تراسيم - عبد الباقى الظافر حكومة أولاد القبائل..!! قبيل أسابيع كادت الحكومة أن تفقد رشدها.. المهندس عبد الله مسار قدم استقالته من منصبه كوزير للإعلام.. الحكومة من فرط حساسيتها أقالت وزيرة الدولة في ذات الوزارة دون أن تبلغها مسبقاً بقرار الاستغناء.. المهندس عبدالله مسار زعيم لحزب صغير جداً ولكنه مسنود بدعم وافر من عشيرته في قبيلة الرزيقات.. بعد استقالة مسار بحثت الحكومة عن شخصية تحمل ذات الجينات القبلية.. مارست السلطات قدراً من الالتفاف الرائع فعينت الأستاذ غازي الصادق وزيراً للإعلام ومن ثم منحت قبيلة مسار وزارة السياحة. من قبل كتب المفكر الزاهد التيجاني عبدالقادر بحثاً رائعاً عن ثلاثية الأمن والمال والقبيلة في عهد الإنقاذ.. لم أكن وقتها موقناً أن القبائل بدأت تمتلك زمام قوة في المسرح الإنقاذي.. بل حسبت أن القبيلة واحدة من ضحايا الإنقاذ تستنفر عند الحروب وتحشد لأداء البيعة في مواسم الانتخابات.. إمعان النظر جعلني آخذ باجتهاد الدكتور التيجاني عبدالقادر الذي ضاق به صدر الإنقاذ فاضطر أن يهاجر إلى مرافيء تسع رؤاه الفكرية. أمس نقلت الزميلة الأهرام أن قبيلة المسيرية هددت بفتح الحدود مع دولة جنوب السودان.. الناطق الرسمي باسم قبيلة المسيرية فضل محمد عبدالله أكد أن قبيلته رفعت شكوى لمجلس الأمن الدولي ضد دولة جنوب السودان بسبب استخدامها أسلحة محرمة ضد أبناء القبيلة.. من ناحية أخرى هدد رئيس اتحاد أبناء المسيرية أنهم لن يحاربوا بالإنابة عن الحكومة إن لم توفر لهم أسلحة حديثة. بداية أشعر بعظيم تعاطف مع أهلي المسيرية.. الحكومة منعتهم من التجارة مع جارهم الجنب.. ثم طلبت منهم حراسة الحدود حسب حديث رئيس اتحاد المسيرية.. حتى في مهمتهم العسكرية لم توفر لهم الحكومة المعينات اللازمة لأداء الواجب. في تقديري أن المسيرية وغيرهم هم مواطنون سودانيون يجب على الحكومة أن تطعمهم من جوع وتأمنهم من خوف.. ولكن أن تجد قبيلة نفسها تتحرك في مساحة دولة غائبة فتخاطب مجلس الأمن.. ثم تطلب من البعيد والقريب مدها بالسلاح فتلك مصيبة كبرى. نحن الآن أمام خطر داهم.. سلطة الحكومة تضعف مقابل سلطة أولاد القبائل.. كل قبيلة بمباركة الدولة أسست مجلس شورى.. وكل عشيرة انسلخت من أختها مكونة نظارة أو إمارة.. الحكومة لا تلتزم الصمت بل تدعم مثل هذا الحراك السالب. استجاب لهذا الواقع تحول عبدالرسول النور حاكم عموم كردفان وعضو حزب الأمة إلى مجرد قيادي في قبيلة المسيرية.. تجرد البروفيسور محمد أحمد الشيخ عن تاريخ مكلل بالنجاحات وأصبح يحمل في سيرته الذاتية لقب رئيس مجلس شورى قبيلة. استحسنت اختيار الشابة عزة عوض الكريم في منصب وزير دولة بوزارة الاتصالات.. لم تدم فرحتي طويلاً حينما اكتشفت أن حفيدة رجل الإدارة الأهلية الشهير«أبوسن» جاءت ممثلة لعشيرتها من قبيلة الشكرية. في تقديري أن القبيلة مكون اجتماعي جدير بالاحترام.. لكن يجب ألا تصبح الخلفية القبلية بطاقة تؤهل صاحبها لمنصب دستوري.. ولا يجب أن تتحول القبيلة إلى دولة لها ناطق رسمي وتواصل مباشر مع الأسرة الدولية. آخر لحظة