بقلم :محمد على اونور [email protected] بالرغم من انى لا اميل الى توزيع المساهمات الوطنية فى مجالات السياسة والاقتصاد والفن والرياضة وفقا لمحاصصات سياسية او جهوية او اجتماعية واعتقد ان اى مساهمة من قبل احد افراد الشعب السودانى يجب تنسب الى الإنتماء الى الوطن الكبير لا الى كيان سياسى او اجتماعى او جغرافى وأُومن بان كافة المكونات السياسية والاجتماعية فى السودان ساهمت بقدر كبير فى النجاحات التى تحققت كذلك الاخفقات التى مرة بها المسيرة الوطنية الا ان اغنية شعبية سمعتها فى احدى المحال التجارية تقول فى احدى مقاطعها (بلد ما فيها نوبة فيها صعوبة) جعلتنى اشعر بمرارة فقد الاخ العزيز الشهيد مكى على بلايل الذى استشهد كما هو معلوم فى حادث تحطم طائرة الانتنوف المشئومة على مشارف مدينة تلودى واستشهاد جميع ركابها من خيرة ابناء هذا الوطن هذا الحادث المؤلم افسد عينا فرحت العيد مع التلسيم بقضاء الله وقدره هذه الاغنية البسيطة تبرز مؤشرات وحقائق واقعية دون التقليل من مساهمات الاخرين لدور ومساهمة ابناء جبال النوبة فى المسيرة الوطنية عبر مختلف الحقب فى تاريخ السودان وكذلك كقوى منتجة فى كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والفنية والرياضية حتى العسكرية اثرت الحياة الاجتماعية فى السودان كما يتمتع النوبة بقدر كبير من التعايش السلمى و التسامح الدينى بالرغم من وجود احيانا مسلمين ومسيحين بين افراد الاسرة الواحدة الامر الذى يعكس انتشار ابناء النوبة فى كافة مدن وارياف السودان وممارسة حياتهم الطبيعية فى وئام وانسجام مع بقية مكونات الشعب السودانى لذلك اجد نفسى من اكثر الناس حزنا واسفا لما يدور من نزاع مسلح فى منطقة جبال النوبة بين ابناء الوطن الواحد فجبال النوبة لا تستحق ما نشهده الان، وانسان جبال النوبة يستحق ان يعيش فى سلام وامن وان ينعم بالتنمية ويرفع عنه الغبن التاريخى والتهميش المتطاول ونامل ان تفضى المفاوضات الجارية الان فى اديس ابابا بشان النزاع فى منطقى جنوب كردفان والنيل الازرق الى سلام وامن واستقرار حتى ينعم انسان المنطقتين بالتنمية وينصرف الى الانتاج ويواصل مسيرته فى رفد الحياة الاجتماعية فى السودان بمساهماته الثرة جاء الشهيد مكى على بلايل من رحم هذه القومية الغنية بالارث التاريخى و الثقافى ولكنه كان ابنا بارا لكل السودان ومضى شهيدا من اجل ارساء دعائم السلام وطوال مسيرتة السياسية ناضل مكى على بلايل من اجل وحدة السودان وقضايا الديمقراطية والحرية والسلام وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة فى ربوع السودان واستحق بجدارة ان نطلق عليه شهيد السلام والعدالة والاجتماعية وكان مناصرا للمستضعفين والمظلمين والمهمشين وعمل على بث الوعى وتبصير المواطنيين بقضاياهم عبر كافة المنابر ولم ببخل بفكره وعلمه وماله فى سبيل رفعة هذا الوطن مكى كان شخصية محبوبه يتمتع بتواضع العلماء وكارزيما سياسية يجربك على احترامه وتقديره سواء اتفقت او اختلفت معه فكان شخصية غير عادية بالرغم من صغر سنه مقارنة بالقيادات السياسية الاخرى وزعماء الاحزاب تمكن فى فترة وجيزه بقدراته وطرحه وامكانياته ان يحجز لنفسه مكانا مرموقا فى الساحة السياسية ربما ادركت الحركة الاسلامية مبكرا قدرات مكى السياسية وامتلاكه ناصية الخطابة والقدرة على ترتيب افكاره وعرضها بشكل جيد ارادت الجبهة الاسلامية تصعيد مكى من باب الرمزية والجهوية لسحب البساط من تحت اقدام الزعيم الراحل الاب فليب عباس غبوش صاحب النفوذ السياسى الواسع بين ابناء جبال النوبة فى حقبة السبعينات والثمانيات ولكن مكى رفض ذلك ودلف من الباب الكبير عن جدارة و اصالة وعدالة واستحق لقب الشخصية القومية تلك الصفة التى مازالت حصرية على القيادات المركزية وعصية على ابناء الاقاليم الاخرى مهما كان حجم مساهمتهم وكسبهم على المستوى القومى فى كافة المجالات تعرفت لاول مره على الاستاذ مكى على بلايل فى منبر الخرطوم لدعم السلام الذى اسسه الدكتور عصام صديق فى عام 202 ابان مفاوضات نيفاشا وكانت افكاره و ارائه ومواقفه تنم عن قدر كبير من الوطنية الوعى السياسى الكبير وكان من اكبر الداعمين لخيار السلام وفى كل مره كنت ازوره فى مكتبه بعمارة ود الرضى بشارع الحرية كنت اجده ممسكا بالمصحف الشريف ويتلو القران الكريم وبعد التوقيع على تفاقية نيفاشا التقيت به مجددا فى منبر مبادرة شبكة مظمات المجتمع المدنى الذى خصص لمناقشة برتكولات نيفاشا والتبشير بالسلام الذى تحقق فالرجل كان حاضرا ومشاركا اينما وجد منبر لدعم السلام فلا نستغرب استشهاده فى رحلة البحث عن السلام ومشاركة اهله بتلودى فرحة العيد حيث صعدت روحه الطاهره وارواح رفاقه الميامين مع بداية التكبير لصلاة العيد الا رحم الله الشهيد مكى على بلايل ورفاقه شهداء تلودى واسكنهم جميعا جنته مع الصدقين والشهداء ولا نقول الا ما يرضى الله ، انا لله وانا اليه راجعون .