يقول علماء اللغة: إنها كائن حي يمر بمراحل القوة والضعف مثلما يحدث للإنسان، وتحيا فيها ألفاظ وتموت أخرى. ومع بدايات السودانيين في الهجرة وفي عالم الاغتراب، دخلت مفردات جديدة، وولدت لغة لا تزال تنبض بيننا بالحياة، بل قد تكون الأيام زادتها قوة وانتشارا، حتى غدت من المتداول اليومي الذي لا يخلو منه حوار أو حديث، وهذه وقفة سريعة عند بعض ملامح لغة المغتربين التي تعكس نمط حياتهم ومشغوليتهم، وهمومهم والمدار الذي تسبح فيه حياتهم التي يحلم الكثيرون بالانفكاك عنها ظافرين والعودة إلى الوطن غانمين، وهذا ما نتمناه لهم بالطبع ويتمناه كل محب لأبناء الوطن الغالي. أولى الكلمات: كانت أولى المفردات التي اقتحمت حياة السودانيين مع بداية ظاهرة الهجرة في سبعينيات القرن العشرين كلمة: عَقْد: والكلمة تنطق عند الغالبية «عَقِد» بكسر القاف. ويقصد بها عَقْد العمل، وكان الناس يجمعونها جمع مؤنث سالم فتصير «عقودات»، أو جمع تكسير «عقود». فيزا: وينطقها العامة «بيزا»، ويقصد بها تأشيرة العمل. فيقول دقيت الفيزا، يقصد بالجملة هذه، وضع الفيزا على الجواز. الحجز: ويقصد بها حجز المقعد على الطائرة المغادرة للوطن. الكفيل: وهو في لسان العرب «الضامن» ومعناها الشائع الآن هو صاحب العمل، وهو معروف لمن يعملون في السعودية والخليج. الخروج: يقصد بها تأشيرة الخروج من السودان. الخروج والعودة: ويقصد بهما تأشيرة الخروج من بلاد العمل والعودة إليها. عودة: تأشيرة الخروج والعودة. وعندما يقول المغترب أنا خرّجت، فهو يعني: أنا حصلت على تأشيرة الخروج. وعندما يقولون: فلان دق نهائي يعنون أنه حصل في جوازه على تأشيرة خروج نهائي، فكلمة «دق» تعني وضع التأشيرة على الجواز، ويبدو أن المعنى جاء من وضع ختم التأشيرة على الجواز، حيث يوضع الختم ويحدث صوتاً كالجلد السريع على الجسم، أو كالوشم على الجلد. المساهمة: ويقصد بها ما يدفع من أتاوة للحكومات السودانية المتعاقبة. رسوم المغادرة: ما يدفعه المسافرون المغتربون وغيرهم في المطارات. الشيكة: ويقصد بها الشيك. الشنطة: ما يرسله المغتربون من هدايا عبر الشحن الجوي أو البحري، يقولون: فلان رسل أو أرسل شنطة «خاصة في الريف». الدوام: وقت العمل، حيث دخلت هذه الكلمة في قاموس المغتربين بديلا عن كلمة «الشغل» السائدة في بلادنا. الضرائب: ما كان يدفع من ضرائب حكومية، وكانت عبئاً ثقيلاً على المغتربين. الإعفاء: دخلت الكلمة في مجال السيَّارات والسلع المختلفة التي يستجلبها المغتربون والبحث عما يخفف المكوس والضرائب المفروضة عليهم. وهناك الكثير من المفردات التي أضافتها «ثقافة الاغتراب» إن جاز التعبير، فالمغتربون قطاع جديد تعامل مع مفردات جديدة.