[email protected] الإشارات هي لغة مختلفة لا تستخدم أدوات اللغة المعروفة.. وفي السياسية تكون الإشارات أكثر تعبيراً عمّا لا يمكن للسياسيين قوله أو فعله.. وعند الصوفية فإنّ الإشارات تمثل عندهم إنتقالاً من حالٍ الى حال. ونختصر المقدمة لندخل في الموضوع.. أيام الربيع العربي كانت الحكومة تتحسب لكلِّ ما من شأنّه أن يُحرَّك الشارع.. رغم أنّ الساسة كانوا يمسكون المايكرفونات ويحاولون إيصال رسالة بانّهم لا يخشون شيئاً.. لكنّ قلوبهم تنبؤهم بانّ ما أشعل الربيع/الحريق في تونس ومصر وليبيا ليس بعيداً أن يُشعلها في الخرطوم. بالأمس قرأتُ مقالاً عن قرب (نهاية عهد البشير).. هكذا كان العنوان المقال.. استشهد كاتبه بالكثير من الشواهد.. ومنها ما قاله القس الامريكي فرانكين بيللي جراهام ابن القس الأشهر بيللي جراهام الذي كان يُلقب ب(المستشار الديني للرؤساء الامريكان).. واللقب إنتقل الى ابنه من بعده.. فهو الذي عمّد جورج بوش الإبن. الكاتب استند على ما قاله القس بأنّ :(البشير سوف ينضم الى شارلس تايلور قبل حلول كريسماس 2012م).. وتايلور هو الرئيس الليبيري المحاكم من قبل محكمة الجنايات الدولية. مثل ذلك قاله كثيرون عن نهاية الانقاذ.. قالوا :(لن تكمل اسبوعين) وعندما أكملت قالوا (لن تكمل شهرين) وعندما أتمتها قالوا (لن تكمل عامين).. ومازالوا يُخمنون. بعدها.. استمرأ أنصار الإنقاذ البقاء في الحكم.. وعند إحتفالهم بالعيد العاشر.. لم يتحدثوا عن السنوات العشر.. بل تحدثوا عن (العشرية الأولى للإنقاذ).. بإعتبار أنّ هنالك عشريات أخرى في الطريق.. لذلك لا يمكن تصنيف ما قاله القس بانّه (إشارة). لكنّ الإشارة التي لحظتها هي أنّ الحكومة أوقفت حملات المرور في أثناء فترة الربيع العربي.. خوفاً ورُبّما (تقيةً) من أن تكون شرارة لربيع سوداني ساخن. وبعد أنّ توقف الربيع العربي.. وانحصر تأثيرهُ في دول بعينها.. وجاء الصيف.. وجاءت معه إحتفالات تحرير هجليج.. تغير الحال. فعادت حملات المرور بصورة كثيفة في معظم شوارع وطرقات الخرطوم.. وبشراسة من فطمتهُ أحداثٌ جسام عن الرضاع. عودة دوريات وسيارات المرور بتلك الصورة واسعة الإنتشار هي إشارة عكسية للإشارة الأولى.. فعادت حملات المرور بعد أن أمنت الحكومة انّ هذا الشعب (الطيب) الذي خرج في تحرير هجليج بذلك الحماس.. والذي هرع الى القيادة العامة للقوات المسلحة تسابق خطاهُ دموعه.. وتسابق دموعه افراحه.. ذلك الشعب لن يخرج ابداً ولو حجزت الشرطة كل سياراتهم في جراجها. حسناً.. قانون المرور هو قانون مجاز بواسطة المجلس الوطني.. ويُعتبرُ سارياً بعد توقيع الرئيس عليه.. والقانون ليس هنالك ما يعيبه سوى التطبيق المتعسف لمواده.. ويبدو انّنا موعودون بصيفٍ ساخنٍ مع المرور. اتمنى أن تتم مدارسة هذا الأمر بين قيادات المرور و(شركاء الطريق) كما كان يسميهم الفريق عادل سيد أحمد عبيد (العصر الذهبي للمرور كان في عهد هذا الرجل). أقول: أتمنى أن يتدارسون التطبيق السليم للقانون بالصورة التي تجعل تطبيقه دعماً لإستقرار البلاد.. والدفع بعجلة التنمية وليس خصماً عليهما.