اختطاف والى..... منتصر نابلسى [email protected] الغربة بصخبها ونصبها وتداعياتها ......اخذت منه الكثير، استلبت الأحلام...مهدرة الأيام ،استحلت وأباحت منه ما شاءت ،استقطعت و استحوزت على ما تريد منه، ولم تعطيه إلا تقتيرا ... بعد الشد والجذب ، والمد والجذر...و سرابات الأماني أحيانا..ولا يهم... لا يهم أن الغربة هي التي اختارته ..أم هو من استسلم لها وأذعن منصاعا....يردد العبارة كأنه يمضغ حروفها مضغا.. ايه الغاصبك على المر... يا جعفر ...غير الأمر منو..... سكنته الغربة من سنين طوال ، تمادت فيه ، حتى أدمن الخوف ... خوف من العودة تجاذبه... وخوف من المجهول فيها يغالبه .... فظل هكذا في غربة يغذيها ...التوجس.. بين الخوفين.... والى ابنه الوحيد من زوجة تركها في الوطن، بعد أن اختلفت الاتجاهات، فمضى جعفر في طريق مغاير .... وأثرت أم والى انتظار زوج جديد ....بين إلياس والرجاء ...المهم راجل ولا ضل حيطة ،بعد أن دخلت قائمة المطلقات... حيث تضيق فرص.... الاختيارات والخيارات.... ساقت الأقدار جعفر إلى دولة خليجية ،حيث عرف طعم الغربة ،بشتى ألوانها وضروبها تزوج بأخرى (منى) ، بحثا عن سعادة تدثر أيامه.... في تلك الديار الخاوية من دفء العاطفة ،مضت سنوات ترقب بان يرزقه الله سبحانه بطفل من زوجته الجديدة ،فربما تضحك غربته وينسيه المولود خشونة الواقع ويرضى حاجة في نفس يعقوب ... وتمر الأيام حسب جعفر....بعضها وتساقطت من حساباته البعض الآخر ... ولم تنجب زوجته الجديدة ... احضر ابنه الوحيد والى من السودان... أمنية أن ينموا بين أحضانه وأخرى أن يكمل دائرة الفرح المنسية ،وينسيه كوابيس الوحدة والخواء.... على أن يعود والى كل سنة إلى السودان ...ليرى والدته. هكذا مضت أحلام جعفر بين التمني والرجاء ... ابنه والى يمضى قدما في دراسته ... يحاول أن ينصهر في واقعه الجديد يبنى صداقات طفولته ... وتمضى الأيام وبين طياتها دائما يختبئ القدر المجهول... ربما هنا ... أو ربما هناك..... صباح ككل صباحات الغربة ... جعفر ومعه ابنه والى.... ينصرف إلى عمله تاركا والى وقد دخل أروقة المدرسة .... يا كل الزمن ما تبقى من اليوم....الساعة الثانية تتصل زوجته منى من البيت بان والى لم يصل حتى اللحظة ... لم يشعر الأب بالخوف إلا بعد أن علم من أدارة مدرسة ابنه أن لا احد موجود بالمدرسة ... امتلكه التوجس....حاصرته الاحتمالات وفتحت له الأبواب.... اتصل بالشرطة ...المستشفيات... دارت به الدنيا ... سأل الجيران الأقارب...البقال ... سأل ولكن لا اثر لابنه الوحيد والى ... لحظتها أظلمت كل الدنيا في وجهه... واستولت عليه شياطين الرعب...ذكر الله بكل أسمائه سرا وجهرا...أكثر الدعاء تبتل .... اليوم الثالث على اختفاء ابنه والى ..ولا اثر له كأنما ابتلعته الأرض بدون ان يترك اثر.... اسكته الصمت ....و.... بكى جعفر بقدر حجم المصيبة ....بكى .... بعيون قد ارهقها القلق واتعبها الفراق .... قام وهو يجرجر رجليه ... يجب ان اتصل على ام والى فى السودان يجب ان اخبرها... ثم تردد ماذا اقول لها يمسك الموبايل بيد مرتجفة ويتصل بالسودان... صوت الجرس ثم ترفع السماعة من الطرف الثانى.... يقول بصوت قد حشرجه البكاء ....الو الو يسمع الرد من صوت لا يشبه اى صوت ... صوت ابنه ...والى .... والى ... فيرد الابن الصغير بصوت مرتجف..... بابا والى .. ان وين.انت كيف ...سافرت... مين ... لا يسعفه صوته الذى اختلطت فيه كل ثورات الانفعال فبكى جعفر..... وبكى والى الصغير.... ولكن كيف ؟.... لقد خطفت الام ابنها وبطريقة لا يعلمها احد ثم قامت بتهريبه الى السودان... فهل ياترى كان ذلك خوفا على ابنها والى؟ ... ام نكاية بزوجها جعفر.... الذى تزوج بعد ان طلقها ؟