[email protected] إن التاريخ يعتبر بوابة وعنوان للأمم والشعوب لإستنهاض ذاكرتها التى تساعد فى بناء الفهم القومى والمواطنة والهوية, لذلك ربطت المعاهدات والإعلانات والمواثيق الدولية تطور البشرية بإحترام مختلف دياناتها وثقافاتها وخلفياتها الحضرية , لقد أثبتت الدراسات أهمية إعادة قراءة التاريخ لأن هنالك أسئلة كثيرة تحتاج لإجابات منهجية مثل : من يكتب التاريخ؟ ولماذا يُكتب التاريخ ؟ ولمن يُكتب التاريخ ؟ لقد أثرنا هذه الأسئلة بغرض توضيح الرؤية السالبة تجاه المثقف الأفريقى والسودانى والأوربى , لأن معظم كُتاب التاريخ الأفريقى هم أوربيين كتبوا تاريخ أفريقيا, منهم من تجرد وصدق, ومعظمهم كتبه بأغراض إستعمارية وصفوا فيها إنسان أفريقيا بالمتخلف الجاهل الذى يعانى من نفسه وأزمات فى تفكيره ولا بد من إنقاذه وإخراجه من الظلمات إلى النور , هذه النظرة ساهمت مساهمة سلبية وشجَّعت المستعمرين وقادة الدول الأوربية فى إستعمار الدول الأفريقية وتنظيم حملات تجارة الرقيق لخدمة الإمبراطوريات الأوربية ونهب ثروات أفريقيا لصالح مصانع أوربا أدى ذلك لإختلال التراتبية الإجتماعية بين شمال وجنوب الكرة الأرضية وتراكم رأس المال لصالح الأوربيين وإمتلاك أدوات الإنتاج, بالمقابل ظهرت أزمة المثقف الأفريقى الذى تأثر سلباً فى تفكيره وكتاباته برؤية الأوربيين ما عدا قلة منهم أمثال الأديب : وول سوينكا – والمؤرخ الشهير الشيخ عنتا ديوب, الذى أثبت ان أفريقيا هى أرض الحضارة والإنسان الأول, وإن الحضارة الفرعونية هى حضارة زنجية على عكس ما يدَّعى الأوربيين بإشراف أقوام أوربية بيضاء عليها كما أشار الشيخ عنتا ديوب بإن السودان هو مهد الحضارة الإنسانية وان الناس فى أفريقيا هاجروا من السودان (راجع كتاب أفريقيا والثقافة الزنجية – للشيخ عنتا ديوب). فمراكز إنتاج الوعى فى السودان : (المدرسة – الجامعة – التلفزيون – الإذاعة – الصحف – المناهج الدراسية), تُشير فى سياسة مقصودة وترصُّد فاضح ان تاريخ السودان بدأ منذ دخول العرب والإسلام إلى السودان, وهذا خطأ وعار فى جبين المثقف والحكومات السودانية فى المركز, وقصر فى التفكير لأن بناء الأوطان لا يتم بتجاوز الآخر وتاريخه , بل يتم عبر الإعتراف بمكِّون الآخر إجتماعياً وتاريخياً وثقافياً, هذه السياسة أنتجت أزمات الهوية وإختلال ميزان التراتبية الإجتماعية فى السودان, مما أدى إلى إنتشار الحروب الثورية وبالمقابل ترك تاريخ السودان للإجتهاد والتأويل الفردى والجماعى والنقل عبر أحاجى وقصص بين كل قبائل السودان تحوَّل البعض منها إلى قصص "ميتافيزيقية" بسبب التهويل والتفاخر بكرامات الأسلاف, وبعض المثقفين دون وازع وطنى وأخلاقى يفتخرون بأجدادهم لأنهم تُجار رقيق (شارع الزبير باشا فى الخرطوم), ان تاريخ السودان يحتاج إلى إعادة كتابته بصدق وتجرد يحترم الآخر ويضمن فى المنهج الدراسى من الأساس إلى الجامعة, كما يمكن لوزارة الثقافة والإعلام وضع برامج عبر الإذاعة والتلفزيون والصحف لتصحيح ما علَّق فى عقول السودانيين من أخطاء لسياسات مقصُودة ومُغرضة بتذويب السودانيين فى (بوتقة الإنصهار ), لقد فشلت نظرية التذويب لأنها تتنافى مع حقيقة (خلق الله للإنسان), وتتنافى مع الواقع السودانى , ان السودانيين فى الشمال والجنوب معظمهم تتقاطع بينهم تفاصيل تدل على التاريخ المشترك كأعراف وعادات وتقاليد إرتبطت بالحضارة الكوشية المروية والبجراوية والممالك المسيحية والإسلامية وهناك بعض الأدلة المادية التى تثبت ان جميع السودانيين يشتركون فيها مثال لذلك : 1- القُطية توجد فى جميع أنحاء السودان وتتخذ فى كل أقليم طريقة معينة فى البناء حسب البيئة , والقطية فى نظر السودانيين هى ذاكرة الإهرامات تناقلت عبر الأسلاف وتم بناؤها بالمواد المحلية بدلاً عن الحجر والطين. 2- يشترك السودانيين أيضاً فى عادات الزواج وقطع الفرع قرب البحر أو الوادى أو الغابة . 3- كذلك يشتركون فى ظاهرة عدم أكل أول الحصاد ويحذرون من الضرر الذى يصيب من يأكل أول الحصاد , والأمثلة كثيرة . ومن الدلائل العلمية التى تدل على قدم الحضارة السودانية وتفوُّقها على الحضارة المصرية الفرعونية هى : 1- الإهرامات فى السودان أصغر من الإهرامات المصرية لماذا ؟ لأن الحضارة بدأت فى السودان وكلما تقدمت الحضارة من الجنوب إلى الشمال يتطور البناء إلى الأحسن من حيث الحجم والمتانة والأناقة . 2- أثبتت الدراسات ان الحضارات فى كل العالم كانت فى المنابع وليس المصبات , وهذا يدل على ان السودان مكان الحضارة الأول. هذا مختصر عن تاريخ السودان المشترك بين كل مكوناته السكانية نُهديه إلى عنصريى المؤتمر الوطنى أمثال والى النيل الأبيض الذى لم يراعى تاريخ الشعوب السودانية بين الشمال والجنوب وإصدار قرار عُنصرى بغيض يُمهل فيه الجنوبيين أيام معدودات لمغادرة ولايته بدوافع وحُجج واهية مثل حفظ الأمن والإضرار بالبيئة والصحة العامة..!!, وهل السودان الشمالى فى أمان, فالحرب تدور فى دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق , أين الأمن الذى يدَّعُونه والرئيس البشير يعلن حالة الطوارىء فى الولايات المتاخمة للحدود مع الجنوب ؟ , وأين الصحة وإصحاح البيئة فالملاريا فى الجزيرة تحصد المئات, والسل مستوطن فى شرق السودان نتاج للجوع والتهميش, وإرتفاع نسبة الإصابة بمرض الأيدز فى الخرطوم , وإنتشار مرض الكالازار فى أجزاء كبيرة من السودان؟ , ليس هنالك تفسير غير مشروع الإنقاذ العنصرى وعدم فهم لحقوق الإنسان والإنسانية , فعنصريِّى الإنقاذ يدَّعون صفاء العرق وصلات القربى للنبى محمد (ص) بالرغم من الله أراد ان يموت أبناء الرسول وهم صغار لكى لا يلتصق فيهم أمثال (الطيب مصطفى) و(الشنبلى) وهل تعلمون ان (قُريش) حكمت العرب ثلاثمائة سنة يملكون الثروة والسلطة بلغة العصر الحالى والنعم والرفاهية , فما الدافع الذى يدفع (العباس) لترك مكة وهذه النعم التى كانت فيها فى ذلك الوقت , لكى يأتى إلى السودان مهاجراً ليلد أبناء له هنا ..!! ؟ هذا هراء وإفتراء وكذب وتضليل وشعور بالدونية هل يعلم (الشنبلى) إنه لا يوجد فى أى دولة إسلامية وعربية أسرة لها قرابة بالرسول (ص) غير العائلة المالكة بالأردن , (الملك الحسين بن طلال) وسُميت بالمملكة الأردنية (الهاشمية) أضع خط تحت الهاشمية تجدها مشتقة من (آل هاشم) وهم أهل الرسول يا والى النيل الأبيض, كيف فزت فى الإنتخابات المضروبة وأنت تدَّعى الديمقراطية التى لم تعرف فى يوم من الأيام العنصرية؟ , فالديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وإرادة المواطن وحق التجنس , إن سياستكم هذه لا تتوافق مع لغة العصر والعولمة وعصر إحترام الإنسان والإبداع والتقدم وليس إنتاج الأزمات والحروب العنترية الزائفة لقد حرقتم النسل والحرث فى كل أنحاء السودان فأرجع يا سيادة الوالى إلى دفاتر ولايتك من الزكاة والأتوات والصادر والوارد سوف تجد ان معظم الإنتاج من المواد الخام الزراعية تأتى من أعالى النيل (مانج – الرنك – ملكال – المابان – الصمغ السودانى – السمسم – الذرة – الأسماك – والفحم النباتى وغيرها) لماذا لا تراعى علاقات شعبك من القبائل العربية منهم قبيلة (سليم) التى ترعى بماشيتها بمحافظة مانج ..؟ ولو مكذبنى أسأل شيخ (البر) ناظر عموم قبيلة (سليم), وإذا إنت والى منتخب وتعمل لخدمة شعب ولايتك لماذا لا تراعى مصالح الشعب الذى إنتخبك لتقول لرئيسك البشير لا ما قال والى القضارف كرم الله عباس العوض وتبنى علاقات يستقر بها شعبك فى الولاية ؟ لكننا نعلم ان ولايتك تدار من الخرطوم وأنت مجرد كمبارس تصفق للخرطوم فى فيلم عنوانه (حرق الأخضر واليابس), يا والى النيل الأبيض هل تعلم ان إسم الخرطوم عاصمة السودان الشمالى اليوم لا يوجد لها تفسير أو دلالة فى اللغة العربية يوضح معناها الحقيقى إلا فى لغة الدينكا ؟ وكلمة خرطوم فى لغة الدينكا تعنى ( مكان إلتقاء الماء), وقد ثبت المعنى جغرافياً وواقعياً (مقرن النيلين), ولكى لا يظهر أحد المهووسين دينياً لتقديم دليل قرآنى (سنسميه على الخرطوم ) فالخرطوم التى ورد ذكرها فى القرآن معناها أنف الفيل (خرطوم الفيل) راجع الطبرى والصاوى وكل معاجم تفسير القرآن . ختاماً : قراركم غير صائب ولم يراعى الواقع السودانى فى التنوع التاريخى والمعاصر وحتماً ستزول حكومة القتل والإغتصاب وسوف تعود علاقات السودانيين شمال وجنوب, وسوف يعيد التاريخ نفسه ليعيش شعب السودان حراً وديمقراطياً دون مزايدات وفبركات وتزوير الشرعية الزائفة التى تدعونها لماذا لا يصحى ضميركم المريض المنغلق. .؟.