أعلنت الحكومة علي رؤوس الأشهاد برنامجها التقشفي ذو الحدين ( علي طريقة نظرية ذات الحدين ) ، وهو ما يعني تقشف المواطنين ، ثم تقشف المسؤولين . فيما يتعلق بتقشف المواطنين ، علي الجميع الرضاء بحكم السدنة وهو زيادة أسعار المواد البترولية والضرائب والجمارك وأسعار الاتصالات ، وأي رسوم ولائية أو جبايات بهدف جلب الدولارات التي تسمي الضحّاكات . وعليهم – أي المواطنين – الصبر علي المكاره وانتظار أن يفقس البيض الحكومي ، جداداً كان أم سمكاً أو صارقيلاً ، للحصول علي البروتين بأسعار اقتصادية . أما إذا أراد أي مواطن التظاهر أو المعارضة فليلحس كوعه قبل أن يهتف ( الشعب يريد اسقاط النظام ) ، لأن التقشف سياسة أمريكية وطالما كان السدنة ( بتوع الأمريكان ) فإن أوامر صندوق النقد الدولي تعتبر من ثوابت المشروع الحضاري . ولأنكم رعيّة والسدنة رعاة ، والمثل السوداني يقول ( الراعي واعي ) فإن الحكومة تعرف مصالحكم أكثر منكم ، ومن ضاقت به الحال فليذهب إلي مناطق الذهب حيث الدبايب والعقارب أو يرضي بالمصايب . أما بشأن تقشف المسؤولين ، فالحكومة ( الرشيدة ) سحبت من كل وزير ولائي (عربية) وتركت له ( عربيتين ) ، وعوّضته بإيجار بيتين وإنشاء شركتين وتصديق مشروعين . حكام الولايات والوزراء في المركز ثم المستشارين والمساعدين ومن تبعهم إلي يوم الدين ، سيهنأون بالبدلات والإكراميات الناتجة عن زيادة البنزين والجازولين والسجاير والقات . وإذا ارتفع سعر الدولار في السوق الأسود ، ونقص احتياطي بنك السودان فإن الحل العبقري ليس في تخفيض الواردات أو تقليل سفر الوفود إلي الدوحة والإمارات ، إنما في ( دق الجرس ) وقت الزنقات . ودقت الأجراس – واسم الدلع التخلص من المرافق العامة- في النقل النهري وسودانير والفلل الرئاسية والوابورات والمصافي والمشروعات دون أن يجد أي مليم طريقه للخزينة العامة . وإذا أضربت النقابات عن العمل وطالبت بزيادة الأجور والمرتبات ، فالمطبعة جاهزة بالمليارات . وكان الجنيه السوداني يساوي 3 دولار في 1978 ، وعلي أيام المخلوع نميري صار الدولار 3 جنيه ، وقبل انفصال الجنوب صار الدولار يساوي 3000 جنيه ، وبعد قفل أنبوب النفط صار الدولار 6000 جنيه وكلو بالقديم والنسي قديمو تاه . وكان مرتب ( الغفير ) يوماً ما يعادل ثمن 3 خرفان ، أما ثمن الخروف الإنقاذي فيعادل مرتب 300 غفير ، وكل من هبّ ودبّ صار سفيراً في القرير أو تنقاسي والحجير وشوقك شوي الضمير . الميدان