم للانا والأخر بناء على الفعل السلوكي حتى لا يأتي اليوم الذي يقولون فيه (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67)). فإذا كان الجهاد عبارة عن رد العدوان فهجليج قد رجعت فهل يستطيع وزير الدفاع ان يعلن الجهاد على مصر ليرجع حلايب؟ وإذا كان احتلال جزء من تراب الوطن يدعو إلى إسقاط الحكم في الدولة التي احتلت ذلك الجزء كما يفعل المؤتمر الوطني مع الحركة الشعبية، فهل يستطيع القائد العام للقوات المسلحة ان يقول ان احتلال حلايب يدعو إلى إسقاط النظام في مصر؟