"السبب .. الحماني العيد هناك أحضرو .. ليس درديق .. الشاعر ..انما أمرا" العيد هو حلم الطفولة الذي يكبر معنا ,وهو معنى التغيير السنوي الحقيقي في حياة كل منا .كل حسب قدرته . وفي ذكرياتنا " قشة الحوش- للعيد تختلف" ,وشمس العيد في شروقها تختلف .والفرش الجديد واللبس الجديد وشاي الصباح ببسكويت العيد والخبيز والطابونة ..وفطور العيد ...وصلاة العيد ..والشوارع ..ونساء الحي يكنسن الشوارع ليلة وقفة العيد .. العيد ..والعيد امبارك عليكم ,وكل عام وانتم بخير وكل سنة و انتو طيبين بمختلف اللهجات ...يبارك الناس العيد .. وأنا هنا حنينا يتمزق .. ليلة العيد....اشتاق ان اطوف في شوارع مدينتي والسوق الكبير ..اصوات الناس ..وصحية مع اذان الفجر وزيارة المقابر التي هي اول مراسيم الاحتفال وهي المناسبة الوحيدة التي تصبح فيها المقابر مكان لمة وفرح ,فهذا قبر جدي الرابع وذاك قبر جدتي الثالثة ..هكذا كانت جدتي توقفني لاقرأ لها الشواهد القديمة في مقابر مدينتنا وتدافع الاطفال في المراجيح و الحنيين .. اذن لماذا لا احسم الحنين لماذا لا اتي ..واحضر العيد هناك ؟؟ ليس السبب التذاكر ولا الطيران ولا أي شيء من هذا القبيل ..الدخول في الشبكات هين لكن التأمل في الخروج. السبب الحماني هو ان تأشيرة الخروج تمر عبر المرمطة في جهاز شئون المغتربين . الضرائب الباهظة ...حكايات ضرائب المغتربين يشيب لها الولدان ..وحتى نحصل على التأشيرة هناك الف سكة خطر..خدمات, )أي خدمات ؟ ( خدمة الزامية .ضرائب .زكاة ..متأخرات .... ثم رسوم التأشيرة بحسب افراد الاسرة ... العجب العجاب اذا طالبت بتخفيض .او تأجيل ..تواجه بردود و اسئلة, كأنك مستتاب من منكر فعلته كأنك تتسول الوطن و شوفة الاهل في الاعياد. من موظف في بلدك يحدد لك كيف ومتى يجب ان تاتي لتحضر عيد في وطنك .اي حد من أي من الجنسيات هنا يستطيع ان يقرر ان يحضر العيد هناك إلا نحن .لأننا الجنسية الوحيدة التي مفروض عليها ضرائب .وعلينا ان نفكر كثيرا لنقرر. السبب الحماني هو ما حدث لي في اخر زيارة .فبعد ان مررت بكل الاكشاك المعدة ليدفع المغترب ضريبة ما يتخيلون من راحة وعيش رغد ,بعد ان يتم تقدير الضريبة .نبدأ في محاولات التأجيل والتخفيض , قال لي احدهم بعد شرحت له انني لا استطيع ان ادفع كل هذا المبلغ " تاني مرة ماتجي الجية المشحتفة دي " تصوروا يقرر لك سوداني مثلك ان تأتي الى وطنك "جية غير مشحتفة " .اي قانون؟ أي منطق؟ الذي يجعل واحد يحدد لي المبلغ الذي يجب ان يتوفر عندي حتى يتثنى لي الدخول الى بلدي. السبب الحماني ,هو بعد ان قرر لي المبلغ الذي يجب ان ادفعه بعد التخفيض ,وقفت في الصف لطويل وسمعت ما سمعت ولقيت ما لقيت ,كيف يوجهني احدهم انه لا يجب ان اقف في صف موازي للرجال ويفتي اخر انني ينبغي ان انزوي في مكان ما حتى يخلص صف الرجال ,وعندما وصلت الى الشباك واكتملت الاجراءات اخذت مني الموظفة الجوازات انا والأولاد للتأشيرة. السبب الحماني ,هو ان جوازي وجوازات صغاري ,صارت تحت رحمة مجهول , لن استطيع ان اوصف مهما ابدعت ,كيف اني تبهدلت ,قالوا تعلي بالباب الخلفي فذهبت,لم اجد مسئولا .اغلق الباب في وجهي , عدت للشباك ,قالوا لي ان جوازي عند" فرد "فلان" اشاروا لي عليه ,قال لي تعالي بالباب الخلفي ,ركضت مرة اخرى انتابني خوف انني لن احصل على الجوازات ,وعند الباب الخلفي قالوا لي ممنوع الدخول .سالت من المسئول هنا ؟من المدير؟ ,لم يدلني احد , ظهر الفرد ونظر الي باتهام , وتخويف نظرة لن يعرفها إلا من وجهت له لن استطيع وصفها .هي ذات النظرات التي دفعتني لاتخاذ قرار الهجرة والرضا به ,ٍ سألت الله في سري "وقل الله ينجيكم منها ومن كل كرب " و بي ريق يابس سالت .. جوازاتي يا ابني .. رد قائلا "اذا مستعجلة ارجعي الشباك واقيفي في الصف ." رجعت للشباك ووجدت الموظفة قلت لها اسمعي انتي اخذتي جوازاتي وانتي المسئولة منها .وأنا معي الايصال .قالت اقيفي في الصف .وقفت حتى سابت ركبي. والى ان قضى الله امرا كان مفعولا. السبب الحماني . نحن ندفع نوعين من الضرائب واحدة ظاهرة وأخرى مستترة هذا من الناحية المادية .لكن هناك ضرائب اخرى اغلى بكثير. -1 نحن ندفع اكبر ضريبة وهي ضريبة البعد عن الوطن , -2 ضريبة الزرزرة والشتم مثل "تاني ماتجي جية مشحتفة زي دي " التقول هو ضاربو معاي حجر دقش في الفلوس دي . -3 ضريبة المخاطرة في الجوازات التي حدثت لي لا ادري الى أي مدى كان يمكن ان يتطور الامر فكما ذكرت لم يدلني احد على مسئول اشتكي له . وكما قال الشاعر صلاح احمد ابراهيم رحمه الله "وأنا حالي في بعد الوطن دفعني ضي العين تمن" هذه الضريبة الكبرى . والسؤال الاهم اين تذهب هذه المليارات ."والله مانا ندمانيين على ارواحنا تدفع ضريبة ,للوطن" لكنها الى حيث ذهبت مقدرات الشعب السوداني وثرواته تذهب . هذا هو السبب الحماني العيد هناك احضروا .