بالمنطق التيس ..!!! صلاح الدين عووضة *و(نونسكم)اليوم عن ذكرى رمضانية بطلها (تيس!!) .. *وأقسم بالله إنه تيس حقيقي حتى لا تذهبن ب( ظان !!) الظنون .. *والذكرى هذه كان مسرحها حي موظفي المصنع - بكريمة - ونحن نخطو أولى خطوات مرحلة دراستنا الإبتدائية .. *فقد كانت هوايتنا المححببة إلى نفوسنا - في أمسيات رمضان - اللهو على الرمال التي تتراكم بجوار الحوائط بفعل الرياح.. *كنا نلعب (شليل) و(شدت) و(دافوري) و..........(حسونية!!) .. *وكي لا يُجهد أحدكم ذهنه في تذكر لعبة اسمها ال(حسونية)، أقول إنها لعبة خاصة بشلتنا - آنذاك - يعود فضل استمتاعنا بها إلى زميلنا حسن .. *ومن اسم زميلنا هذا تم تحوير اسم اللعبة المذكورة .. *فقد كان ابن حينا حسن - وهو يكبرنا بقليل - متيماً بابنة (الداية) التي تقيم قريباً منا ، بجوار البوستة ، وقد كانت ذات ( عافية!!) رغم صغر سنها .. *وما أن تأتي البنت هذه برفقة والدتها بغرض الأُنس الرمضاني مع نسوة حينا حتى تعتري (حسوني) حالة لا أظن أن هناك مثيلاً لها إلا ما كان يعتري قيس حين مرور ليلى بجواره حتى لُقب ب(المجنون) .. *وقد كانت هي تشعر بذلك - الفتاة - فتتبسم في (غنج) لا يتناسب وعمرها مستعينةً في ذلك ب(غمازتين) ورثتهما عن أمها .. *وفور أن تختفيا - البنت وأمها - داخل أحد بيوت الحي حتى نبدأ نحن في التسلى بلعبة (الحسونية) تحلقاً حول حسن المسكين .. *أو ربما كنا نحن المساكين وهو السعيد .. *وفي ليلة من ليالي رمضان تلك تبدل مشهدنا الأُنسي ذاك تبدلاً دراماتيكياً .. *فقد ظهر في حياتنا (التيس !!) ... *ونسميه هنا تيساً من باب المجاز اللغوي بما إن التيوس التي نعرفها هي - قياساً إليه - أشبه بحسناء زميلنا حسن مقارنةً ب(عيسى الغُراب) بائع الفحم .. *كان تيساً عجيباً ، غريباً ، ضخماً ، ذا عينين (مشعتين !!) .. *عينان أكاد أجد توصيفاً لهما في مقطع قصيدة قال برتراند رسل أنه أوشك أن يهوي من أعلى سلم في جامعة كمبردج حين سمع زميلاً يترنم بها .. *مقطع يقول فيه الشاعر - وأظنه وليم بليك - (أيُهذا النمر يا زاهي البريق) .. *ثم ما كان يحدث من تلقاء التيس هذا تجاهنا هو أشد غرابةً من مظهره .. *كان يهجم علينا حتى يُدخل كلاً منا إلى داره .. *فإذا ما فرغ من مهمته هذه - التيس - لا نجد له أثراً، حين ننظر من وراء الأبواب المواربة ، إلا أن نخرج إلى الشارع مرة أخرى .. *فمن أين كان يجئ - إذاً - وإلى أين يذهب ؟ لست أدري ... * كما لست أدري كذلك المغزى من اصراره على إدخال كل منا إلى بيته في اللحظات تلك من ليالي رمضان .. * ولكن الذي أعلمه تماماً أن التيس ذاك كان - في نظرنا - (شيئاً !!) غير مرغوب فيه .. *فقد كان (يفرض نفسه !!) علينا فرضاً ... * ثم (يُصادرحريتنا !!) في اللعب . الجريدة