أعداد هائلة من المواطنين السودانيين المكلومين و ( المشلهتين) يتناقلون في مجالس أنسهم العفوية بتلقائية أن البحر واحد واسماك القرش أنواع وهم آفة البلد الظالم متنفذوها يحملون على أكتافهم رؤوس (ماكنه ووهيطة) تستاهل الفلقة الموجعة ومباغتة منهم الملتحي وفيهم الأمرد والمشعوذ والدجال والآفاك والمغرض والقصير المكير والطويل الأقرع يتمسحون بمراهم الغش الدهين المخادع، ومن صفاتهم الكذب الضار والتلاعب بالألفاظ الزئبقية غير المشذبة. كان يا ما كان في الزمن المليح قبل اختطاف ومصادرة الديمقراطية الثالثة يونيو 1989م كل سوداني عائش بما تيسر له راشين بالقسمة والمقسوم أما حالياً في هذا الزمن الرخو متوتر مقلوب على أمره يعيش في انعدام الوزن يكابد الكدح المكدود( بشحتفه وبشتنه) يصارع الجوع الكافر الذي يحتلب الحصى الصفوان والخشن ويناضل لأجل العلاج والتعليم والصحة ويكافح الجبايات والفقر المدقع بشظف شنيع لا يستثنى منهم سوى ( البواقين) وتعني (الفقاعين) الذين يجهل الطيب صالح عليه الرحمة فج قدومهم لأنهم لا يشبهون السودانيين الأطهار أشرف من وطنت أقدامهم ثرى أرض المليون ميل سابقاً قبل الخروج المغرر به ثلث الأنفس وثلث المساحة إذا تجاوزنا تحكيم لاهاي وحدود 1905 في التحكيم وأضفنا شرعنة 1956م و(75%) من النفط لنقمة. حكي لي احد أقربائي أنه عايش في إحدى القرى النائية تجاه محلية الحواتة في ولاية القضارف أن المواطنين مسحوقين لا يتمتعون بأبسط الحقوق بداية بالمياه حيث بلغ سعر البرميل(5) جنيهاً في الخريف والشتاء و(10) جنيهاً في الصيف غير صالحة للبنيان ناهيك عن الشرب وتتكاثر فيها البعوض ولا سيما أنثي ( الأنفوليس) ناقلة الملاريا ولم تسمع أذنهم بالناموسيات المشبعة أو الجوعانة وتنتشر البلهارسيا المعوية والبولية والكلازار والطحال والدرن والدوالي وتمتطي أجسادهم الفطريات والبهق والكلف والجدري والنمش والأحزمة النارية ومعظمهم فاقد تربوي، وفي مجلس فاتحة عزاء أطلق أحدهم قول على عواهنه غير جاد أنه يعرف خواجات مبشرين( بروتستانت وكاثوليك وارثوذكس) كلفوه بدراسة خطة عن السكان وطبيعة عملهم ومستواهم التعليمي والحرف والمهن والدخل السنوي ثم تسجيل اسم كل من يريد التنصير حتى يحفزوه بدفع (15) إلف جنيه بالجديد مجرد مزحة عابرة حينها عم الصمت السكوتي والسارحة بغنم ( إبليس) كل الحضور متصنت ثم تفرق الجمع كل على سبيله يحمل أو ابنه صينية أو عمود الطعام الفارغ ، وفي الليل البهيم المدلهم والظلام كان كل شئ يمر هادئ لا صوت يعلو عدا عواء الكلاب أو نهيق الحمير ونقيق الضفادع وصياح الديوك وصرير الأبواب وهفوف الرياح وحفيف الأشجار فإذا بصاحب الطرفة يسمع طرقات خجولة على باب منزله ولم تكن له مفاجئة لأنه معتاد على ذلك بتخزينه أدوات حفر المقابر في منزله من حفارات وكواريك وأزمة وأبو راسين وطوريات وحفاظات مياه وفتح الباب غير عابئ ليواجه رجل وقور بكامل هندامه يعرف كل منهما الآخر بل تربطه به صلة رحم وباستحياء ناعم يطلب تسجيل أسمه ويتوالى الطرق على بابه عاصفاً يأتون فراداً ملثمين شبه منقبين ومن الساعة الحادية عشر الى الساعة الثانية صباحاً صار عدد المسجلين ( 35) شخصاً يتصنعون العوز المادي مضطرين غير باغين غرقي اللامبالاة يمنون النفس اللوامة بقبض(15) مليون بالقديم عداً نقداً غض النظر عن النتائج المحزنة ( هذا زمانك يا مهازل فامرحي) قال أحد المسجلين وهو عائد الى بيته في سره الدفين ( الله يجازي اللي كان السبب ويغذيهم عذاباً تسمعه البهائم). أما أحد السودانيين المنكوبين عايش كفاف ويسكن الى زوجته التي تسر الناظرين حيث أي شئ فيها جميل كلها على بعضها يمكث لأي كائن ما كان يعبر الشط ليكحل عينيه بها ( كان وقفت عديله وكان مشت عرجه) مبرأة من كل عيب وإذا كان الناس يطلعون القمر مفترض القمر يهبط إليها. من الأشياء التي لا تنسى عندما يدخل زوجها الى الحمام ليأخذ (دش) وهو آخر محط له قبل مغادرته المنزل في كل صباح جديد، حرمه المصون هذه تمارس طقوسها اليومية برنامج فتاح يا عليم تجلس القرفصاء ( كالجوكندا) لليوناردوا دافنشي في بمبر بارتفاع شبرين من الأرض موليه وجهها شطر الحمام والزوج حبيس بداخله لزوم(جيب وعاوزين وما تنسي وقلتليك واسمع) وفي يوم من ذات الأيام التي لا تتكرر نظر الزوج بثقب مفتاح باب الحمام ولم يجد الزوجة المياسة والمقعد فارغ وبسرعة البرق دخل ممتطياً أسماله وترك ( الصاقوري) في مسمار الحمام مطوطح) يتدلي ثم طفق لا يلوي على شئ مهرولاً غير مصدق ما حدث وبعد برهة سمع صوت رقيق موسيقي على سماعه فإذا بحسنائه ربة الحجال تصيح يا أبو فلان وهي تلوح (بالصاقوري) الى أعلى وحينما التفت اليها بتثاقل كان رقبته (معسمة) بعد أن رأى الشئ الملوح به يرفرف ودونما تركيز رد إليها بصوت مبحوح : بابت الحلال أمس ما دققنا العيش أعتبر الملوح به جوال الطحين ومن أحب غيره رضي بقضائه. ومن النساء آلائي دافنات أضلع في الرجال ما قتل ، الزوج الأخر في الريف المهشم يسكن في قطيه من قصب الدخن من تحت ومن فوق قش النال زوجته أنجبت توأم حلوين وأصبح عدد أبنائه تسعة بمعدل الحول بزول أو زولين غير عابئين ( بفطامة في عامين) ويعملون بقاعدة ( كترة غلبت الشجاعة)وفي اليوم الذي يسبق يوم ( السماية) وصلت نسيبته للكرامة وهو لا يملك ( التكتح لا في التراب لا في الجراب أباطو والنجم والمسا) أما جاره الوحيد الذي يقاسمه الألم المشتركة أملاكه في العالم ( غنماية) تشكل لأسرته الصغيرة برنامج(لابتوب وديجتل ومسرح وتلفزيون) الغنماية رضعت الغنماية أحلبوها سرحوها حذوها أربطوها صرورها اسقطوها قدموا للراعي بردوها غلقوا ليها) مالك الحزين أبو التوأم هذا (كجر شابك) لا يرى في فقه سترة الا ذبح غنماية جاره وجاءه يمشي( كالوجي الوحل) بدأ بالحديث الشريف( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننته أنه سيورثه) وأردف أن الجار قبل الدار واستطرد جارك القريب ولا ود أمك البعيد ثم تحدث قبلها في تواده عن الظروف وقدوم نسيبته والسماية (يحنكه) حتى يعطيه الغنماية قائلاً في آخر كلامه ( لقدام الفرج قريب) فجأة بعد صمت جامد انتفض مالك الغنماية بعد أن عز عليه الطلب مرتعشاً كعصفور بلله القطر راداً عليه بقساوة جافة ( أسمع يااخينا قرب الفرج عرفتو بغنماية وعرفتو بدون غنماية وباكر إن شاء الله أنا لا انت واتمني يجيك جار شبعان عندو مراح فريزين وفصيل ألبل يغتن عين الشمس وأقول ليك يا التبرو الما عبرو كلباً ما بتسعا يوم القنيص ما بتلقا). ان نطقت مت وان سكت مت فقلها ومت الميدان