[email protected] ظل المراقب للوضع السياسي في السودان في حالة حيرة دائمة من التقلبات السياسية ولعبة القط والفأر وتبادل الأدوار الذي ينتهجه السياسيين وفي ذلك عجز جميع المراقبين عن تعريف الممارسة السياسية في السودان.. ماهي؟ ، من خلال متابعتنا للحراك المعلوم والمعروف بأديس من تفاوض بين دولتي السودان وجنوب السودان في اطار القضايا المختلف عليها منذ اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) والملفات الأخرى مابعد استقلال دولة جنوب السودان , وهذا هو المعلوم للجميع لكن الذي لا يعلمونه هو ما يجري الآن من حوار في اطار الملف الإنساني بين حكومة السودان والحركة الشعبية قطاع الشمال , وهذا ماعلمناه من خلال جولة الأمين العام للحركة ياسر عرمان لأروبا وأمريكا فقد صرح بعد عودته من تلك الجولة بأنه تناقش مع المسئولين هناك في شأن الوضع الإنساني في منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق كمسألة عاجلة يتطلب حلها ويجب حسمها بعد أن رفضت الحكومة السودانية دخول المنظمات الإنسانية في هاتين المنطقتين , علماً بأن الحرب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ، أدى إلى نزوح أكثر من 300 ألف نازحاً , بالإضافة إلى 78 ألف لاجئ عبروا الحدود إلى دولة جنوب السودان الجديدة ، فيما لجأ 35 ألف من سكان النيل الأزرق إلى دولة اثيوبيا المجاورة في الفترة من يونيو " حزيران" 2011م وحتى الآن , ويوجد عدد من الأبرياء العزل بالمنطقتين يعانون ويحتاجون لإسعافات عاجلة ومستعجلة لإنقاذهم , واستطاع الأمين العام للحركة الشعبية اقناع بعض المنظمات واستجابت سريعاً دون انتظار موافقة الحكومة , وتم إرسال أطباء لمعالجة الجرحى وانقاذ الأطفال والنساء , وواصل الأمين العام حراكه وقدم تلك الورقة الإنسانية بشأن المنطقتين للوساطة الأفريقية التي تتوسط بين دولتي السودان وجنوب السودان برئاسة ثامبوامبيكي لتقديمها للحكومة السودانية والنقاش معها حول هذه المسألة الإنسانية حتي يتم معالجتها بشكل عاجل , و رفضت الحكومة السودانية تلك الورقة مباشرةً دون الاطلاء عليها ومعرفة الغرض من ماتحمله تلك الورقة , لكن رئيس الوساطة الأفريقية ثامبوامبيكي لعب دور كبير حتى وافقت الحكومة بعد جهد جهيد ومن ثم طالبت الوساطة الطرفين بالجلوس للتفاهم حول المسالة الإنسانية حتى تمهيدا لدخول المنظمات , أي بحث كيفية الاتفاق على وقف اطلاق النار والالتزام به حتى تتمكن المنظمات بالتحرك بأمان في تلك المناطق , وعلى إثر ذلك قدمت الوساطة دعوة للحركة الشعبية قطاع الشمال بالحضور لإديس أبابا للتفاوض المباشر بينها وبين حكومة السودان في ذلك الاطار , ووصل إلى أديس وفد الحركة برئاسة رئيس الحركة مالك عقار والأمين العام ياسر عرمان وأثناء وصولهم قامت الدنيا ولم تقعد , بأن الحركة الشعبية ذهبت للتفاوض مع النظام للتوصل لسلام وأصبح الترويج هنا وهناك بأن الطرفين اتفقا على تقاسم السلطة بإعادة ولاية النيل الأزرق لرئيس الحركة والي الولاية سابقاً , وأن يكون نائب الوالي السابق لجنوب كردفان والياً لولاية غرب كردفان بعد أن تقدم أهل المنطقة لرئاسة الجمهورية بإعادة الولاية , وفي ذلك رأت الحكومة أن أقصر الطرق أن تصل لاتفاق مع الحركة الشعبية شمال ,علماً بأن الطرفين جلسا مع بعضيهما عبر الوساطة الأفريقية وأثناء وجودهما في مقر المفاوضات طلب رئيس الوساطة من الحركة التفاوض والحوار مع الحكومة في كل القضايا للوصول لسلام , لكن حسب ما أعلمنا به بأن وفد الحركة رفض المقترح , ورد الوفد على الوساطة بأنهم الآن يمثلون تحالف يضم أربع حركات والحركة الشعبية جزء من هذا التحالف , لكن إذا كان هنالك حوار فسوف نتحاور مع الحكومة كجبهة ثورية وليس كحركة شعبية , ولم يصل الطرفان لاتفاق حول المسالة الانسانية لكن ظل التواصل مستمر حتى أن حدث تطور آخر وجلس الطرفان للمرة الثانية لمناقشة الورقة الإنسانية , لكن السؤال المحير : بالأمس سمعنا تصريحاً من طرف الحكومة وتحديداً من الأمين السياسي للموتمر الوطني وكبير مفاوضيهم بأنهم دخلوا الآن مع وفد الحركة في الحوار والتفاوض السياسي وفي ذلك الموتمر الوطني نور أحزابه المشاركة معه في الحكومة وتم تكليف لجنة برئاسة كمال عبيد وأكد هو الآخر بأنهم سوف يبدأون التفاوض المباشر في المسائل السياسية مع الحركة ولم يقل الإنسانية (حلم الجعان عيش) وفي ذلك صرح الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال وفند تصريحات المؤتمر الوطني وأوضح بأنهم جاءوا للمسألة الإنسانية فقط وهكذا وضح الأمر, علماً بأن الحكومة الآن هي داخلة في جحر ضب تبحث عن من ينقذها من القرار 2046 لأنه بدأ العد التنازلي صوب موعد الثاني من أغسطس الذي حدده مجلس الأمن الدولي كحد أقصي لدولتي السودان للوصول على اتفاق حول القضايا العالقة بينهما وفي ذلك تعمل الحكومة جاهدةً لتقديم أي نوع من التنازلات من أجل فك الزنقة و معالجة المشكلة في النيل الازرق وجنوب كردفان لأن, وإذا لم يتوصل الطرفان لاتفاق سوف يتدخل مجلس الأمن الدولي تحت البند السابع وأول مهام سوف يقوم بها هي بلا شك القبض على البشير , ومعلوم أن الحركة الشعبية أبدت موافقتها للحوار مع الحكومة على قرار مجلس الامن والاتحاد الأفريقي أي خارطة الطريق المقدمة لمعالجة المسألة الأمنية في المنطقتين لأن الحركة الشعبية شمال داخلة في الملف الأمني وتبقي أمنية الحكومة الآن أن تستطيع الوساطة الأفريقية بالضغط على الحركة الشعبية للوصول معها إلى سلام بأي طريقة , لكن لا اعتقد أن الحركة سوف تقبل أي نوع من الإغرات مهما كانت ثمنها ولا يمكنها أن تتخلي عن رفاقها من تحالف كاودا أو بالأحرى حركات دارفور , علماً بأن القرار 2046 لم يشمل دارفور ولم تكن الجبهة الثورية طرفاً فيه والحركة الشعبية لديها تجربة في الاتفاقات الثنائية ولا اعتقد أنها تكرر مثل تلك الأخطاء وهي تعلم بأن الحكومة الآن في مراحلها الأخيرة , وأي تسوية معها في هذا الوقت يعني انقاذها , بالتالي على الحكومة أن تبحث عن منقذ بعيداً عن الحركة الشعبية قطاع الشمال ونأمل أن لا تكن الحركة الشعبية منقذة الإنقاذ . الطيب خميس [email protected]