.. [email protected] من الواضح أن حالة العصبية والتوتر التي بلغها النظام المتهاوي ممثلا في أجهزة عصاباته المسلحة قد باتت مرحلة من الجنون والخوف الهستيري من منظر المظاهرات ولو كانت تبعد عن مركزهم مئات الكيلو مترات ، فأصبحت لغة التعاطي مع الشباب الثائر سلميا هي صوت الرصاص الحي الذي حصد متظاهرين عزّل وهي مرحلة في العادة لا تلجأ اليها اية أجهزة عاقلة تهدف الى حفظ الأمن والممتلكات العامة ، الا اذا ووجهت بسلاح يقابلها ، وليس مظاهرات أشجار النيم والهتافات أو حتى حدف الطوب التي تقابل عادة بخراطيم المياه أو الغاز المسيل للدموع أو الضرب بالسياط والهروات في أحلك الظروف ! أما أن يكون السلاح هو الحل الأول والأخير ، فان ذلك يعني أن حكومة الانقاذ قد جاءت في لغة تخاطبها مع الشارع من الآخر! وبهذا تفتح على نفسها بابا من الجحيم لن تستطيع مهما بلغت من قوة على مواجهة لهيبه الحارق ، فالعنف لا يولد الا مثيله ، والدم لابد من أن بفجّر الدم والموت سيقود الى الثأرات لاسيما في منطقة مثل دارفور ونيالا تحديدا مدفون تحت ترابها أطنان من الجمر التي ستستوى على ناره مرارات لابد أن تتفجر في تلك الربوع المحّزمة بسياج من السلاح يلفها من كل جانب ! ولن تقف وحيدة في ميدان السجال مع صعاليك النظام الذين ظنوا أن السلاح الذي في اياديهم سيحميهم من مصيرهم الأسود هم ونظامهم الجبان، فجرح نيالا نزف حقيقة بغزازة من قلب بورتسودان و فصد بسكين الحقارة كبد كسلا وطعن في عمق كرامة دنقلا وضرب بمطرقة الصحوة على رأس ود مدني ! و أما الخرطوم فقد داس على قدمها بظلف الجاموس البليد والمرعوب الذي سيوقظ فيها غضبة الأسد الهصور ، مثلما كانت ضربة نيالا مسمارا اخترق ظهر القضارف و فتح دمّلا من الأسى المحتقن في كفي الدمازين وكادوقلي الماسكتين على السلاح الصاحي! و أنداح ذلك الأسى النبيل شوكا سيحرك حكة الأذى في كل مكان من أرجاء جسد الوطن الملتهب و يزحف نيلا لثأر مستحق لكل نقطة دم طاهرة سالت في نيالا الصمود ! أنتم من بدأتم ، وسيكمل لكم هذا الشعب ما بدأتموه وبالا عليكم ، لن يجدي حيالة عويل الندم وصراخ طلب الغفران ! فلا تتوقعوا أن يكون الرد على رصاصكم بالورود والقبلات ! و تبت يداكم النجسة التي امتدت لأرواح شرفاء وعفيفات الوطن ، الذين خطوا بتلك الدماء سطورا في كتاب تاريخ الثورة القادمة لن تمحوها رياح الأيام ولا مطر الليالي! فهي الأخلد في صخور الزمان ، وليست مثل مشروعكم الانكساري المكتوب بسطور الماء ! ولا نامت لكم عين من بعد اليوم ، لا في نهارالسودان اللاهب على السنتكم الكلبية اللاهثة، ولا ليله الطويل بكوابيس يقظتكم الراجفة ! و الله ناصر الحق والمطلوم !