قال: بدأ الإسلام غريباً , وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء !! قالوا : من الغرباء يارسول الله؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد إندثارها . وصدق القائل ... أن القائل كان صدوقأ ! أزعم أن الأستاذ غريب من هؤلاء الغرباء ؟ عندما أصدر الديكتاتور نميري قوانين الشريعة ( سبتمبر 1983 ) , لم يتجرأ اي من الساسة الشماليين أن يقف ضدها ويعريها ويفضحها , ويبين حقيقتها المعيبة , خوفأ من الرأي العام السوداني الطيب البسيط , المغسولة ادمغته اعلاميا , والذي لم يكن ليتردد برش الدم , علي من يرش تلك القوانين الشوهاء بالماء ! ألا الأستاذ الغريب , وأخوانه الجمهوريين ! الذي وقف بقوة ضدها , وكشف ضلالها , وبين زيفها المعيب . ألم يتنبأ الأستاذ الغريب في منشوره , هذا أو الطوفان (25 ديسمبر 1983) , بالقرح العميق الذي سوف تسببه هذه القوانين الشوهاء للوحدة القومية , والطوفان المدمر الذي سوف تطلقه هذه القوانين من عقاله , فيفتت بلاد السودان , ويقطعها أربأ أربأ . كان ذلك , يا هذا , في 25 ديسمبر 1983 ! والان , وبعد اكثر من عقدين من الزمان , يري الجميع صدق ما قال به الأستاذ الغريب , في ذلك الزمن السحيق , من القرن الماضي ! يري الجميع بلاد السودان تتفتت امام أعينهم , من جراء الفيروس الذي تم زرعه في سبتمبر 1983 , والذي تمدد وانتشر في جميع خلايا جسم بلاد السودان خلال العقدين المنصرمين ! والذي سوف يفتت بلاد السودان في اقل من 18 أسبوعأ , تماما كما تنبأ بذلك الأستاذ الغريب , قبل أكثر من عقدين من الزمان . يالها من بصيرة نافذة , تخترق حجب الغيب ! القس فرانكلين جراهام تصر الحركة الشعبية علي عقد الاستفتاء في مواعيده , وقبل حسم مشكلة ترسيم الحدود , وقبل حسم بقية المسائل العالقة الاخري , برضاء الشريكين ! بل تفضل الحركة عدم الوصول الي اتفاق مع المؤتمرنجية في كل هذه المسائل العالقة , وترحيلها كلها الي ما بعد الاستفتاء , والي ما بعد اعلان انفصال دولة جنوب السودان . السبب بسيط ومنطقي , ولا يحتاج لفهامة لاستيعابه ! وهو من بنات أفكار كبير السحرة روجر ونتر , الذي علم عيال الحركة الشعبية السحر . وكذلك القس فرانكلين جراهام , الذي يدير كل هذه الأرجوزات من وراء حجاب . وللتذكير فأن القس فرانكلين جراهام , رئيس مؤسسة بيللي جراهام الأفانجليكية في امريكا , ( ولاية كارولاينا الشمالية ) , عراب وراعي وممول ومحامي الحركة الشعبية في امريكا . هو الزعيم الديني الأهم في عموم امريكا الذي عارض فكرة بناء مركز أسلامي قريب من موقع مركز التجارة العالمى فى نيويورك ، الذى دمرته الهجمات الإرهابية فى الحادى عشر من سبتمبر ! كما يهاجم القس الأسلام الذي يصفه بدين الكراهية والحرابة وأضطهاد المرأة ؟ ويوجه القس فرانكلين انتقادات لاذعة إلى الإسلام ، قائلا إنه ليس دينا سماويا ، بل هو من " نتاج الشيطان " , وأن المؤمنين به " سيذهبون إلى النار" . وتوزع كنيسته قمصانأ مجانية مكتوبا عليها " الإسلام هو الشيطان" ! وموقفه هذا من الأسلام وراء دعمه الامحدود للحركة الشعبية للانفصال من الشمال الاسلامي , وتكوين دولة من كلم الناس وهو في المهد صبيأ ؟ ويدعي القس فرانكلين بأن ميلاد دولة جنوب السودان يبشر بقرب العودة الثانية للمسيح , ليملأ الارض عدلأ , ولبنأ وعسلأ ! بعد أن ملأ المؤتمرنجية أرض الجنوب قتلأ , وجورأ وظلمأ ! فزاعة امر قبض الرئيس البشير يدعي القس فرانكلين جراهام بأنه بعد الاستفتاء واعلان ميلاد دولة جنوب السودان المسيحية , ( الطفل المدلل للغرب , وبالاخص لامريكا ) , سوف يقف الغرب مع دولة جنوب السودان الجديدة , وضد دولة شمال السودان الاسلاموية الشيطانية , في حسم جميع المشاكل العالقة , وبالأخص مشكلة ترسيم الحدود , لصالح دولة جنوب السودان المسيحية , بادخال كل المناطق المتنازع عليها داخل حدود دولة جنوب السودان المسيحية , وبالاخص اقليم ابيي , وفيما بعد , جنوب كردفان وأقليم الفونج ! ولا يستبعد القس فرانكلين الخيار العسكري الامريكي لبلوغ هدفه ! واذا فرنب المؤتمرنجية , سوف يرفع الغرب , في خطوة أولي قبل التدخل العسكري الأمريكي , الكارت الاحمر ( امر قبض الرئيس البشير ؟ ) في وجه المؤتمرنجية , فيخرون ساجدين مرددين : امنا برب سلفا وباقان . ويقبلون بكل أملاءت الرئيس سلفاكير وأخيه هارون ( باقان ) , وهم صاغرين ! مؤامرة المؤتمرنجية المكشوفة وفي هذا السياق , فقد نور القس فرانكلين حواره الرئيس سلفاكير بمؤامرة المؤتمرنجية المكشوفة . يدعي القس فرانكلين أن المؤتمرنجية يقلبون الهوبات هذه الايام , لكي يرغموا الحركة الشعبية لاعلان الاستقلال من داخل البرلمان الجنوبي . وبعدها سوف يرفع المؤتمرنجية قميص عثمان , مدعين ان الحركة الشعبية قد خرقت اتفاقية السلام الشامل , ودستور السودان الأنتقالي . ولا يعترفون بأستقلال الجنوب المعلن من داخل البرلمان الجنوبي ! والاهم , سوف يتبرأ المؤتمرنجية , أمام التاريخ , من وصمة أنفصال الجنوب , ويرموها علي جبين الحركة الشعبية ! وبعدها تقوم العجاجة , ويدخل السودان , كل السودان , في حيص بيص . ويتأخر الميلاد الهادئ السلس لدولة جنوب السودان المسيحية , وبالتالي يتأخر الظهور الثاني للسيد المسيح ! وهذا خط أحمر دونه خرط القتاد بالنسبة للقس فرانكلين ؟ ومن هنا نصيحة القس فرانكلين لحواره الرئيس سلفاكير , ليمد حبال الصبر الأيوبية للمؤتمرنجية , وأن لا يقع في شراكهم المنصوبة , حتي بزوغ فجر يوم الأحد الأغر التاسع من يناير 2011 , وعقد الأستفتاء في ذلك اليوم الأغر ! أصحاب الجنة وأصحاب النار العراك العبثي بين المؤتمرنجية والحركة الشعبية يمثله مثلث كارثي . ضلعه اليمين واقف ويرمز للجلاد الأكبر ( المؤتمر الوطني ) , وضلعه الشمال واقف ويرمز للجلاد الأعظم ( الحركة الشعبية ) . وضلعه الثالث , أو قاعدته , منبرش علي الأرض ويرمز للضحية الكبري ( بلاد السودان وأهل بلاد السودان ) . ونادي أصحاب الجنة من اهل بلاد السودان , أصحاب ذات السبعة أبواب من المؤتمرنجية وزعامات الحركة الشعبية , أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقأ . فهل وجدتم ما وعد ربكم حقأ ؟ قالوا : نعم ! فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله علي الظالمين من المؤتمرنجية وزعامات الحركة الشعبية ! ونادي أصحاب ذات السبعة أبواب من المؤتمرنجية وزعامات الحركة الشعبية أصحاب الجنة من اهل بلاد السودان , أن أفيضوا علينا من الماء , او مما رزقكم الله ؟ قال أصحاب الجنة من اهل بلاد السودان , أن الله حرمهما علي الظالمين من المؤتمرنجية , الذين أتخذوا دينهم لهوأ ولعبأ , وغرتهم الحياة الدنيا , فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا . وتلك الأيام .... مقدمة نواصل في هذه الحلقة الخامسة , أستعراضنا لونسة , وانطباعات الرئيس امبيكي عن أفكار ورؤي الرئيس سلفاكير , في بعض المسائل السياسية . سنوات الرصاص خاطب أمبيكي الرئيس سلفاكير قائلأ : العزيز سلفا . تعرف تاريخنا المشؤوم مع نظام الفصل العنصري , الذي كان يعاملنا معاملة اسؤأ من معاملته للحيوانات , اسوأ الف مرة من معاملة الشماليين لكم . لا مجال للمقارنة بين المعاملتين ! والان قد تركنا كل ذلك الأرث الثقيل خلفنا , واصبحنا اخوانأ علي سرر متقابلين في المواطنة .... الابيض والاسود والهجين والهندي والصيني والاصفر ... قوس قزح ... مولد الوان بشري , لا فضل لعنصر علي الاخر الا بالعمل الصالح ... المواطنة هي اساس الحقوق والواجبات ! ولجان المصالحة والحقيقة قد ازالت المرارات والاحتقانات من نفوس الجلادين والضحايا ! لماذا لا تتخذون موديلنا , الذي أثبت نجاحه بالتطبيق علي الأرض , قدوة , وهادياً لكم في وحدتكم مع اخوانكم في الشمال ؟ ثم ان المشاكل بينكما ليست بهذه الحدة العنصرية والدينية التي كانت بيننا , والبيض في جنوب افريقيا ؟ تذكر , يا صديقي , أن الحرب العالمية الثانية التي اجتاحت اوروبا اودت بحياة حوالي اربعين مليونا تقريبا ، ومع ذلك اندمجت الدول الاوروبية المتحالفة في تكتل سياسي واقتصادي وحدوي هو الانجح عالميا ؟ أزعم , يا صديقي , ان وضعي وصداقتي , وتجربتي السابقة في هذا الخصوص ، تتطلب مني ان اكون صريحا للغاية معك ! سيناريوهات التخويف التي تلجأون اليها بين الفينة والاخرى , تعكس شيئا واحدا لا ثان له : أن الإنفصال هو الهدف الاستراتيجي ، والهدف النهائي للحركة الشعبية . وأخشى ان هدف الإنفصال , لا يقوم على أسس موضوعية , مثل مصالح الجنوب الحقيقية ! بل أزعم ان هدف الانفصال , هدف تحركه زعامات الحركة الشعبية , مدفوعة بأسباب شخصية وأسباب منفعية ذاتية ضيقة ضد عدو وهمي في الشمال ! مع أن العدو الحقيقي للجنوب نجده في القبلية , وانعدام البنيات التحتية , خصوصأ الأنسانية , وقلة التعليم , والفقر والمرض . دعاة الأنفصال أناس تحركهم مراراتهم وحساباتهم الشخصية الخاصة ، أناس يدافعون عن عقدهم وأهوائهم , ومركبات النقص التي تتملكهم ! بينما دعاة الوحدة أناس يحركهم الصالح العام ، أناس يدافعون عن هذا التراب ... عن وطنهم الأم ! انوي انجاح وساطتي , ولا انوي الأنسحاب منها , كما لا أنوي ترك كل طرف من طرفيها يقلع شوكه بنفسه ؟ ام انني مخطئ ايها الصديق العزيز ؟ نورني شيئاً عن خلفيات نزاعكم مع اخوانكم في الشمال . No federation for one nation اعتدل الرئيس سلفاكير في جلسته , ورشف رشفة سريعة من الشاي الأحمر الساخن أمامه , وقال مخاطباً صاحبه : العزيز تابو .... شوية شوية علىَّ ... حيلك علينا يا صديق ! هل تعلم بانه منذ ان ضم محمد علي الكبير جنوب السودان لشماله , في عام 1821 , لتكوين جمهورية السودان التي نعرفها اليوم , وحتي عام 1989م ، عام بدء نظام الانقاذ ! أي في فترة ال 168 عام هذه قبل الانقاذ , قامت اربعة حركات تحرير كبيرة في جنوب السودان : + حركة توريت (1955) ، حركة توريت ( أغسطس 1955م ) كانت حركة احتجاج على دمج القيادة الجنوبية في القوات القومية , وعلى ضآلة نصيب الجنوبيين في السودنة . كانت مطالب حركة توريت محصورة في مطالب فئوية للضباط الجنوبيين في الجيش السوداني ! + حركة الانانيا ون (1958-1964)، + حركة الانانيا تو (1969- 1972) , حركة الانانيا طالبت بالفدريشن , اي الحكم الفدرالي لجنوب السودان ! لم تطالب حركة الانانيا بالأنفصال ؟ بل بالفدريشن في اطار السودان الواحد ! ولكن كان الشعار المرفوع في الشمال ... ضد الفدريشن للجنوب . No federation for one nation. والان اصبح الشعار المرفوع في الجنوب , وبفضل عمائل المؤتمرنجية : الأستقلال وليس الأستعباد ؟ يتبع في الحلقة القادمة أستعراض اول ظهور لفيروس مبدأ حق تقرير المصير وتداعياته ! رئيس سلفاكير والقس فرانكلين جراهام الحلقة الخامسة ( 5 – 7 ) ثروت قاسم [email protected]