بالمنطق (أنثى) و------- (مسافة) ..!! صلاح الدين عووضة *تحت عنوان (أشقاكم التكاثر) كتبت كلمةً - قبل فترة - أشرت فيها إلى ظاهرة (الكثرة السالبة !!) في بعض مناحي حياتنا .. *والكثرة هذه لا تخلو من (محاكاة !!) في العديد من الجوانب .. *فالمتسولون - مثلاً - يُحاكي بعضهم بعضا في إسلوب الشحدة ( الملحاح !!) .. *و(ستات الشاي) يحاكي نفر ٌمنهن أخريات في بيع (حاجات تانية !!) إلى جانب ما يبعن من قهوة وشاي وحلبة .. *وأصحاب الكافتيريات (الكثيرة) يُحاكي كل منهم الآخر في جعل (الساندوتش) عبارة عن عيش و(دواقة !!)أو...(شمومة!!).. *ولكن المحاكاة الأكثر إثارة للغيظ فهي تلك التي في بعض مجالات الإبداع مثل الشعر والقصة والغناء .. *فكل يوم نحن لدينا - على الأقل - مطرب جديد ، أو شاعر جديد ، أو قاص جديد ... *ثم لا تستطيع أن تميز بين ( الكثيرين ) هؤلاء - بسبب دقة المحاكاة - إلا بالصورة .. * بل وربما يصُعب التمييز حتى بالصورة هذه للسبب نفسه ... *فلا الشعر ( مفهوم !!) ، ولا القصة ، ولا الأغنية ... *فمفردة ( الأنثى !!) - مثلاً - تجدها ب(كثرة) في قصيدة الشاعر هذا بمثلما تجدها في قصيدة الشاعرة تلك .. *وعبارة ( أجنحة السكون !!) تجدها ب(كثرة) في قصة القاص (الفلاني) بثلما تجدها في قصة القاص (الفلتكاني) .. *ومصلح (المسافة !!) تجده ب(كثرة) في غناء الشابة هذه بمثلما تجده في غناء الشاب ذاك .. *والبارحة أطلعت - بالصدفة - على جانب من قصيدة لروضة الحاج فلم أفهم شيئا ... *وحتى لا أُتهم بالتحامل على روضة - بسبب ( أنقاذيتها) - فإنني أدعوكم إلى أن تقرأوا معي الكلمات هذه : *(لو كنت تعرف أنني من أوجه الغادين والآتين أسترق التبسم ) .. *(أستعيد توازني قسراً ) ...... *(لو كنت تعرف أنني أحتال للأحزان .. أرجئها لديك) ... *(وأسكت الأشجان حين تجيء) .... *(طيب) ؛ هل منكم من فهم - لحد هنا - ما عجز عن فهمه كاتب هذه السطور ؟! .. * فإن كانت إجابة أحدكم تبرر لعدم فهمه ب(الغموض الذي هو طابع الشعر الحديث) فليرحمنا منها .. *فنحن نتحدث عن قصيدة شعرية يفترض أنها تخاطب ( الوجدان !!) لا مسألة حسابية تخاطب ( العقول !!)... *أما إن قال أحدكم أن المشكلة في صاحب هذه الزاوية نفسه فكيف يفهم - إذاً - أشعار لبيد ووجرير وشوقي وإيليا وجماع ومحجوب شريف وأزهري محمد علي ؟! .. *وكيف يفهم - كذلك - قصص نجيب محفوظ وهمنجواي ودستوفسكي وعيسى الحلو ؟! .. *والآن ؛ إن جاز لي أن ألخص أزمة ( الكثرة !!) في مجالي الشعر والقصة - تحديداً - فيمكن أن أقول إنها تتمثل في (الاستسهال !!) .. *(يعني) الواحد من هؤلاء يستسهل (الحكاية) ما دام هناك (محاكاة !!) و معها شيء من (الغموض !!) .. *فمفردة ( أنثى) من هنا وكلمة ( مسافة) من هناك ومعهما (شوية غموض) و ..........(خلاص) .. *ثم بعد ذلك يُصدق (بتاع الأنثى !!) أنه قد صار شاعراً - بالفعل - فيتعجل الشهرة عبر (الطرق !!) على بوابات الإعلام .. *ويفعل (بتاع المسافة !!) الشيء ذاته بعد أن يُصدق أنه قد غدا قاصاً .. *ولو أن (الشحاتين) الكثر انتبهوا إلى أهمية توظيف موهبتهم (المحاكاتية !!) في المجالين هذين لخلت العاصمة من (جنس متسول).. *ولأضحى لدينا من الشعراء ما تعجز أي (أنثى !!) عن حصرهم ........ *ومن الروائيين ما تضيق أي (مسافة !!) عليهم !!!!!! الجريدة