إليكم الطاهر ساتي [email protected] الفساد و مواطن العفة ... !! ** قد يذهب أحدكم الى صديقه الطبيب، ليس بحثاً عن التداوي، ولكن طلباً لأورنيك مرضي يغيبك عن العمل يوماً أو أسبوعاً لقضاء حاجة، ويوافق الصديق على الطلب ويكذب بأنك مريض وبحاجة الى بعض الراحة، وتخرج منه سعيداً بإجازتك، وبهذا تكون قد ساهمت في إدخال الفساد الى موطن من مواطن العفة ( الطب) ..!! ** وقد يكون أحدكم مالكاً لمدرسة خاصة مستواها الأكاديمي دون الطموح، و بدلا عن الإجتهاد في تحسين المستوى، تُعين مديراً يفسح مجال الغش للطلاب في الإمتحانات، فينجحوا ويتصدروا قائمة الأوائل في الإمتحانات، فتفرح بهذا التفوق غير الأخلاقي، وبهذا تكون قد ساهمت في إدخال الفساد لموطن من مواطن العفة ( التعليم) ..!! ** وقد يكون أحدكم ظالماً لأخيه، فيذهب المظلوم الى حيث العدالة، الشرطة والقضاء، لتنصره، ولكن - بما لك من نفوذ- تستغل تلك الأجهزة بحيث تنصرك على من ظلمته وتكسب القضية وتفرح، وبهذا تكون قد ساهمت في إدخال الفساد الى مواطن العفة تلك، ( الشرطة والقضاء)..!! ** وقد يكون أحدكم ثرياً وغير قنوع، بحيث يقدم لديوان الزكاة - بشهادة اللجان الشعبية - طلباً بأنه من الغارمين، وحين يكتشف موظف الزكاة زيف الأوراق تتفق معه على قسمة المال، فيوافق ويصدق لك بالمبلغ وتخرج سعيداً، وبهذا تكون ساهمت في إدخال الفساد الى موطن من مواطن العفة، ( المؤسسات الدينية والإجتماعية) ..!! ** وعالماً مصرياً، البروف محمد المهدي، كتب قبل ثلاث سنوات بحثاً عميقاً بعنوان (حين يصل الفساد لمواطن العفة)، تنبأ فيه بما حدث لنظام مبارك بقول معناه : ( إقتراب الفساد من مواطن العفة يثير قلق المجتمع المصري، وقد يتحول هذا القلق الى زلزال يهز كل أركان الدولة).. وهذا ما حدث ويحدث في مصر اليوم..والقضاء نموذج من نماذج مواطن العفة في أي مجتمع ، وكذلك الشرطة، الطب، التعليم، والمؤسسات الدينية والإجتماعية..وتلك هي المؤسسات التي بمثابة صمام الأمان للمجتمع والحصن الأخير لأي مواطن، ولهذا يحرص الكل - حكومة وشعباً ومعارضة - على نقائها وحسن سيرتها ومسيرتها، بحيث تكون بعيدة عن التلوث بالفساد والمفسدين..شكراً للبروف المهدي على البحث القيم، وأنصح أصدقائي بالبحث عنه والإستفادة منه، لقد تعمق في تناول مخاطر وآثار إقتراب الفساد من (مواطن العفة) ..!! ** ديوان الأوقاف من مواطن العفة في أي مجتمع مسلم، ويجب أن يكون بعيدا عن الشبهات، ناهيك عن الإتهامات الموثقة..ومع ذلك، للمرة الثانية خلال أسبوع ونيف، تستقبل قاعة برلمان دولة السودان من الوثائق والإفادات ما يندي لها الجبين خجلاً..كلها وثائق وإفادات تؤكد بأن موطن العفة هذا لم يعد في بلادنا إلا وكراً من أوكار الفساد والمفسدين، أوهكذا ملخص التقرير الذي قدمه وزير الإرشاد أول البارحة لنواب البرلمان.. وزير الوزارة السابق أزهري التيجاني، والأمين العام السابق الدكتور الطيب مختار، وآخرين، عاثوا في ديوان الأوقاف فساداً قبيحاً، حسب وثائق وإفادات وزير الإرشاد الموثقة في تقريره.. لسنا قضاة ولامحاماة، ولكن ما لم يذهب هذا التقرير الى حيث هؤلاء وأولئك عاجلاَ، فان الحكومة - وليس فردا في المجتمع - هي التي تساهم في إدخال الفساد لمواطن العفة ..!! ** نعم كثيرة أوجه الفساد التي طالت مؤسسات البلاد، بحيث لم يعد هناك موطناً من مواطن العفة إلا وقد تم تلويثه بالنهج الفاسد ونهب المفسدين..ومع ذلك، لم يحدث في تاريخ السودان بأن مؤسسة كما الأوقاف - بكل ما تحملها من دلالات ومعان وأهداف - قد طالتها شبهة فساد، ناهيك عن إتهامات فساد موثقة في تقارير رسمية.. وعليه، ما يحدث في الأوقاف بمثابة جرس إنذار.. نعم، فالمجتمع يقلق ويستاء حين يدخل الفساد لمواطن العفة، ولكنه يحول القلق والإستياء الى زلزال ..متى؟.. ترونه بعيداً، وما هو كذلك ..!!