إليكم الطاهر ساتي [email protected] أزمة أخلاق ... سوق البريد نموذجاً..!! ** المادة (25/ 1)، من اللائحة العامة للخدمات البريدية التي صاغتها الهيئة العامة للإتصالات، هكذا : ( لايجوز للمرخص له الإتفاق أو الإشتراك بطريق مباشر أوغير مباشر في أي ممارسة أفعال أو إستغلال أوضاعه للدخول في ممارسات من شأنها أن تؤدي لإحتكار أي نوع من الخدمات البريدية المرخص بها للمشغلين الخواص)، هكذا نص مادة تلك اللائحة..مختصرها (منع كل أنواع الإحتكار في سوق البريد)، ولكل شركات البريد حق التنافس الشريف، بحيث يكون العطاء للأفضل..علما بأن عدد شركات البريد في البلاد (سبع شركات)، وهي : شركة سودابوست التي كانت - قبل أن تباع لجهاز الضمان الإجتماعي - الهيئة العامة للبريد، ثم (دي إتش إل)، (تي إن تي)، (إرامكس)، (كاسي)، (أمبيدكو)، (مرديدكس).. تلك هي الشركات المناط بها مهام العمل في مجال البريد السريع بالتنافس الشريف، وبلا أي إحتكار، حسب تلك اللائحة وكذلك (أخلاق السوق)..ولكن، للأسف سوق العمل في هذا المجال بلا أخلاق، وكالعادة : مراكز القوى الفاسدة بالحكومة هي التي تجرد كل الأسواق - بما فيها سوق البريد السريع - من أخلاقها ..!! ** فلنقرأ الوثيقة التالية : ( السيد/ مدير شركة ...، السلام عليكم ورحمة الله، الموضوع : نقل البريد الصادر لفروع الشركة ..بالإشارة للموضوع أعلاه، وحسب العقد المبرم بيننا وشركتكم، قررنا التعامل مع شركة سودابوست بإعتبارها جهة حكومية ولها معاملات إستراتيجية معنا، وعليه : سيتم تقليص معاملاتنا معكم لحين إشعار آخر، وعليه : ستكلف شركة سودابوست بنقل كل البريد الصادر والوارد .. وشكراً)، هكذا، بهذا الخطاب الرسمي ألغت إحدى الجهات الحكومية تعاقدها مع إحدى شركات البريد الخاصة، بتبرير فحواه : (نحن ح نتعامل مع سودابوست، لأنها جهة حكومية)، وهو تبرير أقبح من الذنب.. شركة سودابوست كانت حكومية عندما كانت هيئة عامة ذات أسهم يمتلكها الشعب السوداني، ولكن الحكومة تخلصت من تلك الهيئة التي كانت عامة و(دقت فيها الجرس)، بمزاعم (تحرير سوق البريد)، فاشتراها جهاز الضمان الاجتماعي، وأصبحت إستثماراً من إستثمارات هذا الجهاز، ولم يعد المواطن السوداني يمتلك فيها (ولا ربع سهم)، بل حتى أهل المعاش لايتلقون من أرباح الاستثمار جنيهاً..ومع ذلك، لاتزال سودابوست تفرض ذاتها على مؤسسات الدولة ومرافقها العامة وتحتكر عقوداتها بعد أن تخدع تلك المؤسسات بأنها (جهة حكومية)، كما يسميها ذاك الخطاب غير المسؤول ..وقد تسأل عن مصدر ذاك الخطاب الذي ييبرر إحتكار سوق البريد لسودابوست..حسناً، ليته كان خطاباً رسمياً واحداً، بل هي خطابات رسمية، وكلها تعكس (قبح الإحتكار) و (ظلم الراعي للرعية)..!! ** الإمدادات الطبية، على سبيل المثال، ظلت تتعامل مع شركة بريد خاصة، فألغت عقدها، وتعاقدت مع الشركة النافذة (سودابوست).. وكذلك الإدارة العامة لتأمين النفط والتعدين، ثم : الإدارة العامة للجوازات، شيكان، الحياة البرية، الدفاع المدنى، صندوق المعاشات، المواصفات والمقاييس، بنك أم درمان، بنك النيلين، بنك البركة، المرور السريع، و..و..القائمة طويلة جدا، ولن تسعها هذه الزاوية، وكلها مرافق حكومية إحتكرت عقودها شركة سودابوست بحجة انها (جهة حكومية)، وترتب على هذا الإحتكار : ( طرد شركات الناس من سوق العمل)..أكثر من ست شركات خاصة مهددة بالإنهيار والإنقراض، لأن بعض النافذين - الما عندهم أخلاق - يستغلون نفوذهم بحيث تحتكر سودابوست سوق البريد، أي كما تفعل شيكان في سوق التأمين الحكومي و تأمين ضيوف الرحمن في مواسم الحج..!! ** على كل حال، وعلى سبيل المثال، إحدى شركات البريد الخاصة - وهي ليست أكبرها - يعمل بها أكثر من ثلاثمائة مواطن سوداني من كل ولايات السودان، وفى مختلف فروعها، وقد يتشردوا قريباً بسبب هذا (الإحتكار اللعين)..إن كانت تلك عمالة شركة واحدة، فلكم أن تتخيلوا حجم العمالة والأسرالمهددة بالتشرد والحرمان في الست شركات، وكل هذا الدمار الإجتماعي فقط ليهنأ البعض النافذ ب ( سُحت الإحتكار)، إن شاء يدخل فيهم بالساحق والماحق..ألم تتخلص الحكومة من تلك الهيئة العامة بحجة (تحرير سوق البريد)..؟.. فلماذا يعيد البعض النافذ إحتكار ذات السوق بواسطة (شركة سودابوست) ..؟..وهل هكذا سياسة التحرير في بلاد الدنيا والعالمين؟، أم هذه بدعة سودانية مراد بها (التخصيص)، بعد خداع الناس بأنها (خصخصة) ..؟..ومن المسؤول عن إنهيار تلك الشركات الخاصة - وغيرها - وعن تشرد عمالتها من جراء هذا (الإحتكار اللعين )؟.. يا عالم، مايحدث لايمت الى شريعة السماء بصلة ولا يتسق مع مكارم أخلاق أهل الأرض، فمن أين يستمد هذا النهج كل هذه (القسوة) ..؟؟