[email protected] يحتاج المجتمع الذي نعيشه عليه الي الي الكثيرجدا حتي نشفي من افرازاته التي تأذينا منها كثيرا وان نالت منها المرأة الجزء الاكبر ولكن التعاطي مع قضايا المرأة في ظل وجود الاجيال الحالية لا يبشر بالخير ومثالا لذلك قضية ختان الاناث مثار نقاشنا اليوم فالكثير من الاسر تقبل بمحاربة قضية ختان الاناث كأيدلوجية فكرية ولكن علي ارض الواقع تطبقها منهجيا علي بناتها فنحن نحتاج الي حلول جذرية وانفاذها حتي نعبر الي مجتمع سليم ومعافي وان كنت اري ان رياح التغيير لن تتم عبر الاجيال الموجودة لانها يستحيل اصلاحها كليا الا بهدم الموجود منها لظروف نعيشها ونعلمها جميعا فألاجيال القادمة قد تكون هي فرس الرهان الوحيد ولكن الي ان يتحقق ذلك علينا ان نحاول في تشخيص انظمتنا التربوية ومفاهيمنا الاجتماعية ومحاولة علاجها ما استطعنا الي ذلك سبيلا ما حفزني الي كتابة المقال مثار النقاش حين حكي لي احد الاصدقاء عن ازمته التي يعيشها فهو يعمل طبيبا وهو من الناشطين في احدي مؤسسات العمل المدني الناشطة في مجال مكافحة العادات الضارة فدارت عليه الدوائر عندما تزوج ورزق بأبنتين احداهن في الخامسة والاخري في الثالثة فأندلعت ازمتهما عندما اقترحت عليه زوجته عن نيتها في ختان ابنتيهما فحاول اقناعها بشتي السبل ولكنها تصر علي رأيها مدفوعة بتأييد واسع من افراد اسرتها وعلي رأسها امها واخواتها فأصبحت حيرته كبيرة في انتظار ان يمن عليه المولي عز وجل في حل لازمته ولكن ان تصر زوجته وبشدة علي الختان لهو شرح كافي للكيفية التي تسبطن بها المرأة الوعي الجمعي وتفرزه بأعتباره الوعي الطبيعي ان العمل علي محاربة ختان الاناث لا بد ان يكون منطلقا من رؤية فكرية ودينية وقناعات مجتمعية وتوعية نوعية ايدولوجية ذات موقف نقدي وقانوني صارم فالتوعية لا بد ان تكون علي ذات النهج الذي يحارب به مرض الايدز فالختان ما هو الا انعكاس واعي لقهر النساء رغم الطقوس الاحتفائية التي تصاحبه وتكمن المفارقة المدهشة في اصرار زوجة صديقي علي ختان بناتها لنلاحظ ان الاصرار يأتي دوما من جانب المرأة فهي تفعل ذلك لانها مستلبة تماما ولكن الي متي نظل نعاني من تلك الاشكالات الماثلة في اتون مجتمعنا اعود لتعريف ختان الاناث وهو ازالة لأكثر المناطق حساسية عند المرأة ويترتب علي ذلك اشياء كثيرة سلبية تلازم المرأة ومنها ان معظم الازواج لا يمارسون حياتهم الزواجية الا بتوسيع الفتحة الموجودة وتسمي بعملية ( التسهيل ) وبعد الولادة يحدث ترهل لان العضلة ليست موجودة وفي عملية الختان الاولي تكون قد أخذت عضلة الشفرين فيحدث اضعاف للجهاز التناسلي بعد الولادة لو تركتها ستكون مشكلة لان المدخل مترهل حيث تتم اعادته الي محله والنساء غير المختونات عملية الانجاب تتم معهن بطريقة سلسة بنسبة 90% دون الحاجة الي توسيع مخرج الرأس وينعكس بالتالي كل هذا العنف علي الطفلات فقد ذهبت دراسات الي انهن يتحاشين الدخول في مرحلة البلوغ وما يستتبعه من مسؤليات واستعداد للزواج علي عكس الاطفال الذكور الذين نراهم يتعجلون هذه المرحلة وما يستتبعها من حريات وانفتاح مما يعكس مردود الختان السلبي علي هذه الحقائق فالاحساس السالب والمؤلم بأن هناك اعضاء من جسمك سيتم استئصالها يؤسس لتقدير سالب للذات كما ان التجربة تكتنفها المخاطر الصحية والالام من مراحل الطفولة الي الزواج والانجاب الي درجة الوفاة لهذا السبب فبالتالي قد تزعزع مفهوم الطمأنينة الذي ينشأ في مرحلة باكرة لاطفال لا يزالوا زغب صغار ان اكثر ما اثار اندهاشي هي مسألة ختان الامهات التي تنامت لاول مرة الي مسامعي بالرغم من انها رائجة في اتون المجتمع النسائي بمختلف طبقاتهن ودرجاتهن الطبقية والعلمية واللاعلمية اللاواعية وتمارس علي مستوي واسع واحيانا كما علمت بأيعاز من الزوج او الام او الحبوبة او احدي صويحباتها وتقوم الداية بهذه العملية بعد الولادة مباشرة واحيانا تكون بدون ولادة وتأخذ عليها اجرا مجزيا وتعرف بأسم (العدلة ) بأعتبارها اصبحت عادة لتصحيح تشوهات الختان الاول الذي اجري للمرأة وهي طفلة لتدفع ثمنها عند كل ولادة ان محاربة الظاهرة موضوع النقاش تستدعي الذهاب في طريقين الديني والمجتمعي بأعتبار انهما مؤثران وان كنت اري بتكثيف الجرعات من ناحية التوعية المجتمعية بأعتبار ان افراد المجتمع تطغي عليهم هذه الناحية بصورة اكبر فتطبيق القانون وحده لا يكفي فقد سبق وان اجاز المجلس التشريعي لولاية البحر الاحمر منع ختان الاناث لكن النتيجة لم تفي بالغرض المطلوب وفي العام 1945 اوصت الادارة الانجليزية ابان حكم الاستعمار قانون منع الخفاض ترافقه عقوبة قاسية الا ان عادة الخفاض لا زالت تمارس وقتها رغم وجود القانون ورغما عن انها عادة سيئة لان التوعية لم تتم للشعب بشكل كافي عن قبح العادة ومضارها وموقف علماء الدين والمجتمع منها لان مثل هذه العادة المتأصلة في اتون مجتمعنا لا يقتلعها القانون وحده وما ينبغي له ان يقتلعها نهائيا هي التربية والتوعية المجتمعية والنجاح فيها يتطلب الجراءة في اقتحام ساحات المسكوت عنه في ساحات مجتمعنا وهذا من اولويات منظمات المجتمع المدني ومناهج التربية المدرسية لادراج القضية مثار النقاش ضمن اولوياته لان الملاحظ حتي المؤسسات النسائية علي وجه التحديد دورها لا يكون بالقدر الكافي مع انها تمثل ابشع انواع العنف ضد المرأة فمناقشة ختان الاناث يتم بصورة جزئية وتتسم مواقف الاتحادات والمنظمات بالحذر الشديد واللاموضوعي اراها لاسباب سياسية او مجتمعية لان الغوص في جذور اي ازمة لها علاقة بالجنس في اتون مجتمع تقليدي لابد ان ترتد علي مناقشيها اصوات محاربة تحرسها السيوف النقدية الصارمة والتكفيرية تتوعدهم بالويل والثبور والغضب والاستياء العام من المواطنين مما يسهم في خلق جدار اجتماعي عازل بين حملة السيوف ومن نكشوا جذور الازمة بل وقد تكون فرصة لبعض الانتهازيين في استغلالها سلاحا لمحاربتهم سياسيا ان المجتمع الذي يطوقنا بسياج من تقاليده الصارمة التي ساهمت في اختزال المرأة في وعاء البعد الجنسي دون بقية ابعاد حياتها الاخري ليمركز كل قيمتها حول هذا البعد فبالتالي لا بد ان تتفجر مخاوف المرأة التي تتحول الي هاجس يلازمها علي مراحل حياتها فالقلق يكون علي سلامة غشاء البكارة حتي مرحلة الزواج ثم الهواجس التي تنتاب المرأة حول قدرات الجسد في ان تجعله يحوز علي اعجاب الرجال حتي تتضمن الزواج فهذه كلها تفجر اعظم المخاوف واشدها ومن هنا تفتحت الذهنية المجتمعية التي يرتكز خلفها فكر ذكوري عن الختان بمفهوم الحماية بتجريد المرأة من الرغبة والمتعة الجنسية معا فقد لاحظت كثيرا من خلال مناقشاتي مع الشباب الذين لم يقبلواعلي الزواج يفضل غالبيتهم المرأة (اللامختونة )وتشتد وتيرة الجدال اكثر من خلال المنتديات الالكترونية التي يفرغ فيها المناقشون كل المسكوت عنه الي ساحات المناقشات الفكرية ورأيت تفهما وضرورة تنادي بمحاربة الظاهرة من الجنسين وان اتفق معظمهم علي صعوبة محاربتها في ظل وجود المجتمع الذي نعيشه فنحن مكبلون بأغلال العادات التي لا نستطيع الفكاك منها بقدر ما اراها ثقافة تنادي بأشهار اسلحة اللاوعي في مجتمع قائم علي بنية الوعي التناسلي..فالمعركة لن تحسم مالم يدرك المجتمع ان الحفاظ علي شرف المرأة هو مسؤليتها اولا بدون اي وصاية من المجتمع لان عملية الختان لن تجدي فتيلا في الحفاظ علي شرفها ولن تستأصل تلك الجريمة مالم يدرك المجتمع ان حق الاستمتاع بالمعاشرة الجنسية حق مكفول للطرفين ولا يوجد سبب في حصره علي طرف دون الاخر الا في اختزال النساء كمجرد اليات اعدت لامتاع الرجال ولذلك لا حرج في ان تقطع اعضاؤهن رغم ما يترتب عن ذلك من الم ومعاناة من من اجل ان يقمن بهذه الوظيفة ولكن لا حياة لمن تنادي ثم نذهب بعد ذلك في جانب الطريق الديني فلا بد ان تنهض مؤسسات المحتمع الديني و علماء الدين لتبصير الناس وتوعيتهم وفك الاشتباك حول ماهية ختان الاناث في الدين الاسلامي حقيقة لان المواطن اصبح في حيرة ما بين حلاله وحرامه من وعلي ما اذكر اقيمت بجامعة الاحفاد ورشة عن تفعيل الدور الديني والاعلامي عن ختان الاناث في العام 2008 و تقام مثل هذه الورش والمؤتمرات بصفة شبه دورية وكانت الورشة المعنية تقام في اطار الجهود التي تبذلها جمعية بابكر بدري الناشطة في مجال مكافحة الجريمة موضوع النقاش لان ختان الاناث ما زال يتحدي الزمن ويقاوم في اصرار مدجج بأسلحة الجهل كل الجهود المبذولة لمكافحتها فافرزت المناقشة حقائق مخيفة ومؤكدة منها احصائيات في ان معدل ختان الاناث في الحضريبلغ نسبة 93% وفي الريف تبلغ 89% ومعدل ختان الاناث تبلغ جملته 93 % كأخر احصائية لختان الاناث تمت في العام 1999 وقد شارك في الندوة العديد من منظمات المجتمع المدني والاعلامي والسياسي والديني ومن ابرز الوجوه التي شاركت الداعية الشيخ محمد هاشم الحكيم الذي نالت ورقته اعجاب الحاضرين وهني بعنوان ختان الاناث دراسة شرعية واجتماعية وقد اشار الحكيم في ورقته الي الفتوي الصادرة من مجمع الفقه الاسلامي قبل شهر من انعقاد الورشة وقد اباحت الفتوي التعامل بالقروض الربوية اذا كان ذلك ضروريا (حسب تقديرات نواب البرلمان) وليس مجمع الفقه الاسلامي او حتي هيئة علماء المسلمين واكد الشيخ الحكيم بأن فتوي اباحة الربا ليست بجديدة ويرجع تاريخ اثارتها قبل اربعة اعوام من تاريخ انعقاد هذه الورشة وكان منشئها ردا علي حملة عصام البشير وزير الشؤون الدينية والاوقاف وقتها عندما ابدي رأيه صراحة ضد قرض وصفه بأنه ربوي لتأسيس سد مروي فكان الرد عليه بالفتوي المزعومة وتأكيد انه اذا ادعت الضرورة الي ذلك يمكن التعامل بالربا من باب الضرورات تبيح المحظورات تلك الضرورة التي يدركها اهل السياسة في البرلمان اكثر من علماء الدين ويقدرها نواب المجلس الوطني؟ بالله كيف يعقل هذا في حكومة تدعي انها تحكم بأسم الاسلام ليضيف الشيخ الحكيم بأستنكار لماذا نعطي المجلس الوطني حق تقدير ضرورة الربا المحرم بالنص القراني ونصوص السنة الثابتة والصحيحة ولانعطي في نفس الوقت الاطباء حق التقدير في مسألة الختان من حيث الضرر فهم يتكلمون عن مسألة الختان وكأنها ركن من اركان الاسلام وقد اجمع الاطباء علي ضرر الختان فالنقاش الذي اثاره الشيخ الحكيم يقودنا الي رأي مجمع الفقه الاسلامي في فتواه حول الربا التي صدرت قبل ثلاثة او اربعة اعوام علي ما اذكر وكانت المفارقة ان اعقبتها فتوي اجازة ختان الاناث فنراه يكيل بمكيالين لأن مشروع قانون الطفل م 13 قيد النزاع التي تجرم وتمنع ختان الاناث كانت المفارقة في قرار مجلس الوزراء بتاريخ 25/9/2009 اكثر من صادم بسبب اجازة ما يعرف بختان الاناث ( الشرعي) مع اني اكاد اجزم انه لا يستند الي اي رؤية فقهية فقط يقف من خلفة فكر ذكوري مصادم وعادات مجتمعية بالية واذكر ان الدكتور محمد سليم العوا قد ذكر ان معظم الدول الاسلامية لا تعرفه مثل السعودية ودول الخليج ودول المغرب العربي وليبيا وسوريا وفلسطين واندونيسيا وماليزيا كلها لا تعرف هذه العادة علي الاطلاق وفعلا انها محنة سودانية ابتلينا بها فهل يترك المسلمون في كل تلك الدول شعيرة هامة من شعائر الاسلام او سنة نبوية مؤكدة ولأن الكثير من علماؤنا الاجلاء يقفون ضد الظاهرة منهم الشيخ الحكيم والشيخ البرعي والامام الصادق المهدي والشيخ الكودة والشيخ عبد الجليل النذير الكاروري في كتابه الذي صدر حول هذه الجزئية (السنة ختن البنين وعفو البنات) فمن اين يستمد الختان الاسلامي شرعيته خصوصا انه من لدن فرعون اليس من العدل ان تتم المشاورات علي مستوي واسع ومفاكرة بين جميع الاطراف قبل البت في هذا الامر المهين لأن الحملات التي يقودها بعض علماء الدين ومجمع الفقه الاسلامي تعبر عن نوايا متناقضة تتعامل بمقدار الكيل بمكيالين حسب المصالح فعلي علماء الدين الذين لهم رأي راي ايجابي ان يخافوا الله وان يشرعوا فورا بمحاربة الاشكال التي تدعي زورا وبهتانا بأسم الختان الشرعي لأصباغها بالغطاء الديني بأعتبار ان الدين يؤثر علي الناس ويجب ان يفض الاشتباك لاني لا حظت التناقضات من خلال المؤتمرات التي تتناول ظاهرة الختان خاصة من المؤسسات الدينية التي تتناول الموضوع منها ما يقام بجامعة ام درمان الاسلامية بصفة شبة دورية ثم هناك مؤتمر بمجمع الفقه الاسلامي في العام 2009 قد اجمعت كلها علي اضرار الختان المسمي( شرعي ) وهي من درجات الخفاض الفرعوني وبالتالي اقول ان كل اشكال الختان التي تمارس في السودان تعتبر غير شرعية هذا اذا كان هناك فعلا ختان شرعي من الاساس ومعلوم ان درء المفاسد تقوم علي جلب المصالح والانتباه الي درء مفسدة ختان الاناث بأسم السنة تعويقا للبنات وتشويها للسنة ومقاص الشريعة الشريعة خاصة لا ضرر ولا ضرار ودرء المفاسد تستنير بالعلم الحديث الحديث الذي اكد مضار الختان علي صحة المراة البدنية والنفسية بأعتباره عنف ضد المرأة ومعقد للولادة والعلاقة الزواجية بدرجات متفاوتة تضاف لها الاشكالات النفسية كل ذلك يدخل مباشرة من باب اللامنطقيات أخيرا ولأكثر من ستون عاما ونيف ظلت هناك منظمات واصوات منادية بمحاربة الختان الذي ظل يتنامي فكلما اشتعلت نار الحرب ضد الختان خرج علينا من يجرها لمواقعها السابقة من الذين يغطون امواسهم ومقصاتهم بتقاليد المجتمع الصارمة وقداسة الغطاء الديني الذين ينادوا بالختان الاسلامي الا ان النضال لن يتوقف لمكافحة الجريمة بتجفيف منابعها ودعم من يكافحوها في مسيرتهم التي من شأنها ان ترفد المجتمع بتبني مواقف قوية من شأنها ان تهديء من سرعة قطار الختان المندفع بقوة في سبيل القضاء علي شكل من اشكال التمييز علي الممارسات التقليدية والعرفية الضارة