[email protected] عندما تعرض عليك جهة ما أي سلعة أو خدمة معينة نظير مبلغ زهيد لزوم الإغراء والمنافسة مع مثيلاتها وتلحق ذلك بعبارة (غير شاملة للضريبة)، يجب أن تتوقف هنا قليلاً. فإما أنها تود بذلك أن تخلي طرفها من أي زيادة تترتب على المبلغ المعروض أو أنها (بالواضح غير الفاضح) تلقي الكرة في ملعب الضرائب بل دعونا نكون أكثر وضوحاً ونقول (تلقي اللوم على الضرائب). ولكن ما الذي يجعلنا نصدق أن المبلغ الذي سيتم خصمه فوراً كضريبة، سيذهب كله للضرائب إذ ربما أن هناك نصيب خفي يعود لذات الجهة العارضة للسلعة. إن الذي يجعلني أتشكك هنا، ضخامة المبلغ الذي يستقطع كضريبة من المستخدم للنت أو المتحدث. ولكي أضع النقط على الحروف هناك خدمة تعرضها شركة اتصالات للإنترنت بواقع ستة وعشرين جنيهاً للشهر مع سعة محدودة للتحميل مما أغراني لتجربتها ولكن حين حصلت عليها وجدت أن هناك مبلغ ثمانية جنيهات إضافية خصمت كضريبة، فهل يعقل أن تبلغ ضريبة شرائي لتلك الخدمة حوالي ثلث قيمتها. أنا أعلم أن الضرائب يتم تحصيلها من المستفيد مادياً، إي في هذه الحالة يعتبر المستفيد مادياً شركة الاتصالات ويجب عليها أن تدفع للضرائب من أرباحها لا أن تحمّل العميل ضريبة بمثل هذا الكم علماً بأن هناك ضرائب يتم تحصيلها تلقائياً على تحويل الرصيد وعلى المحادثات والرسائل. لعل العملاء بحاجة إلى استجلاء غموض الضرائب بتحديد مبلغ الضريبة الفعلي مقابل كل عرض مع تأكيد من إدارة الضرائب بصحته حتى نكون على بينة نحدد على ضوئها الاستجابة للعرض أو رفضه. أما أن يلف الغموض حقيقة الضريبة لتقع الفأس على الرأس فجأة، فهذا شيء قد لا يكون مقبولاً عند أغلب العملاء. إن ثورة الاتصالات التي حققت نقلة نوعية في التواصل وساعدت كثيراً على أنجاز المهام بالسرعة الفائقة لا يجب أن تكون ثورتها وبالاً على دخول العملاء الضعفاء ومتوسطي الحال الذين يعتمدون أكثر من غيرهم على الاتصال كوسيلة عصرية ناجحة. فلو كانت شركات الاتصال فقيرة أو تسير أعمالها بالكاد لما أرقنا مدادنا في تناولها ولكنها بإعلاناتها التنافسية ورعايتها لمختلف الأنشطة وبذخها الصرفي وسدادها لضرائب أرباحها وامتلاكها لأصول عديدة تعلن بطريقة غير مباشرة عن ضخامة هامش الربح من وراء تواصلنا الكلامي الذي فيما يبدو أنه (أكثر من اللازم). كنت أتوقع من تلك الشركات أن ترد لنا بعض الدين من خلال تخفيضات كبيرة وبشفافية تقوم على نظرية (واحد + واحد = اثنان) طالما أننا أصبحنا زبائن مدمنين على الكلام بدلاً من إدخالنا في متاهات حسابية لا نقدر على فك طلاسمها. وأتوقع أيضاً إجابة من الضرائب عن شرعية وقانونية وضع المتكلم هاتفياً أو المستخدم للنت تحت مظلة الضرائب عقاباً على تصفحه وكلامه لأننا نشأنا على ثقافة تقول بأن دافع الضريبة هو المستفيد مالياً لا الشخص الذي ينفق ماله لتستفيد منه جهة أخرى. وبما أن الحديث عن شركات الاتصالات، هناك شركة تبيعك شريحة ذات مسمى ولكن يكون حساب المكالمة على الدقيقة أعلى من شريحة ذات مسمى آخر تبيعها ذات الشركة، فقط الفارق هنا أن على الأخيرة رسم اشتراك يتجدد شهرياً حتى لو كان عمر تلك الشريحة بالسنوات مما يجعل قيمتها خلال خمس سنوات فقط أكثر من خمسمائة جنيه. ومؤخراً غمرت السوق عروض ذات هواتف وشرائح مزدوجة ومكالمات ضمن السعر المعروض0 وحيث أننا نفهم أن الالتفاف حول العروض المختلفة يضمر في داخله أرباحاً للشركات تحت غطاء مغريات الإعلان وإبهاره لقطاع من العملاء الذين لا يدققون في لعبة الأرقام المكتسبة من وراء ذلك، فإننا نطمح في بعض التنوير.