[email protected] سبق وأشرت في مقال بعنوان الشعب السوداني البطل أنه ليس هناك حاجة لأن ينضم كل الشباب لحركات تحررية مسلحة أو سياسية أو أحزاب تقليدية لكن الأهم أن نكن ثواراً رافضين للظلم والقهر والاستبداد والدكتاتورية لأن الانتفاضات لا تنشأ من حركات تحررية ثورية أو سياسية أو أحزاب بل من الشعب وخاصة الشباب , أنتم شباب واعون وتدركون مصلحة الوطن والمواطن علينا أن نتوحد ونقف صفاً واحداً لا قبلية ولا جهوية لا مؤامرات ولا مساومات إنها ثورة سودانية من أجل اسقاط النظام . إن ولائنا يجب أن يكون للوطن وليس لأفراد لأنه لا قدسية لأحزاب أو تنظيمات أو أحد إلا الله فالإنسان السوداني كالجسد الواحد في القضية الوطنية فهناك الآن نظام يتلاعب بموارد الشعب ويقسمه إلى طوائف ومكونات اثنية وطبقات , فلا يمكن تغيير مكون من مكونات الشعب السوداني لأن هذه المكونات هي موجودة ومتعايشة مع بعضها البعض منذ قديم الأزل ولا يمكن لأي كائن من كان أن يغيرها , وأنه من غير المنطقي تصديق مقولة أنه هنالك مجموعة تريد أن تغير هذا النظام وتأتي بنظام قمعي يحمل أحقاد الماضي ويريد أن يمارس في الشعب التفرقة وينشئ نظام غير ديمقراطي , وهو من أهم مبادئه المواطنة المتساوية بين الشعب والعدل والمساواة فيما بينهم وبسط الرخاء والرفاهية , إن نظرية الاقصاء والتشرذم والاستئثار والانفراد على الحكم لا يفيد ولا يخدم ما قام الشعب من أجله إن النار التي ينكوي بها شعب الهامش لا نريد استمرارها بشكل صريح بل نسعى لإخمادها فإن أي محاولة لاستمرارية الظلم والتهميش مرة ثانية سوف ندفع ضريبتها جميعاً . علينا أن نضع في نصب أعيننا أن الوطن للجميع , ولا نريد تبديل نظام بنظام شبيه له يحمل نفس الأفكار والمفاهيم التي أدت إلى تقسيم البلاد وإشعال الحروب في أطرافه وتمييز الشعب السودان على أساس جهوي وعنصري , قلت ذلك لأنني اشتم رائحة المؤامرة والإقصاء والتمييز وإذا استمرت مثل تلك المخططات نكون كأننا فسرنا الماء بالماء , لا نريد تكرار تجربة اليمن أو ليبيا لحل القضية السودانية , الحركات التحررية الثورية لم ترفع السلاح لكي تنتقص من حق أي مواطن لكنهم رفعوا السلاح ضد سياسات النظام الإقصائية والعنصرية , فلا يمكن بعد كل هذا الجهد والعناء الذي بذله الشباب بإشعال بوادر الثورة وقبل أن تكتمل كل حلقات النصر على النظام وإسقاطه تأتي مجموعة تريد أن تكون وصية على الشعب السوداني دون تفويض ولا خجل , إن مثل هذه المؤامرات والانتهازية السياسية من الأحزاب الطفيلية لن تحل المشكلة السودانية بل سوف تفاقم الأمر أكثر مما هي عليه يجب علينا ان نحدد مشكلة السودان في إطارها القومي وأن لا نأتي بالذي ساهم في تسليح الشعب وتقسيمهم وتسبب في تدمير السودان على إدارة الدولة السودانية مرة أخرى , إن الثوار الذين اكتووا بنار النظام الظالم وكفروا الأحزاب والقوى التقليدية هم فقط من يحددون من هو الأصلح ومن هو البديل , أيها الثوار لا تتركوا الأشياء للمصادفات ولا يضللكم من يجتمع بالليل مع من أوصل السودان لهذا الوضع وفي النهار يظهر بأنه الثائر والوصي على الشعب بخطابات رنانة وبيانات فضفاضة , عندما يقوم الشعب بثورة أو انتفاضة لا يمكن لأي جهة أن تضع شولة إلا بعد أن يجتمع مختلف مكونات الثورة كاملة وفي اعتقادي هذه هي الديمقراطية والمشاركة الفعلية , إن الانتهازية السياسية هي أخطر من السرطان الخبيث لابد من استئصاله ويوجد بعض من القوة السياسية تجيد أسلوب الانتهازية إن شباب الثورة هم أصحاب القرار عليكم بالحيطة والحذر من أصحاب الأجندات الخاصة والمفاهيم الرجعية والنفعيين الذين يريدون التسلق فوق ظهوركم , لا نعرف منذ متى هم كانوا ثواراً وهل هم مع الثوار أم مع النظام لأنه قبل دفن شهيد الثورة الأول دعت مجموعة انتهازية متسلقة متملقة ادعت بأنها هي التي حركت الشارع وأن هذه الثورة قامت بإيعاز منها والآن هي تعتبر نفسها القيادة البديلة يا أيها الشباب إن التجربة المصرية ليست ببعيدة اجتهدوا الشباب ونجحوا في ثورتهم لكنها سرقت منهم , لا نريد تكرر مثل ذلك السيناريو في الثورة السودانية ولطالما جميعنا نناضل من أجل الشعب السوداني يجب علينا أن نقدم المصلحة العامة فوق المصلحة الخاصة و يبقى لزاماً علينا الاتفاق . أدعو كل القوى السياسية في البلاد التخلي عن الإطار الحزبي الضيق والطائفي والقبلي والجهوي لكي ننعم بالحرية والأمن والأمان والاستقرار لابد لنا أن نبتعد عن مثل هذه المفاهيم الضيقة و الرجعية . نحن مع التغيير الحقيقي وليس الشكلي وإعادة صياغة الحياة السياسية وفق أسس ومعايير الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة وعدالة الفرص وتساويها ومراعاة حقوق المواطنة دون أي تمييز للعرق أو الدين أو اللون . أنتجت الحضارة البشرية فكرة الدولة عبر ثورات وحراك اجتماعي اقتصادي مستمر لتكون كيان ثلاثي المقومات (الأرض والشعب والسلطة) المتعارف عليها . فالدولة تتكون من تجمعات بينها عقد اجتماعي داخل اطار جغرافي محدد تتبادل داخل هذا التجمعات وسائل الحياة وتنتظم في شكل من أشكال السلطة لخلق قدرات لازمة لتسيير أمور المجتمع . وفق هذا التعريف فالدولة ليست سلطة فقط بل هي أيضاً شعب وأرض يجب أن نعمل على تنميتهما وحمايتهما والدفاع عنهما . والملاحظ في التجربة السودانية أن الدولة مختزلة في مكون السلطة فقط مع إهمال متعمد للمكونات الأخرى . تأكيد لهذا القول فإن الصراع حول السلطة في السودان شّكل معظم فصول التاريخ السياسي الحديث على حساب قضايا مهمة مثل تنمية المجتمع والعمل على إكمال مشروع الوحدة الوطنية والذي ساهم في تجزئة المجتمع جغرافياً وعرقياً بدلاً من النهوض بقدراته. وفي ذات الاتجاه كان هنالك إهمال متعمد لمكون الارض وهنالك زهد تام في مسألة الدفاع عن أرض الوطن وصون استقلاله وترابه . الطيب خميس [email protected]