اليكم الطاهر ساتي [email protected] ياشيخنا ... نقطة نظام ..!! ** لو لم يكن مزعجاً، لاقترحت للبرلمان أو لهيئة علماء السودان بسن فتاوى وقوانين تبيح للمصلي تصويب الخطيب ب(نقطة نظام)، ليس فقط حين يخطئ في الخطبة، بل حين يتفوه بما يهدد سلامة الناس والبلد أيضاً..نعم فالسواد الأعظم من خطباء خطب الجمعة يعكرون صفو السلام ويبثون ثقافة الحرب والكراهية والتوجس في المجتمع، ومع ذلك ليس هناك أي مفر غير الإستماع إلي تلك الخُطب بلا نقاش أو (نقطة نظام)..وبالمناسبة، فعلها خالي العزيز بمسجد القرية قبل كذا سنة، إذ ذهب ليصلي عيد الفطر ووجد الخطيب يُرعب الأهل بعذاب القبر والثعبان الأقرع، فرفع يده صائحاً : ( يا شيخنا لو سمحت نقطة نظام..ياخ الدنيا عيد والناس فرحانة، حرام عليك ياخ..الأخرة دي مافيها فردوس؟، مافيها حور؟، مافيها أنهار عسل؟..ياخ انت ليه شابكنا السنة كلها ثعبان أقرع وتمساح مُبرقع؟)، ثم جلس غير آبه بدهشة الخطيب وهمهمة المصلين..في تقديري،هذا ما يجب أن يكون نهجاً لحين تأهيل كل الخطباء بحيث يواكبوا متغيرات العصر ويقدموا للناس والبلد ما ينفعهما وليس ما يضرهما..!! ** وعلى سبيل مثال من أمثلة المحن السودانية، ما رسمه يوم الجمعة الفائتة خطيب الجامع الكبير بالخرطوم، الدكتور عبد الله سيد أحمد.. أنا ما عارف ده بتاع الصحة داك ولا واحد تاني .. المهم، رسم هذا الخطيب صورة قاتمة لجولات التفاوض المرتقبة بين السودان وجنوب السودان، وبث الرعب في نفوس المصلين محذراً إياهم والحكومة من مغبة نتائج الجولات، وكأن ما يحدث لإعادة الحرب وليس لتحقيق السلام ..ثم تكهن الشيخ سيد أحمد بأن جولات التفاوض هذه بمثابة إستنساخ لنيفاشا..كل هذا الترهيب والإستنتاج الخاطئ، قبل أن تبدأ المفاوضات بين الوفدين حول أية قضية خلافية..لو تأنى هذا الخطيب قليلا بحيث تثمر الجولة حلاً لأي قضية، ثم أبدى برأئه في هذا الحل، لكان الأمر خيراً..ولكن، أن يسبق الخطيب الأحداث وجولات التفاوض، ويتكهن بنتائجها ثم يرهب الناس بتلك النتائج التي لاتزال في علم الغيب، فهذا (لايصير)، على قول أهل الخليج..فالخطبة كلها كانت بمثابة رسالة ترهيب للوفد الحكومي المفاوض، وربما لذلك احتفت بها الصحف التي لاتريد سلاماً للبلدين..!! ** وغير ذاك الترهيب، هناك فقرة أخرى تستدعي تصويبها ب(نقطة نظام)، ونصها : ( تجري هذه المفاوضات في ظروف أشبه بالإستعمار، فالحكومة لم تذهب إليها، بل فرضت عليها من قبل المجتمع الدولي)، أوهكذا يُناصر الخطيب الحكومة، وليته ما فعل..لولا المجتمع الدولي لما سعت الحكومة الى طاولة الحوار بحثاً عن السلام السلام، بل ذهبت الي تلك الطاولة بأمر المجتمع الدولي، أوهكذا يذم الخطيب حكومته بمظان المدح أو المناصرة.. إن كان كذلك، وهو - فعلاً كذلك - فالمجتمع الدولي يستحق الشكر، وليس السب واللعن وتشبيهه بالإستعمار يا شيخنا..فالبحث عن السلام فريضة على الحكومة وواجب على المجتمع الدولي، وحين لاتؤدي الحكومة تلك الفريضة ، ينهض المجتمع الدولي ويؤدي واجبه، وهو إلزام الحكومة على آداء تلك الفريضة، (وقع ليك ولانعيدو ليك؟)..!! ** كان خيراً للخطيب - وللناس والبلد - بأن تحث الخطبة الحكومة على التعاون مع المجتمع الدولي لتحقيق السلام ، بدلا عن تخويف الحكومة بالمجتمع الدولي..ثم ختم الشيخ سيد أحمد خطبته باستنكار قرار إطلاق سراح الأجانب الذين تم القبض عليهم بهجليج بعد تحريرها، إذ يقول الشيخ : (من حسن السياسة والتفكير أن نجعلهم كرت ضغط في جولة التفاوض)..كرت ضغط على مين يا شيخنا؟..هؤلاء الأجانب الوارد ذكرهم في خطبتك ليسوا بجنوبيين بحيث عدم اطلاق سراحهم يكون بمثابة كرت ضغط على حكومة الجنوب..اعد الخطبة، ما لم يكن أي أجنبي جنوبياً، وللأسف هذا هو (أُس البلاء).. نعم، من ليس موالياً للحزب الحاكم فهو (أجنبي مستعمر يهدد مكتسبات الأمة)، حتى ولو كان سودانياً، ناهيك بأن يكون جنوبياً أو مجتمعاً دولياً..وبنظرية المؤامرة تلك، يعتلون المنابر ويبثون ثقافة الحرب والكراهية..هذه الخطب بحاجة الي (نقطة نظام)، هذا قبل أن تقاطع الناس الجمعة كما قاطعت اللحوم، طوعاً وإكراهاً.. فليقل أحدكم خيراً أو يصمت، فلا تفتنوا الناس في دينهم ( أكتر من كده ) ..!!